تجري العديد من التحركات والتصريحات في الساحة السياسية الشرق أوسطية، من قبل عدة دول. هذه التحركات السياسية في المنطقة لا تزال في الأفنية الخلفية لمن يرسم السياسات الخارجية في المنطقة، ولا يبدو أن ما يُعلن عنه في وسائل الإعلام هو الخط الوحيد للسياسة الخارجية في المنطقة، وخاصة تجاه سوريا.

يتجلى ذلك من خلال ما حدث قبل أسابيع من زيارات واجتماعات مفاجئة لعدد من الدول العربية وإسرائيل، وأبرزها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات وكذلك قمة النقب السداسية، وكلها تنشط تجاه سوريا والملف السوري في إطار توحيد الجهود ورسم خريطة للعلاقات مع دول المنطقة كإحدى نتائج الاحتراس من احتمالية الاقتراب من اتفاق نووي مع طهران، وذلك من أجل بحث آليات مواجهة أي تمدد أوسع للنفوذ الإيراني في المنطقة.

ضمن هذا السياق تأتي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الذي قال يوم أمس، إن على بشار الأسد أن يقطع العلاقات مع إيران إذا كان يريد أن يكون جزءا من المنطقة.

إزاء ذلك تثار التساؤلات حول احتمالية دخول الأسد إلى هذا المخطط، طالما أن إسرائيل ودول عربية تسعى إلى كبح النفوذ الإيراني في المنطقة، سيما وأن يتم استخدام الأسد كورقة رابحة إسرائيلية ضد النفوذ الإيراني. لكن مدى احتمالية تخلي الأسد عن هيمنة النفوذ الإيراني أو التخلص منه يبدو بعيد المنال لعدة أسباب معقدة تتعلق بالتدخل الإيراني منذ سنوات طويلة في سوريا، وضعف قدرة الأسد الحالية عن التخلص من الهيمنة الإيرانية.

إسرائيل تسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني

غانتس أعرب عن سعي إسرائيل لتعزيز التعاون الاستخباراتي ضد ما وصفه بـ “الانتهاكات الإيرانية”، وذلك بالتعاون مع أمريكا وشركائها الإقليميين. مبينا أن “إسرائيل تعمل ضد عمليات نقل الأسلحة والتهديدات التي يولّدها الإيرانيون ضدها في سوريا”.

وبشأن احتمال دعوة إسرائيل للأسد للتخلي عن إيران بمثابة ورقة لأطماع الأسد، قال الكاتب والصحفي السوري فراس علاوي، إن تصريح غانتس يأتي بعد قمة النقب السداسية، والتي كان هدفها تأسيس – ما يسمى بـ “الناتو العربي” أو “قوات الردع العربية” لكبح النفوذ الإيراني في المنطقة، والمبادرة العربية التي أطلعت إسرائيل عليها أو قد تدعمها لاحقا، والتي تقوم على مبدأ استعادة دمشق أو سحبها من هيمنة النفوذ الإيراني، والضغط عليها للتخلي عن إيران.

وبحسب تقدير الكاتب السوري، خلال حديثه لـ”الحل نت” حول مدى قدرة الأسد على التخلي عن إيران، “للأسف، دعوة إسرائيل لدمشق هي نوع من الضغط أكثر من كونها أطماعا، وهم يدركون أن حكومة دمشق لا يمكنها التخلي عن هيمنة إيران أو التخلص منها بالأحرى. هناك تشابكات معقدة وأكبر من بشار الأسد بين (إيران والنظام السوري). وإيران لها تأثير كبير داخل المجتمع السوري (خاصة الموالين لبشار الأسد) والجيش السوري والمؤسسة الأمنية السورية، و لذلك ليس من السهل التخلي عن إيران”، وفق تعبيره.

ويرى الكاتب السوري أن هذه ورقة ضغط على بشار الأسد وقد تكون بمثابة فرصة أخيرة، وأضاف “أتوقع أنه في المراحل المقبلة، ولكن ليس على المدى القصير، سيتم استهداف مواقع معينة تابعة لحكومة دمشق إذا لم يتخلى عن الهيمنة الإيرانية”.

قد يهمك: جمرايا ومصياف.. لماذا تستهدف إسرائيل مراكز البحوث العلمية في سوريا؟

المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية مستمرة

وبشأن الملف الإيراني قال وزير الدفاع الإسرائيلي: “بحسب معلوماتنا تواصل إيران تخصيب اليورانيوم وتقترب من مستوى التخصيب بنسبة 90 بالمئة، وهو ما يجعلها قريبة من امتلاك سلاح نووي”.

وتابع: “من الجيد الضغط من أجل تحصيل اتفاق مع طهران، ولكن إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جيد، فقد يحين الوقت لدفع الإيرانيين إلى الخلف من ما هم عليه اليوم.. يجب تفعيل الخطة بديلة على الفور”.

وبالعودة إلى الكاتب السوري، فراس علاوي، وحول مدى استمرارية المواجهة الإسرائيلية مع النفوذ الإيراني في سوريا، قال علاوي “بالطبع ستستمر المواجهة الإسرائيلية مع إيران، خاصة إذا تم الإتفاق النووي الإيراني، وهنا ستشتد المواجهة بوسائل أخرى، وستأخذ أشكالا مختلفة، قد تكون عمليات استخباراتية أو عمليات سيبرانية، أي أن إسرائيل ستشن حربا إلكترونية على مواقع داخلية لإيران، إضافة إلى الضربات الجوية المركزة على المواقع الإيرانية في سوريا، وربما ستشمل العراق في حال تطور الصراع، وكل هذا مرهون بتطورات الملف النووي الإيراني”.

الجدير بالذكر أن تصريحات الوزير الإسرائيلي، جاءت ضمن الجلسة التي نظمها “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط”، حيث استعرض الوزير الإسرائيلي خلالها سياسات إسرائيل الأمنية، كما تطرق إلى العلاقات مع الولايات المتحدة، والوضع في أوكرانيا، والاتفاق النووي مع إيران والأنشطة الإيرانية في المنطقة، والتصعيد الأمني الذي تشهده إسرائيل في ظل العمليات الأخيرة.

وأضاف، “نهدف إلى توسيع التعاون الاستخباراتي مع الولايات المتحدة وربما حتى بناء تحالف يتصدى لانتهاكات إيران، إذا كان هناك اتفاق من هذا القبيل فإن ذلك قد يساعد على تغطية الثغرات الأمنية التي تستغلها إيران.. كما أنني أستطيع أن أرى إمكانية التعاون في مواجهة العدوان في ما يتعلق بالدفاع الجوي”.

يذكر أن صحيفة “يسرائيل هيوم”، قالت في تقرير لها قبل أيام، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، جمد مبادرة إقليمية كانت مطروحة من قبل سلفه، بنيامين نتنياهو، تقضي بإعادة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية.

وذكرت الصحيفة، أن نتنياهو منذ 2019 شرع في تمرير هذه المبادرة المزعومة المبنية على فكرة قبول المجتمع الدولي “بانتصار حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب”، مقابل إبرام اتفاق معه على سحب القوات الإيرانية من بلده.

قد يهمك: خط إسرائيلي غير مباشر تجاه الأسد.. ما حقيقة ذلك؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة