يواجه “الائتلاف” السوري المعارض المدعوم من أنقرة، تحديات كبيرة في الآونة الأخيرة تنذر بتصدعه وانهياره، إثر قرارات غير مسبوقة اتخذها باستبعاد كتل سياسية داخله، وفصل شخصيات ظلّت لفترة طويلة تتصدر المشهد السياسي السوري المعارض، كانت محسوبة على التيار المسيطر على “الائتلاف”.  

الهيئة العامة في “الائتلاف”، كانت استبعدت الخميس الماضي، 4 من مكونات الائتلاف، وهي، “حركة العمل الوطني”، “الكتلة الوطنية المؤسسة”، “الحراك الثوري”، و”الحركة الكردية المستقلة”، بعدما أقالت مطلع شهر نيسان/أبريل الحالي، 14 عضوا، بالإضافة إلى إجراء عملية تبديل في تمثيل المجالس المحلية للمحافظات، حسب متابعة “الحل نت”.

ما جرى لتعزيز الدور التركي؟

لم تنجح كل إدعاءات الإصلاح السابقة بإجراء أي تغييرات في “الإئتلاف” تصب في صالح تطوير المؤسسة المعارضة التي تدعي تمثيل السوريين. وتعد المحاولة الأخيرة داخل “الائتلاف” في الأيام الماضية، خصوصا لجهة استبعاد كتل ظلّت لفترة طويلة تقود العمل المعارض، ولكن من دون تحقيق نتائج، سببا آخر لاتساع الهوة بين الشارع السوري المعارض وبين كل تشكيلات ومنصات المعارضة.

ويرى المحامي حسان الأسود، الأمين العام للمجلس السوري للتغيير، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الائتلاف كمؤسسة لم يتم تأسيسه بشكل صحيح، لأنه لم يقم على قواعد شعبية وإنما تم تأسيسه من قبل القوى الفاعلة والمتحكمة بالشأن السوري، وبالتالي لم يكن هناك ضوابط واضحة لتشكيله، أي لم يكن هناك أسس طموح السوريين. وفق قوله.

وفي سياق التغييرات الأخيرة في الإئتلاف، يرى الأسود، أن ما جرى له علاقة بتعزيز نفوذ تركيا في الشمال السوري، من خلال خلق كيانات أكثر تجانسا كما صرح بذلك رئيس الإئتلاف مؤخرا، حسب تعبير الأسود.وأضاف “هناك حديث عن القيام بإنشاء وحدات سكنية كبيرة، يصل عددها إلى نحو 200 ألف وحدة، ليتم إعادة عدد كبير من الأسر السورية من تركيا إليها، ما سيشكل إزاحة لأعباء كبيرة عن كاهل السياسة التركية، ونزع فتيل المزاودة من المعارضة التركية”.

ومن جهة أخرى، يعتقد الأسود، أن هناك متطلبات جديدة لإعادة العلاقات السعودية- التركية، وإحدى هذه المتطلبات فيما يتعلق بسوريا، هو إخراج الإخوان المسلمين أو الإسلام السياسي بشكل عام خارج إطار العمل السياسي في قوى المعارضة السورية، وهذا له شأن كبير بالتقارب خاصة مع السعودية والإمارات، كما أنه كان لهذه التيارات دور كبير في تشتيت قوى المعارضة السورية.

من جهة ثانية، يرى الباحث رشيد حوراني، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن ما يجري في الائتلاف بين التيارين المتصارعين، على الرغم أن بعض الشخصيات المفصولة محسوبة على أحد التيارات الوازنة فيه “الاخوان المسلمين”، هو انعكاس للتطورات السياسية التي تتم ضمن الإقليم بشكل عام، والعمل على ترتيب الإئتلاف لاستيعاب ومجاراة هذه التطورات، بحسب تعبيره.

قد يهمك:من يقف وراء التغييرات في “الائتلاف” السوري المعارض؟

هل ينهار الإئتلاف؟

بوادر تفكك، للإئتلاف بدأت تلوح في الأفق، مع ظهور ما أطلق عليه “الائتلاف الوطني السوري ـ تيار الإصلاح” المكون من شخصيات عدة استُبعدت من الائتلاف، وفي بيانه الصحافي الثالث، والذي نُشر أمس السبت على “تويتر”، شن هذا التيار هجوما حادا على رئيس الائتلاف سالم المسلط، واتهمه بـ”التدليس وإخفاء الحقائق” في اللقاء الذي أجراه مع صحافيين أول من أمس الجمعة، مشيرا إلى أن المسلط تجاهل الطعون المقدمة، واتهمه بـ”تجاوز القانون” وبـ”ممارسة سياسة التضليل”، مطالبا بـ”المكاشفة أمام الرأي العام السوري، حسب تقارير صحفية.

ومن جهته، أعرب رئيس “حركة العمل الوطني من أجل سورية”، أحمد رمضان، الذي تم استبعاده مع حركته من “الائتلاف”، الخميس الماضي، عن اعتقاده بأن “القرارات المرتجلة التي اتخذها المسلط تعبر عن أزمة كبيرة داخل الائتلاف وعن ضياع للبوصلة، واصفا ما جرى بأنه انقلاب قام به “المسلط ومعه رئيس الحكومة المنتهية ولايته عبد الرحمن مصطفى، وبدر جاموس، ومهددا بأن ما حدث يشكل فرصة كبيرة لنقل ملفات الفساد والترهل من داخل الائتلاف إلى الرأي العام السوري بعد سنوات من عقم المعالجة الداخلية”.

وحول تصريحات رمضان، يرى رشيد حوراني، أن تهديد أحمد رمضان يكشف مكامن الخلل، فهذا قول أو تصريح يظهر شراكته بكل ما أعلن أنه سيكشفه، وأن قرار عزله “فقط” هو ما دفعه لإعلان الخلل، وليس الدافع الوطني.

من جهته يرى حسان الأسود، أن ما قام به الجناح المسيطر في الائتلاف تجاوز للنظام الداخلي، أي أن “هذا دليل على عدم وجود أي ضوابط للإئتلاف كمؤسسة، وبالتالي سيكون عرضة للانهيار، إن لم يكن الآن فسيكون بعد مدة، إضافة لفقدانه أي شرعية أو قبول شعبي”.

إقرأ:“انقلاب” داخل “الإئتلاف” السوري المعارض.. ما حقيقة الوضع؟

صراعات اعتادت المعارضة السورية، بكافة أطيافها على خوضها منذ بدء تشكلها في العام 2012، تحت مسمى مصلحة الشعب السوري، لكن في الحقيقة لم تكن سوى خدمة لأجندات شخصية وإقليمية، فيما لم تتمكن هذه المعارضة من تقديم أي شيء للسوريين حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.