أحداث عديدة مرت في التاريخ سجلتها ذاكرة رمضان على مر السنين يرصدها لكم “الحل نت” ويستعرض أبرز ما توصل إليه من رصد لأحداث الذاكرة الرمضانية.

في جزء اليوم من سلسلة “حدث في رمضان” يستذكر “الحل نت” أهم أحداث 9 رمضان التي مرت على المنطقة والعالم سواء خلال التاريخ الحديث، أو في عقود وقرون سابقة.

إعادة افتتاح قناة السويس

تسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى قام الرئيس المصري الراحل أنور السادات بإعادة افتتاحها في التاسع من رمضان عام 1975.

وقناة السويس هي ممر مائي اصطناعي ازدواجي المرور في مصر، يبلغ طولها 193 كم وتصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وتنقسم طوليا إلى قسمين شمال وجنوب البحيرات المرّة، وعرضيا إلى ممرين في أغلب أجزائها لتسمح بعبور السفن في اتجاهين في نفس الوقت بين كل من أوروبا وآسيا، وتعتبر أسرع ممر بحري بين القارتين وتوفر نحو 15 يوما في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفي عام 1854 استطاع دي لسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالي، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عام.

استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 – 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة.

تم افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة. وفي عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاما إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفي عام 1956 قام الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والذي تسبب في إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن ما عرف بـ “العدوان الثلاثي” والذي انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.

اغتيال رئيس وزراء سوري

في التاسع من رمضان عام 1980، اغتيل رئيس وزراء سوريا الأسبق صلاح البيطار في باريس بواسطة المخابرات السورية وذلك بسبب خلافه مع الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد.

والبيطار (مواليد عام 1912) هو سياسي وأحد رؤساء وزراء سوريا ومن مؤسسي “حزب البعث” مع ميشيل عفلق وزكي الأرسوزي. اسمه الكامل صلاح خير سليم البيطار، جده الشيخ سليم البيطار الملقب بالفرضي، وقد أنجب أربعة ذكور وهم: الشيخ خير والد صلاح البيطار، والشيخ محمد وكان يشغل منصب أمين عام الفتوى في دمشق، والشيخ عبد الغني ويسمى الشافعي الصغير، والرابع الشيخ عبد الرزاق مؤلف كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر الهجري.

ولد البيطار عام 1912 في حي الميدان في دمشق لأسرة عريقة محافظة. درس صلاح البيطار في مدارس دمشق، وعندما أنهى المرحلة الثانوية اتجه إلى فرنسا لإكمال تعليمه الجامعي في جامعة “السوربون” في تخصص الفيزياء. هناك التقى ميشيل عفلق فجمعتهما المبادئ الاشتراكية الفرنسية، وبدأت بينهما صداقة وثيقة، مدعومة بالمبادئ التي اعتنقاها وأسسا معا اتحاد الطلبة العرب في فرنسا.

في عام 1934 عاد البيطار إلى دمشق بعد إنهاء دراسته، فعين مع ميشيل عفلق في مدرسة “التجهيز” الكبرى، فدرّس علم الفلك والفيزياء، بينما درّس عفلق مادة التاريخ. ولقد منعت الجهات الحكومية أي نشاط لهما وبذلك سدت الأبواب في وجهيهما فعمدا إلى تقديم استقالتيهما من التدريس.

بعد أن قدم صلاح البيطار وعفلق استقالتيهما، اختارا أن يكون مقرهما في مقهى الطاحونة الحمراء، القريبة من مدرسة “التجهيز” ليتسنى لهما الالتقاء بالطلاب كل يوم بعد ساعات التدريس، كما أسسا مجلة أسمياها “الطليعة” لنشر مبادئهما.

