لا يمكن إنكار الهيمنة الاقتصادية للجارة الشرقية إيران على العراق، حتى باتت بغداد الرئة الاقتصادية لطهران، التي لولا بلاد الرافدين، لدخلت في مستنقع مظلم يصعب الخروج منه.

تستخدم طهران السوق العراقية لتصدير كل منتجاتها، خاصة الزراعية والصناعية، حتى ناهز حجم تبادلها التجاري مع بغداد 13 مليار دولار سنويا، وهو رقم ضخم جدا.

تصدر طهران كل منتجاتها الغذائية وأهمها الفواكه من كل أنواعها، ناهيك عن صناعاتها المتعددة وأبرزها السيارات، في وقت تكاد تكون المنتجات الإيرانية من أسوأ المنتجات التي تغرق بها السوق العراقية.

وتحاول طهران من ذلك الضخ والهيمنة على السوق العراقية، التنفيس عن أزمتها الاقتصادية نتيجة العقوبات الأميركية المفروضة عليها، ناهيك عن محاولة للالتفاف على تلك العقوبات.

وبحسب خبير الاقتصاد السياسي سلام العبيدي، فإن ما يساعد طهران على سد حاجتها الاقتصادية عبر السوق العراقية، هو حجم نفوذها في الداخل العراقي من خلال ميليشياتها المتعددة.

العبيدي يضيف لـ “الحل نت”، أن الميليشيات والأحزاب الموالية لإيران، تسيطر على معظم المفاصل الاقتصادية في العراق، وتنهيها من أجل إدامة الاستيراد الإيراني.

طهران تحكم قبصتها على المصارف العراقية

فالمنافذ الحدودية البرية مع طهران في الوسط والجنوب العراقي كلها تحكم قبضتها علبها الميليشيات “الولائية” وتدخل المنتجات الإيرانية بقوة السلاح وبلا جباية كمركية.

ويردف العبيدي، أن العراق يمتلك كل الإمكانات للنهوض بنفسه اقتصاديا، لكن طهران وعبر ميليشياتها تمنع حصول ذلك؛ كي لا تخسر اقتصاديا.

ويلفت إلى أن، المنتجات الزراعية العراقية مثلا هي من أجود المنتجات، لكن طهران وعبر ميليشياتها قامت بحرق البساتين والأراضي الزراعية في كل موسم، بهدف تصفير المنتجات المحلية، وبالتالي الاعتماد على منتجات إيران عبر استيرادها.

وشهد العراق في شهر آيار/ مايو 2020 لوحده أكثر من 100 حريق في بساتين متعددة من المحافظات العراقية، واستمرت الحرائق في كل موسم زراعي، حتى بلغت نحو 4 آلاف حريق في عام 2019.

للقراءة أو الاستماع: أزمة زراعية في بلاد الرافدين: إيران تتذرّع بالعقوبات لإحكام سيطرتها الاقتصادية على العراق وتحويله إلى سوقٍ لمنتجاتها

ويقول سلام العبيدي، إن طهران تلتف على العقوبات الاقتصادية الأميركية عبر عدة طرق، منها تهريب نفطها عبر سفن عراقية من موانئ البصرة إلى بقية الدول.

إضافة إلى ذلك، فهي تستخدم عشرات المصارف العراقية التي تديرها أحزاب موالية لها، من أجل الحصول على العملة الصعبة، رغم اكتشاف واشنطن لعدد منها، حسب العبيدي.

تحذير من عجز بغداد بتحجيم نفوذ إيران

وكانت واشنطن وضعت عدة مصارف عراقية على القائمة السوداء، معظمها إسلامية تابعة لأحزاب موالية لإيران، ومنها مصرف “عبر العراق”، ومصرف “البلاد الإسلامي”.

ويوجد في العراق أكثر من 100 مصرف، وهو رقم ضخم مقارنة بتركيا والسعودية، التي لا تتعدى عدد المصارف فيها 50 مصرفا، وذات الحال في إيران نفسها.

ويحذر العبيدي مما وصفه العجز الحكومي العراقي إزاء استخدام إيران عبر ميليشياتها للأرض العراقية من أجل الالتفاف من العقوبات الاقتصادية وتحقيق أرباح اقتصادية تقلل من أزمتها الداخلية.

للقراءة أو الاستماع: إيران تفعل مشروع سكة حديد مع العراق وسوريا.. للقفز فوق العقوبات!

ويشير إلى أن ما تفعله طهران يعرض اقتصاد العراق إلى الخطر، إذ يمكن أن تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية على العراق وعلى رأسها البنوك الحكومية.

ويلفت العبيدي، إلى أن وضع عدد من المصارف العراقية الخاصة المتعاملة مع طهران والتابعة لها على اللائحة السوداء، بمثابة مؤشر لإمكانية اللجوء لذات الأمر مع مؤسسات العراق الاقتصادية الحكومية.

أخيرا، بحسب الواقع السياسي العراقي، فإنه من الصعوبة بمكان تحجيم نفوذ إيران في الداخل العراقي ومنعها من استخدامه لمآربها الاقتصادية، طالما الأحزاب السياسية المقربة منها تسيطر على الحكم في بغداد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة