بهدف “حماية القيم الأسرية والمجتمعية”: قانون “الجرائم المعلوماتية” في العراق يثير جدلاً حول حرية التعبير

بهدف “حماية القيم الأسرية والمجتمعية”: قانون “الجرائم المعلوماتية” في العراق يثير جدلاً حول حرية التعبير

تتسع موجة الرفض الشعبي والمؤسساتي، يوماً بعد يوم، إزاء نية #البرلمان_العراقي إقرار مشروع قانون “الجرائم المعلوماتية”، القاضي بتقنين استخدام وسائل الاتصال الالكترونية، وتحديد مداها، وتجريم المخالفين.

معارضو القانون يرون فيه تضييقاً على الحريات، وتراجعاً عن المكاسب الديمقراطية في العراق، ما دفع البرلمان العراقي لتأجيل التصويت على القانون لأجل غير مسمى.

 

قانون يضيّق على الحريات

وفقاً لـ”مؤيد اللامي”، نقيب الصحفيين العراقيين، يتضمن القانون مواداً «كارثية»، وهي «تتعارض روحاً ونصاً مع المادة 38 من #الدستور_العراقي، التي ضمنت حرية التعبير عن الرأي»،  موضحاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «بنود القانون كُتبت على عجل، وتضمنت مواداً تتنافى مع حقوق الانسان»، حسب تعبيره.

ويؤكد “اللامي” أن «صحفيي العراق لا يطلبون إلغاء مسودة القانون، بقدر مطالبتهم بإقرار قانون يحمي الحريات، ولا يرهب الصحفيين»، مشيراً إلى أن «العراق لديه تعهدات دولية، ينبغي الالتزام بها، دون المساس بالحريات العامة».

نقيب الصحفيين، الذي يؤكد أن الأحزاب العراقية الراسخة «أساءت استخدام الإنترنت، وارتكبت المخالفات القانونية، وكوّنت الجيوش الالكترونية، التي تدافع عن برامجها»، يدعو البرلمان العراقي إلى «التراجع عن المضي في إقرار القانون قبل تعديل بنوده».

ويحتج المعترضون على جملة من مواد القانون، من ضمنها الفقرة الرابعة من مادته الثامنة، التي نصّت على «العقوبة بالسجن، مدة لا تقلّ عن سبع سنوات، ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقلّ عن عشرة ملايين دينار عراقي، ولا تزيد على خمسة عشر مليون دينار عراقي، على كل من استخدم شبكة المعلوماتية، أو أحد اجهزة الحاسوب وما في حكمها، بقصد الاعتداء على المبادئ والقيم الدينية أو الأسرية أو الاجتماعية».

 

غموض في صياغة المواد

الغموض في بنود مسودة القانون المقترح يصفه “إحسان الشمري”، رئيس مركز التفكير السياسي، بــ«المعيب والمخجل»، موضحاً لموقع «الحل نت» أن «مفردات الجريمة والحبس الشديد والغرامة المالية لا يجب أن تخرج من طبقة سياسية، تدّعي حرصها على السلم المجتمعي».

وتحدث عن «كم هائل من المفردات والمصطلحات الغامضة وغير المفهومة في بنود مسودة القانون، فضلاً عن صياغاته المرتبكة والهزيلة»، حسب تعبيره.

“حازم عبد الجبار”، أستاذ العلوم السياسية في جامعة #بغداد، يردّ الغموض، في صياغة المسودة،  إلى ما يسميه «الاستعجال السياسي في تمرير القانون، وعدم الاستفادة من آراء المختصين». موضحاً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «العراق درج على تفسير الغموض في النص لصالح التقييد، وليس لصالح الحقوق».

 

نفي برلماني

المخاوف التي يطرحها الشارع العراقي، ومؤسسات المجتمع المدني، حول بنود مسودة القانون ينفيها النائب البرلماني “كاطع الركابي”،  الذي يقول لموقع «الحل نت» إن «القانون لا يتضمن مواداً ضاغطة على الحريات الشخصية»، معتقداً أنه «ليس من الصحيح تحميل القانون أكثر مما يحتمل».

ويتابع “الركابي”: «القانون يتكوّن من خمس وعشرين مادة قانونية، ولم يتطرق للقضايا الاجتماعية العامة، وبنوده تضع حداً للاستخدام غير المنظّم لمواقع التواصل الاجتماعي. وليس من المنطقي الاحتجاج على تنظيم شؤون الحياة اليومية، فالعراق ليس بمعزل عن دول المنطقة، التي تنظم كلَّ شيء بموجب القانون»، حسب تعبيره,

من جهته قال “بدر الزيادي”، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، إن «أعضاء اللجان المعنية انتهوا من صياغة كافة بنود القانون، ولا صحة لتعارضه مع الحريات».

وتابع “الزيادي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «أهمية القانون متأتية من مساهمته بوضع حد لحالات الابتزاز التي تقع بشكل دائم».

وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية قد صاغت، في العام 2006، مشروع قانون الجرائم المعلوماتية ، لكنه لم ير النور في حينها، بسبب الاحتجاج الشعبي، والمواقف الرافضة، التي تبنتها قوى المجتمع المدني، والمنظمات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

 

جدل قانوني

ولايزال الخلاف حول بنود مسودة القانون مثار جدل بين القانونيين أنفسهم ، فـ”كرار صالح الحمودي”، أستاذ القانون الدولي، يرى أن «أكثر الدول أدرجت الجرائم المعلوماتية في قوانينها المرعية ما خلا العراق، الذي لم ينص قانون العقوبات، رقم 111 لسنة 1969، فيه صراحة على تلك الجرائم، كونها جرائم مستحدثة».

وأكد “حمودي” لموقع «الحل نت» أن «هذه الجرائم ظهرت بظهور برامج الحاسب الآلي والالكترونيات ووسائل التواصل، وما يحصل من جرائم كثيرة، مثل السرقة عبر الحساب المصرفي وتحويل الاموال، والتهديد الإلكتروني، تستدعي إقرار مثل هذا القانون»,

وفيما إذا كان مسودة القانون المقترح تحدّ من الحريات الشخصية قال “حمودي”: «يمكن أن تحد من الحريات الشخصية، لكنها تقلّل من حدوث الجرائم»، داعياً الى «وجوب التفريق بين حرية التعبير، التي أجازها ونصّ عليها الدستور العراقي، وبين الجرائم الأخرى، مثل السرقة والتهديد والاعتداءات».

هذا الرأي يخالف ما يعتقده الخبير القانوني “علي التميمي”، الذي يرى أن القانون «يحمي المتسلطين على رقاب الشعوب، والخائفين على كرسي الحكم، ويخالف المادة 19 من ميثاق العهد الدولي ، ولا يفّرق بين النقد والتشهير».

وقال “التميمي” لموقع «الحل نت»: «ركزت مسودة القانون على عقوبات بدنية، أكثر من تركيزها على الغرامات، على خلاف بقية القوانين في المنطقة العربية، وسوف يعاقب هذا القانون على النوايا في ارتكاب الجريمة، حتى وان لم تقع», مؤكداً أن القانون «سيضرّ بالحريات العامة، ويكبّل حرية التعبير».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.