لا تزال أزمة الغاز مستمرة في سوريا، من ارتفاع في سعره إلى التلاعب بوزنه، إضافة إلى انقطاعه في كل فترة، إذ يواجه السوريون صعوبات كبيرة في كل شهر أو شهرين في تأمين “جرة الغاز” الواحدة، حيث يضطر الناس للوقوف لساعات طويلة من أجل الحصول على مخصصاتهم من مادة الغاز، بالإضافة إلى مئات العائلات التي تنتظر عدة أسابيع، وأحيانا شهر ونصف، حتى تصلهم رسالة من “البطاقة الذكية” للحصول على “أسطوانة” بسعر مدعوم.

شحّ في “الغاز”

يزداد ثقل الناس يوما بعد يوم، من سوء الخدمات في البلاد إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، في ظل تراجع دور الحكومة في ضبط الأسعار وعدم قدرتها على تأمين أبسط الخدمات المعيشية من (الغاز-الخبز-المحروقات-الكهرباء).

وبحسب صحيفة “الوطن” المحلية، في تقرير نشرته اليوم، فقد ارتفع سعر كيلوغرام الغاز المنزلي ليصل إلى 15 ألف ليرة سورية وبلغ سعر أسطوانة الغاز المنزلي 130 ألف ليرة وتجاوز سعر أسطوانة الغاز الصناعي مبلغ 180 ألف ليرة وذلك في السوق السوداء للغاز.

وكشف مصدر في جمعية معتمدي الغاز في دمشق للصحيفة المحلية، عن تأخر تزويد معتمدي الغاز بمادة الغاز المنزلي من فرع دمشق وريفها، موضحا أن مدة تزويد المعتمد بالمادة تجاوزت العشرين يوما ووصلت عند بعض المعتمدين إلى شهر كامل.

وبيّن المصدر ذاته، أن عدد الارتباطات لدى هؤلاء المعتمدين يتراوح بين 1500 و2500 ارتباط، وأن الكميات اليومية من الغاز المنزلي التي تزود بها العاصمة وريفها تراوحت خلال الفترة الماضية بين 14 و22 ألف أسطوانة يوميا وذلك حسب توفر الكميات، وفقا لتعبيره.

وأكد المصدر للصحيفة السورية، وجود نقص في وزن أسطوانات الغاز يصل إلى 400 غرام في كل أسطوانة ما يعني نقص 15 أسطوانة في كل 300 أسطوانة في ظل الوزن الحالي للغاز داخل الأسطوانة البالغ 8 كغ، مشيرا إلى أن تموين ريف دمشق نظمت ثلاثة ضبوط تموينية بخصوص هذه المسألة في معمل غاز “عدرا” خلال الشهرين الماضيين.

هذا وكان قد كشف عضو في “مجلس الشعب السوري” قبل أيام عبر منشور على صفحته الشخصية في منصة “فيسبوك”، عن وجود “سرقة موصوفة” لمخصصات المواطن من الغاز المدعوم حسب نوع الأسطوانة التي يتلقاها، متسائلا عن المستفيد من السرقة حسب وزن الأسطوانة الفارغة وكيفية جني الأرباح وتهريب المسروقات خارج معمل “عدرا” للغاز إذا كانت المدخلات لها مساوية للمخرجات.

وأوضح العضو في “مجلس الشعب السوري”، الطرق المتبعة في سرقة الغاز من الأسطوانات المدعومة وبيعها في السوق السوداء، على خلفية توقيف أحد المعتمدين بريف دمشق، الذي كان يتواطأ مع بعض العاملين بمعمل “عدرا”.

كذلك، وثق السوريون تعرضهم لحالات غش خلال حصولهم على مخصصاتهم من الغاز المنزلي أواخر الشهر الفائت، وذلك بوجود مياه داخل أسطوانات الغاز، والمثير للاستغراب أن كميات المياه ليست بالقليلة، حيث نشر أحدهم مقطعا مصورا على وسائل التواصل الاجتماعي خلال إفراغ الأسطوانة التي استلمها بعد انتظار طويل.

