انتخاب رئيس الجمهورية العراقية: هل يؤدي الصراع بين القوى السياسية إلى حل البرلمان؟

انتخاب رئيس الجمهورية العراقية: هل يؤدي الصراع بين القوى السياسية إلى حل البرلمان؟

ما زال انتخاب رئيس الجمهورية العراقية متعثرا، مع تصاعد الأزمة بين القوى السياسية العراقية. وينتظر المواطنون جلسة البرلمان العراقي المرتقبة يوم الأربعاء المقبل، الثلاثين من آذار/مارس، والتي من المنتظر التصويت فيها على انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. في ظل استمرار الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، اللذين يلعبان، وفقا للعرف السياسي العراقي، الدور الأساسي في تحديد الشخصية التي ستتسلم المنصب الأرفع في البلاد.

ولم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلسة مكتملة النصاب يوم السبت الماضي، السادس والعشرين من آذار/مارس، بعد فشله في الوصول للعدد المطلوب من النواب، وهو مئتان وعشرون نائبا. إثر مقاطعة قوى الإطار التنسيقي، الموالي لإيران، والاتحاد الوطني الكردستاني، ومجموعة من النواب الآخرين، للجلسة.

وحددت المحكمة الاتحادية العراقية، في وقت سابق، النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية بثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهو الأمر الذي فشل التحالف الثلاثي بقيادة مقتدى الصدر بتحقيقه حتى الآن.

طهران تدخل على خط أزمة الرئاسة

وقالت مصادر سياسية مطلعة إن “علي شمخاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، أجرى زيارة سرية إلى بغداد، التقى فيها بمجموعة من القيادات السياسية الشيعية”.

وبيّنت المصادر لموقع “الحل نت” أن “طهران تقود وساطة بين القوى الشيعية، للخروج من الأزمة السياسية قبل جلسة الأربعاء، لانتخاب رئيس الجمهورية العراقية”.

وأضافت أن “الوساطة تشترط عدول الصدر عن قراره بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، وانسحاب مرشحي رئاسة الجمهورية الحاليين: ريبر أحمد عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبرهم صالح عن الاتحاد الوطني. على أن يتقدم الكرد بمرشح توافقي للمنصب”.

لكن المعطيات والمعلومات المتوفرة تشير إلى استحالة عقد جلسة البرلمان يوم الأربعاء المقبل، بسبب إصرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية.

وأعلن الصدر في بغداد قبل أيام عن تشكيل ما يعرف بـ”تحالف إنقاذ وطن”، والذي ضم التيار الصدري؛ وتحالف السيادة، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي؛ فضلا عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.

واعتبرت القوى الشيعية الموالية لإيران إعلان التحالف الثلاثي بمثابة استفراد بالقرار السياسي، ومحاولة لضرب الفصائل والأحزاب القريبة من طهران، واستثنائها من المشهد العراقي. الأمر الذي أغضب طهران، وجعلها ترفض استقبال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، والذي كان من المقرر أن يزور إيران يوم الأحد الماضي

الصدر لا يقبل بالضغوطات في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية

رياض المسعودي، النائب عن التيار الصدري، يرى أن “قوى الإطار التنسيقي تريد فرض إرادتها السياسية، من خلال العمل على تعطيل جلسات البرلمان الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية العراقية”.

لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الصدر يرفض فرض الإرادة والاستقواء بالخارج. وما يزال مصرا على موقفه بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، لا شرقية ولا غربية”. حسب تعبيره.

وأشار إلى أن “هناك مفاوضات جارية مع عددٍ من النواب المستقلين لإكمال نصاب جلسة الأربعاء لانتخاب رئيس الجمهورية العراقية. ولدينا أدلة بأن هناك نوابا تعرضوا للتهديد من قبل قوى مسلحة، لمنعهم من حضور جلسات البرلمان، ولكن مشروعنا سيمضي رغم كل تلك المحاولات”.

وتطالب قوى الإطار التنسيقي بالمشاركة في الحكومة العراقية المقبلة، وإعطائها حصتها من المناصب، الأمر الذي يرفضه الصدر، من خلال إصراره على حكومة أغلبية وطنية بعيدة عن التوافق، الذي سارت عليه عملية إدارة العراق بعد عام 2003.

ويضم الإطار التنسيقي القوى الموالية لإيران، وأبرزها الفصائل المسلحة والميلشيات، والتي يرى كثير من المتابعين أنها تريد الحفاظ على مكاسبها، وتخشى من انتهاء دورها، في حال لم تشارك بالحكومة المقبلة.

استمرار الانقسام الكردي حول انتخاب رئيس الجمهورية العراقية

وفي ظل تزايد الصراعات داخل البيت الشيعي فإن الوضع كرديا ليس أقل انقساما، إذ يستمر الخلاف بين الحزبين الكرديين الرئيسيين حول مسألة انتخاب رئيس الجمهورية العراقية.

أحمد هركي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، أشار إلى أن حزبه “سيقاطع جلسة الأربعاء، في ظل تعنّت الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومحاولته فرض مرشحه لرئاسة الجمهورية بالإكراه”، حسب تعبيره.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أنه “لايمكن عقد جلسة الأربعاء أبدا، بسبب تزايد النواب الذين أنضموا للمقاطعة، والذين يرفضون سياسية الإقصاء والتفرد بالسلطة”.

وأوضح أن “رئاسة الجمهورية العراقية هي استحقاق الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي لن يتنازل عنه، في ظل سياسية التهميش التي يحاول الحزب الديمقراطي الكردستاني فرضها، بالاستحواذ على المناصب في بغداد وأربيل”.

مقالات قد تهمك: التدخل الإيراني بإقليم كردستان العراق: هل سيؤثر قصف أربيل على تشكيل الحكومة العراقية؟

لكن ميادة النجار، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، تقول إن “حزبها حسم أمره، ولن يسحب ترشيح ريبر أحمد لمنصب رئاسة الجمهورية، مهما حصل من ضغوطات، أو محاولات لتعطيل عمل البرلمان”.

مؤكدة، في حديثها لموقع “الحل نت”، أن “خيار حل البرلمان وإجراء الانتخابات المبكرة مستبعد، لأن التحالف الثلاثي بقيادة الصدر لايزال يمتلك كثيرا من الخيارات، للمضي بمشروع تشكيل الحكومة”.

وأعلن تحالف إنقاذ وطن، الذي تم تشكيله حديثا بمبادرة من الصدر، عن ترشيح اسمي ريبر أحمد لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية، وجعفر محمد باقر الصدر لمنصب رئاسة الحكومة.

رأي قانوني حول حل البرلمان

وبحسب الخبير القانوني علي التميمي فإن “قرار المحكمة الاتحادية كان واضحا في فتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية لمرة واحدة فقط، وبالتالي فإن أمام رئاسة البرلمان مدة ثلاثين يوما فقط لانتخاب رئيس الجمهورية العراقية، وفق المادة 72 ثانيا من الدستور العراقي”.

وأضاف في حديثه لـ”الحل نت”: “بعد فشل انتخاب رئيس الجمهورية العراقية، في السادس والعشرين من آذار/مارس، فإن أمام رئاسة البرلمان مهلة حتى السادس من نيسان/إبريل فقط. فإذا تجاوزت هذه المدة سيتم حل البرلمان، بطلب من ثلث أعضائه، وموافقة الأغلبية المطلقة للنواب. أو من خلال استفتاء المحكمة الاتحادية، وهي أعلى سلطة قضائية عراقية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.