ساهم في سنة 1939 في تأسيس منظمة “الإحياء العربي” التي تحولت في ما بعد إلى حزب “البعث العربي”. استقال البيطار وعفلق سنة 1942 من عملهما كمدرسين ليتفرغا للعمل السياسي، وفي سنة 1945 تم انتخاب أول مكتب سياسي لحزب “البعث”. وفي سنة 1947، عقد “البعث” أول مؤتمراته حيث انتخب البيطار فيه أمينا عاما. اندمج الحزب سنة 1953، مع “الحزب العربي الاشتراكي” ليصبح اسمه حزب “البعث العربي الاشتراكي” وأصدر المؤسسان صحيفة خاصة باسم “البعث”، وعقد الحزب أول مؤتمراته في عام 1947، حيث تم انتخاب صلاح البيطار عضوا في القيادة القومية باعتباره المؤسس الثاني لحزب “البعث” بعد ميشيل عفلق عميد الحزب.

وفي عام 1948 سجن صلاح البيطار خارج مدينة دمشق، بسبب معارضته تجديد رئاسة شكري القوتلي للجمهورية السورية. وفي عام 1949 اعتقله الرئيس حسني الزعيم مع باقي أعضاء القيادة القومية للحزب، بسبب معارضتهم لبعض سياساته، وفي عام 1952 أصدر أديب الشيشكلي أمرا باعتقال صلاح البيطار مع رفيقه عفلق وأكرم الحوراني بسبب تحريضهم للطلاب الجامعيين على مناهضة حكمه، لكنهم استطاعوا مغادرة دمشق سرا إلى بيروت ثم توجهوا منها إلى روما.

ساهم سنة 1954، بالإطاحة بحكم أديب الشيشكلي في 14 تموز/يونيو 1956 في عهد شكري القوتلي وعُيّن صلاح البيطار وزيرا للخارجية في حكومتي صبري العسلي الثالثة والرابعة، وبعد قيام الوحدة في 22 شباط/فبراير 1958م بين سوريا ومصر عُيّن البيطار وزيراً للثقافة والإرشاد القومي في أكتوبر 1958.

ولقد استقال من منصبه في كانون الأول/ديسمبر 1959 وكان من الموقعين على وثيقة الانفصال عام 1961 مشاركة منه في الحكم السوري الجديد، لكنه ما لبث أن تراجع عنها لأنها ضد وحدة النضال في المنطقة العربية.

بعد وصول “حزب البعث” إلى الحكم في 8 آذار/مارس 1963، تولى صلاح البيطار رئاسة الوزراء أربع مرات، وإثر قيام حركة 23 شباط 1966 التي قام بها صلاح جديد اعتقل البيطار، لكنه استطاع الفرار إلى لبنان، فصدر حكم غيابي بإعدامه عام 1969.

في كانون الثاني/يناير 1978 استدعاه حافظ الأسد الذي كان يأمل في أن يستقر البيطار في دمشق كثقل مضاد لعفلق المؤسس الأول لـ “حزب البعث” والذي استقر في بغداد، لكن خمس ساعات من المحادثات فشلت في رأب الصدع بينهما، فعاد البيطار إلى باريس وأنشأ مجلة دورية أطلق عليها اسم “الإحياء العربي”، وهو الاسم القديم الذي بدأ به، شن في أعمدتها حملات للمطالبة بالحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا.

بعد ذلك أُشيع أن صلاح البيطار كان يضغط على السعوديين ليقطعوا المعونة عن سوريا، والأسوأ من ذلك ما قيل بأن البيطار قد اتصل بأعداء الأسد في بغداد، وبغيرهم من أصحاب الأسماء ذات الماضي والتي كان بريقها يخبو، بحيث أصبح نقطة جذب لأنواع مختلفة من المعارضة السورية، وقد بدا في إحدى اللحظات أن البيطار يمكن أن يشكل خطرا حقيقيا على النظام في سوريا، مما دفع السلطات الأمنية في سورية إلى اغتياله بمسدس كاتم للصوت في باريس في عام 1980.

البيطار قُتل في يوم 21 تموز/يوليو 1980 في فرنسا بمدينة باريس، وبعد موته نَقل جثمانه ليدفن في بغداد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.