منذ تشكيله قبل نحو عشر سنوات، لم يواجه “الائتلاف الوطني السوري” المعارض تحديات خطيرة مثل تلك التي يواجهها اليوم، فبعد قرارات غير مسبوقة بإقصاء الكتل السياسية وإقالة الشخصيات التي لطالما كانت في طليعة المعارضة السورية، والمشهد السياسي. لوح العديد من الأهالي بورقة لتأسيس منظمة سياسية قد تتحدى “الائتلاف” والشرعية التي يتغنى بها.

ماذا يعني “ائتلاف”؟

يبدو أن الهوة اتسعت بين الأهالي في مناطق سيطرة المعارضة، وتحديدا في شمال غربي سوريا، والتي يقول “الائتلاف” أنه يمثلها، وبين كل تشكيلات ومنصات المعارضة، سواء المقربة من تركيا أو من دول أخرى.

في حديث لـ”الحل نت”، مع المواطنين في مدينة إدلب عن رأيهم بما وصفها، رئيس الائتلاف بـ”الإصلاحات”، قال محمد عبود، المنحدر من جبل الزاوية، إن “أعضاء الائتلاف يعرفون ألا شرعية لهم في هذه المناطق، إنما يستمدون مناصبهم من الدول التي يتبعون لها”.

ويشير عبود، أن سالم المسلط منذ ترأسه للائتلاف لم يأت إلى إدلب، في حين أنه لم يغب عن المناطق التي تحت سيطرة “الجيش الوطني” المدعوم من أنقرة. كما أن الجسم المعارض لا توجد له مكاتب تمثيل في أغلب المدن الرئيسة التي تعد خارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

وخلال سؤال “الحل نت”، للنازحة من ريف حمص، رفيدة عبد اللطيف، عن رأيها، أجابت باللهجة العامية، “شو يعني ائتلاف؟”، فهي لا تعلم به أو ماذا يمثل. أما المضحك المبكي، فإن فكل ما تدركه، أن هنالك معارضة تلتقي بوفد الحكومة السورية لصياغة دستور، وموسكو وأنقرة وطهران من يوجهن هذه الوفود أين تجتمع.

للقراءة أو الاستماع: “انقلاب” داخل “الإئتلاف” السوري المعارض.. ما حقيقة الوضع؟

دول تعطّل انطلاق تكتل جديد

التغييرات التي طرأت داخل الائتلاف، تعتقد السياسية والباحثة الأكاديمية، عضو السابق في اللجنة الدستورية السورية، الدكتورة سميرة مبيض، أنها لا تخرج عن سياق المسار الذي تعمل عليه الدول الإقليمية التي تهيمن على المعارضة والتي تدفع نحو سيناريو محدد لمستقبل سوريا يحقق مصالحها.

وتضيف مبيض، خلال حديثها لـ”الحل نت”،  “أي العمل على مناطق نفوذ تابعة لكل من هذه الدول داخل الأراضي السورية. بالتالي فإن تشكيلة الائتلاف تعكس وتترجم وتسعى إلى تحقيق مصالح الدول في كل مرحلة من مراحل الصراع السوري، وهذه مهمته طالما هو قائم”.

وتشير مبيض، إلى أننا نشهد اليوم مساعي لتقاسم الوصاية على سوريا بين تركيا ودول الخليج، وبالتالي تطبيق سيناريو الاجتياح السياسي والثقافي والانتداب المقنّع؛ لمنع انطلاق نموذج جديد من الحكم في سوريا ينهي المنظومة القديمة، ويقوم على استقلال شعبها وتحقيق مصالحه وانعكاس هويته، وفق تعبيرها.

هذا التصور المطروح بتشكيلة الائتلاف المستحدثة، تراه الباحثة السياسية، أنه لا يختلف عما سبقه من طروحات، تستخدم فيها سوريا كأرض محروقة لتصفية الصراعات الايديولوجية، وكمخزن للأسلحة وكمصب لنفايات التطرف والتشدد والتلوث، مترافقا بنهب ثرواتها ومواردها، وإذلال شعبها وتهجيره وفق مصالح هذه الدول.

