مجددا، عاد الحديث عن عزم البرلمان العراقي تشريع قانون “تجريم المعلومات”، لا سميا في ظل الرفض الذي يواجهه مقترح القانون من قبل قادة الرأي والصحفيين ومثقفون، لما فيه من محاولات لتكميم الأفواه، بحسبهم. 

القانون وبحسب تصريحات نيابية فأنه قد اقترب من التشريع في بداية الفصل التشريع الجديد لمجلس النواب العراقي، لما فيه من أهمية من حيث تحجيم الجرائم التي يتم ارتكابها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. 

أذ قال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر وتوت، في تصريح لوكالة “بغداد اليوم”، وتابعه موقع “الحل نت”، إن “لجنة الأمن والدفاع النيابية، عازمةعلى تمرير قانون جرائم المعلوماتية مع بداية الفصل التشريعي الجديد للبرلمان العراقي”.

توت أشار إلى أن “هذا القانون مهم جدا، خصوصا مع ارتفاع نسبة الجرائم المرتبكة عبر أو بسبب مواقع التواصل الاجتماعي”، مبينا أن “قانون جرائمالمعلوماتية، هدفه القضاء على الجرائم وليس تقييد الحريات، كما يحاول البعض الترويج لذلك، ونحن نحترم حرية التعبير والرأي والنقد، ولن نقبل تكميمالافواه”.

اقرأ/ي أيضا: بهدف “حماية القيم الأسرية والمجتمعية”: قانون “الجرائم المعلوماتية” في العراق يثير جدلاً حول حرية التعبير

رفضا واسعا

عضو لجنة الأمن والدفاع، أكد أيضا، أنه “نريد وضع قانون يحاسب كل من يرتكب الجرائم أو المخالفات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقعالالكترونية”.

ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020، ناقش أعضاء مجلس النواب العراقي، مسودة مشروع قانون “جرائم المعلوماتية”، وقرروا إجراء قراءة ثانية له في 29من الشهر ذاته. 

لكن منذ ذلك الحين واجه القانون رفضا واسعا، من قبل صناع الرأي العام والناشطين والصحفيين، لما اعتبره أن القانون محاولة للتضيق على حرية التعبير، ومحاولة لخنق الرأي العام من خلال تكميم الأفواه. 

وحينها، انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، مشروع قانون “جرائم المعلوماتية” الذي ينوي مجلس النواب العراقي تشريعه، معتبرة إياه يتعارض مع القانون الدولي والدستور العراقي.

اقرأ/ي أيضا: «قانونٌ إيراني بالمُجمَل»: رفضٌ واسع لقانون “الجرائم المعلوماتية” في العراق!

خنق حرية التعبير

وأكدت المنظمة في بيان أن “مشروع قانون بشأن جرائم تقنية المعلومات يمكن استخدامه لخنق حرية التعبير، التي تتعرض بالفعل للهجوم في العراق”. 

وبينت أن “المشروع يتضمن أحكاما غامضة تسمح للسلطات العراقية بأن تعاقب بشدة التعبير الذي ترى أنه يشكل تهديداً للمصالح الحكومية أو الاجتماعية أو الدينية”.

بالمقابل، نظم نشطاء عراقيون ومختصون وقفات منددة بالقانون، فيما أكدوا رفضهم القاطع له، خاصة وأن العقوبات التي يحتويها القانون تصل إلى السجن لعشرة أعوام وغرامات كبيرة.

وتضمن قانون جرائم المعلوماتية أكثر من 20 مادة أدرجت تحتها فقرات عدة، نصت جميعها على عقوبات متفاوتة تصل للحبس لثلاثين عاما، وغرامات مالية تصل إلى 100 مليون دينار عراقي، وركزت تلك الفقرات على المعلومات الإلكترونية، وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة.

ومن أبرز المؤاخذات على القانون المطروح هو منح السلطات إمكانية محاكمة المدونين على قضايا مثل إنشاء حسابات إلكترونية بأسماء غير الأسماء الحقيقية لأصحابها، وعدم التفريق بين الانتقاد والسب للشخصيات العامة والمؤسسات، وكذلك تقييد الوصول للمعلومات وحق نشرها، خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد.

 طموحات سياسية

بدوره. يقول الناشط السياسي علي الشمري في حديث خاص لوقع “الحل نت”، إن “هناك جهات سياسية بعينها تقف خلف محاولات تشريع القانون، لاسيما وأن عدة محاولات في الدورات البرلمانية السابقة فشل في تمرير القانون، بالتالي هناك من يحاول استغلال صمت الشارع وعدم الاستقرار السياسي الذي تمر به الدولة لتحقيق غايته”.

كما أن “تلك الجهات التي تقف خلف القانون هي من تضررت بمواقع الشارع منها والرفض التي تواجهه من قبل النشطاء والصحفيين والحقوقيين، خصوصا وأن مستويات الرفض في السابق لم تكن في هذه الحدة بالتالي مع تصاعدها اليوم نجد تلك القوى من حين إلى آخر تحاول تشريع القانون ليقاف ذلك الرفض الذي تواجهه”.

الشمري لفت إلى أن “تلك القوى هي نفسها التي حاولت إخافة المناهضين لها من خلال عمليات الخطف والقتل، والترويع، لكنه مع عدم فعالية تلك الأدوات الإرهابية نجدها تلجأ اليوم لإيجاد قانون يحميها من خلال تواجرها في المواقع الحكومية”

أردف أن “القانون يحتوي على الكثير من العبارات المطاطية، وصياغته بمجملها فضفاضة ولا تختلف عن صياغة بعض الفقرات الدستورية التي تم إقرارها ما بعد العام 2003 لتتحول منذ ذلك الحين العلة الأساسية التي تعاني منها البلاد، من الطبيعي أن لا نسمح بتكرار تلك الكارثة، التي إذا ما مرت ستلازمنا لعقود وتضعنا تحت طائلة الملاحقة، ويبقى الفاسدون وحدهم يعيثون في البلاد فسادا”.

من جانبه، يرى أحمد الغريباوي، الناشط البارز في الحراك الشعبي الذي اجتاح البلاد في أواخر العام 2019، في حديث خاص لموقع “الحل نت”، أن “البلاد لا شك تحتاج إلى ضابطة تنظم النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما وأنه بات استخدامها يميل إلى المنطقة السيئة أكثر من غيرها”.

لكن “طبيعيا أن لا يكون ذلك على حساب الحسنة الوحيدة التي تم اكتسابها ما بعد 2003، ألا وهي حرية التعبير، بالي أنه إذ ما فعلا كانت هناك إدارة لإيجاد حل لمشكلات التواصل الاجتماعي، فلا بد أن يتم الاستعانة بخبراء ومنظمات مدينة تشرف على كتابة قانون يضمن حريات الجميع، لا أن يفصل على مقاسات الفاسدين”.

اقرأ/ي أيضا: الأمن العراقي يواصل تحجيم جرائم “الابتزاز الإلكتروني”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.