قد يهمك: الفوسفات السوري مقابل الغاز الإيراني.. ما مصلحة طهران؟

مشكلة “الأسطوانات التالفة”

ومن يملك أسطوانات غاز الآن لا يستطيع التفريط بها وذلك مع بقاء سعرها في السوق السوداء مرتفعا، حيث يتراوح بين 100 و150 ألفا للأسطوانة الواحدة من الغاز المنزلي وما يحدد السعر هو الحاجة للشراء أو للبيع لدى المستهلك، وفقا للمصدر من جمعية معتمدي الغاز لصحيفة “الوطن”.

الغريب أن هناك نقص في مادة الغاز في المؤسسات الحكومية ولكنه متوفر في السوق السوداء، لذلك يتساءل المواطنون اليوم، كيف يصل الغاز الى السوق السوداء بينما لا يتوافر لدى الحكومة، وأين دور الرقابة والتموين في الحد من هذه الظاهرة، وعدم استغلال جيوب المواطنين الذي لم يعد راتبه يتجاوز عتبة المائة ألف ليرة سورية.

وأشار تقرير الصحيفة المحلية، إلى بقاء مشكلة “التوالف” من الأسطوانات عالقة من دون حل في ظل عدم وجود أسطوانات حديد فارغة لدى “محروقات” على الرغم من رفع سعرها إلى أكثر من مئة ألف ليرة، موضحة أن المشكلة أصبحت تتعاظم لدى المعتمدين فعدد الأسطوانات التالفة المرتجعة من المستهلكين يصل إلى نحو عشرين أسطوانة في كل حمل ما يؤدي إلى تراكم الكميات “التالفة” لدى المعتمدين.

وكشفت الصحيفة، بحسب مصدرها من جمعية معتمدي الغاز، أنه لا يوجد حتى الآن أسطوانات جديدة وذلك أن المعمل الخاص بتصنيع هذه الأسطوانات أو إصلاحها لم يعمل بعد على الرغم من قيام محروقات بإعطاء إيصالات بيع للمستهلكين لكن المادة غير متوفرة.

في السياق ذاته، أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق، سائر شيحا، موضوع الضبوط التي نظمتها الضابطة العدلية بحق معمل عدرا للغاز، كاشفا عن تمكن الضابطة العدلية في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق من ضبط سيارة محملة بـ325 أسطوانة غاز منزلي أمام محل لديه رخصة لتوزيع الغاز في مدينة الكسوة وتبين وجود 295 أسطوانة بوزن نظامي 24 كغ للأسطوانة وكمية سبع أسطوانات فارغة إضافة إلى 23 أسطوانة بأوزان زائدة من 26 إلى 30 كغ، وفقا لصحيفة “الوطن”.

ولم يذكر شيحا، أي تفاصيل أخرى حول نقص مادة الغاز لدى المؤسسات الحكومية، وتجاوز مدة تزويد المعتمد بالمادة تجاوزت العشرين يوما ووصلت عند بعض المعتمدين إلى شهر كامل.

أزمة الغاز في سوريا، والارتفاع الكبير في سعره يوما بعد يوم، وعدم قدرة الحكومة على ضبط هذه الأزمة، أجبرت العديد من السوريين على استخدام البابور بدلا عن الغاز، في الطبخ سواء عبر استخدام الكاز الذي يبلغ سعر نصف اللتر منه 4 آلاف ليرة، أو مزج البنزين مع المازوت.

فضلا عن أن تكاليف معيشة العائلة الواحدة في سوريا لتصل نحو مليون ونصف المليون ليرة سورية شهريا، بسبب ارتفاع أسعار منتجات الطاقة والمواد الغذائية وتدهور اقتصاد البلاد عموما، وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتراجع الليرة السورية أمام العملة الأجنبية، وبالتالي تراجع قيمة راتب الموظف الذي لا يتجاوز وسطيا الـ 35 دولارا.

قد يهمك: سوريا.. الغاز يُسرق من الأسطوانات بطريقة احتيالية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.