رغم انحسار نفوذ المعارضة العسكرية السورية إلى جيب في شمال غربي سوريا، يستمر الاقتتال بين الفصائل المنضوية تحت جناح “الجيش الوطني” المدعوم من قبل أنقرة. وكلما استمر الصراع باتت حالة الفصائلية المهيمنة على الوضع، والتي ربما تؤسس لعمل مافياوي في مناطق الشمال الغربي قائم على أساس تصفية الحسابات بالاقتتال واستهداف المدنيين وتعذيبهم وفرض إتاوات عليهم، عبر معابر التهريب.

استمرار للاقتتال الحالي

 بحسب رأي المحلل العسكري، العقيد عبد الله حلاوة، خلال حديثه لـ”الحل نت”، فإن فترة ركود وعدم وجود ضغوط داخلية أو خارجية كبيرة، وندرة الآفاق الحالية للتقدم العسكري. خلق حالة من عدم الثقة بالداعم، إذ توجهت الفصائل للأعمال الخاصة.

ويشير حلاوة، أنه بعد عام 2015، عندما تحولت تركيا إلى استراتيجيتها في التدخل المباشر في سوريا، استخدمت مجموعات المعارضة العسكرية كقوات غير نظامية في عملياتها العسكرية المختلطة: كعملية “درع الفرات”، 2016؛ وعملية “غصن الزيتون” 2018 ؛ وعملية “نبع السلام” 2019.

ووفقا لحلاوة، تمت إعادة تسمية هذه المجموعات باسم “الجيش الوطني السوري”، وباتت تركيا تزود فصائله بالتدريب والرواتب والأسلحة مقابل مشاركته في العمليات العسكرية التركية داخل وخارج البلاد بشكل عام، “حاليا يمكن القول إن تركيا أصبحت تسيطر على “الجيش الوطني” بعد فترة من تمركز القوة وإعادة هيكلتها”.

وبرأي حلاوة، إذا استمرت الديناميكية الحالية، فمن المرجح أن يستمر نظام الفصائلية، والاقتتال الداخلي والاندماجات والانشقاقات المتتالية عديمة الأهداف والرؤى، إذ أدت المنافسات الداخلية وعدم وضوح التسلسل الهرمي إلى تضخم الاقتتال الداخلي، ما أدى إلى وضع مفكك لفصائل ما يسمى بـ”الجيش الوطني”، أثر سلبا على المواطنين.

للقراءة أو الاستماع: معابر التهريب تشعل مواجهات دامية بين فصيلين من “الجيش الوطني” شرقي حلب

لماذا تنهار التشكيلات المتحالفة مع تركيا في سوريا؟

إعلاميا يسيطر “الجيش الوطني_، على أجزاء  من ريف حلب الغربي ومدينتي رأس العين وتل أبيض في شمال سوريا. ومع ذلك، كان الوطني بالكاد يعمل في القضايا الإدارية المحلية، والتي من المفترض أن يكون ضمن صلاحياته، وتركت الكلمة الأخيرة لأنقرة في الغالب.

وأشار حلاوة، إلى أن استمرار الغياب لقرار وطني، هو ما أدى إلى تشظي في هيكلية “الجيش الوطني” من خلال إعادة التشكيل ثم التصادم بين الفصائل وبعدها التوتر المستمر بين الفصائل أو التكتلات العسكرية على الموارد، والخطاب السياسي.

وأضاف حلاوة، بأن عدم وجود استعداد حقيقي من جانب الفصائل يعيق أي محاولة لتحويل التنافس إلى تعاون وثيق. كما أن تردد بعض الفصائل في اتخاذ خطوات أو إجراءات جادة من شأنها أن تسهم في تطوير وصياغة قرار وطني خوفا من الاصطدام مع الفصائل الأخرى، يشكل أيضا عائقا أمام أي قرارات مستقلة للجيش الوطني.

إن الافتقار إلى التنسيق والاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة، هي بعض القضايا التي تكشف عن فشل “الجيش الوطني” في السياق الإداري المحلي. فضلا عن تدخل تركيا في القضايا الداخلية في شمال غرب سوريا

وأوضح حلاوة، أن عدم وجود قرار داخلي من قبل “الجيش الوطني” في الأمور السورية البحتة يُعزى إلى “حالة الانقسام داخل الجيش وسيطرة كل فصيل على معبر معين، إلى جانب معابر أخرى غير رسمية يسيطر عليها فصائل تابعة للوطني، وكأنها حالة مافيا سورية”.

المعابر غير الرسمية، التي تستخدم للتهريب، تربط مناطق الجيش الوطني بأراضي الحكومة السورية، وفشل الجيش في حل العديد من القضايا في مناطقه مرتبط في الأصل بغياب مؤسسة عسكرية موحدة.

للقراءة أو الاستماع: بين الشمال والجنوب.. كيف يستفيد المسيطرون على المعابر؟

معابر التهريب تشعل مواجهات دامية

في ظل احتدام الخلافات على عائدات معابر التهريب الداخلية وهيمنة “الجبهة الشامية” على النصيب الأكبر منها، اندلعت اشتباكات مسلحة، الجمعة الفائت، بين الأخيرة وفصيل “أحرار الشام” شرقي محافظة حلب، أدت إلى مقتل وجرح عناصر من الطرفين، واستنفار عناصرهما.

مراسل “الحل نت” أفاد أن “الاشتباكات اندلعت في منطقة قرية الحدث شمال مدينة الباب، على خلفية استيلاء “الجبهة الشامية” على معظم معابر التهريب التي تربطهم بمناطق سيطرة القوات الحكومية من جانب، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” من جانب آخر”.

وأوضح،ا أن “كلا من معبر “عون الدادات” و “محسنلي” كانا تحت سيطرة الجانبين إلا أن “الجبهة الشامية” هيمنت عليهما بشكل كامل مؤخرا، لتضمهما إلى المعابر التي تقع تحت سيطرتها المطلقة، وهي عرب حسن وغنمة وصولا إلى حمران (جميع المعابر تقع شمال مدينة الباب)”.

وأشار أيضا، إلى أن “الجبهة الشامية” رفعت أيضا تسعيرة الدخول أو الخروج إلى 1000 دولار للحمولة الواحدة (البضائع) بعد أن كانت 500 دولار.

وغالبا ما تقع خلافات بين عناصر في فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من قبل أنقرة والتي تتطور إلى اشتباكات مسلحة، حول مغانم عمليات التهريب في الشمال السوري. ففي أواخر آذار/مارس الفائت، وقعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين عناصر من فرقة “الحمزة” من جهة، و”أحرار الشام” من جهة أخرى، بالقرب من معابر التهريب شرق مدينة الباب، إثر خلاف بينهما على تهريب شاحنات بضائع تجارية إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية، أسفرت عن وقوع جرحى من الطرفين.

للقراءة أو الاستماع: المعابر مصدر تمويل رئيسي لـ “هيئة تحرير الشام”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.