كما نوهت خلال حديثها، أن ذلك “لا يختلف عن طروحات تيارات الإسلام السياسي، على تنوعها من “إخوان مسلمين” وتيارات أخرى، والتي تخرج شكليا فقط من المشهد وتبقى من المستفيدين من السيناريو العام المطروح بتقاسم الأراضي من قبل تيارات عابرة للحدود تتمدد على الأراضي السورية”.

للقراءة أو الاستماع: :من يقف وراء التغييرات في “الائتلاف” السوري المعارض؟

لا إدارة للائتلاف السوري

وعن التخطيط لهذه التغيرات، لا يشكك الناشط السياسي، والحقوقي جوان يوسف، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن تركيا من رسمتها لأنها أتت متسارعة بما ينسجم بالمتغيرات الإقليمية السريعة والمتعلقة بشكل أساسي بالعلاقات المصرية والإماراتية – التركية.

وتابع بالقول “منذ إعلان الندوة التي أقيمت في قطر، تركيا أصرت أنها لن تتخلى عن الائتلاف”، رغم أنه وحسب يوسف، “صار جسما هزيلا وسوف تعيد إنتاجه وفق ما تقتضيه المصلحة التركية”، مشيرا إلى أنه آن الأوان فاستخدمته لترسل رسائل إلى مصر التي كانت إحدى شروطها لإعادة العلاقة مع تركيا مسألة دعم تركيا للإخوان سواء داخل مصر أو تركيا، وهذا ما بدأت به تركيا منذ أشهر، وذات الأمر ينطبق على الإمارات.

وبهذا المعنى، لا يمكن اعتبار الأمر وفق تصور يوسف، انقلابا؛ “لأنه ببساطة الائتلاف لا يملك بالأساس الإرادة ولا القدرة على اتخاذ أي قرار خارج الإرادة التركية”.

وبرأي الباحثة السياسية، سميرة مبيض، أن مناهضة هذه الدول والتيارات لتأسيس دولة سورية حديثة، مستقلة لابنائها ويعيشون بها بسلام واستقرار، تزداد حدة كلما اقترب السوريون من هدفهم ويضعون كافة العقبات الممكنة في مسار هذا النهوض، لأنه يعني منح المنطقة وشعوبها فرصة جديدة للحياة بعيدا عن النظم الشمولية، ويعني تنمية سوريا اقتصاديا واجتماعيا لتعود لمكانتها المستحقة في ركب الإنسانية، وتلك أهداف لا تشجعها أي من الدول المحيطة بسوريا بل تسعى لتمددها الذاتي على  حساب اندثار سوريا.

لذلك ووفقا لحديث مبيض، “لا يمكن اعتبار الائتلاف، بمختلف نسخه، نصيرا لتحقيق استقلال سوريا والأمن والسلام لأهلها، بل هو أداة غير سورية تتبدل حصص الدول بها وفق المرحلة، إنهاء هذا الكيان وتحييده عن تقرير مصير السوريين موازي لضرورة إنهاء (النظام السوري)، فبينهما شعب مهدد باندثار هويته ووطنه”.

الجدير ذكره، أن الهيئة العامة في “الائتلاف”، كانت استبعدت الخميس الماضي، 4 من مكونات الائتلاف، وهي، “حركة العمل الوطني”، “الكتلة الوطنية المؤسسة”، “الحراك الثوري”، و”الحركة الكردية المستقلة”، بعدما أقالت مطلع شهر نيسان/أبريل الحالي، 14 عضوا، بالإضافة إلى إجراء عملية تبديل في تمثيل المجالس المحلية للمحافظات، حسب متابعة “الحل نت”.

للقراءة أو الاستماع: انهيار قريب لـ”الإئتلاف” السوري المعارض أم إعادة بناء جديدة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة