كان برنامج الأسلحة الكيماوية السوري في يوم من الأيام قلب التوترات بين سوريا والولايات المتحدة وإسرائيل وكان سببا للكثير من الجدل حول مزاعم استخدام دمشق للأسلحة الكيماوية ضد المعارضة السورية. الآن ومع تحركات النفوذ الإيراني على الأراضي السورية، تركز إسرائيل استهدافها لمركز البحوث العلمية، خوفا من إعادة بناء دمشق ترسانتها الكيمياوية بمساعدة طهران وشركائهما، ضمن إطار التمدد الإيراني وتهديد استقرار أمن المنطقة.

ليل السبت – الأحد، استهدف سلاح الجو الإسرائيلي من شمال لبنان، مدينة مصياف ونقطة في قرية السويدي ومعامل الدفاع في منطقة الزاوي بريف حماة الغربي، حيث تتواجد مليشيات تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، و”حزب الله اللبناني”، ومستودعات ومراكز بحوث لتطوير الصواريخ، والطائرات المسيرة.

إيران استغلت انشغال روسيا

كانت منطقة مصياف هدفا لعدة هجمات في السنوات الأخيرة، نُسبت معظمها للجيش الإسرائيلي، وكانت آخر مرة استهدفت فيها غارة جوية في المنطقة ذاتها في أوائل حزيران/يونيو الفائت، عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية منشآت أسلحة كيماوية في المدينة ومواقع أخرى، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”. وقُتل ما لا يقل عن ثمانية جنود سوريين في تلك الضربات، بحسب وسائل إعلام محلية.

تركيز إسرائيل استهدافها لمركز البحوث العلمية، بتحليل الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، أنه جاء بناء على أن هذه المراكز تعنى بتطوير الأسلحة، والتطوير التقني للمواد الكيماوية، وهي من أهم المواقع بالنسبة لإسرائيل التي تستهدفها في سوريا.

هذه المواقع وفق تأكيد علوان، خلال حديثه لـ”الحل نت”، هي مواقع ايرانية بشكل كامل. مضيفا، أن “القصف هو سياسة جز العشب، وهي رسائل مباشرة لإيران وليست للنظام السوري. والذي يعد الآن بشكل أو بآخر راضخ لإيران بشكل كامل، وليست كذلك رسائل لأي أطراف أخرى. لا سيما روسيا التي تقوم إسرائيل بالتنسيق معها سابقا من أجل قصف هذه المواقع”.

ويشير علوان، إلى أن الجميع يتساءل عن حجم التنسيق الروسي الإسرائيلي بعد الأزمات في أوكرانيا. وهذا ربما ما يحتاج إلى المزيد من مراقبة ردود الأفعال بعد هذه الضربة تحديدا. فإسرائيل تستهدف مراكز البحوث في جمرايا وفي مصياف وفي حلب. وهذه المراكز تقوم إيران فيها بتطوير الأسلحة الصاروخية قصيرة ومتوسطة المدى.

كما بيّن علوان، أن هذه المراكز تقوم بتطوير أجهزة توجيه حراري للصواريخ. وتقوم بحقن بعض الصواريخ بمواد كيماوية. بالإضافة لأنها تطور مزيجا من المواد الكيماوية وتصنع منه الأسلحة. وهناك أيضا أهداف أخرى غير مراكز البحوث هي مستودعات الصواريخ ومستودعات الطيران المسير، ومستودعات الرادارات التي قيد التجهيز.

بحسب المعلومات التي نقلها علوان، فإن هناك كما هائلا من الأسلحة النوعية وبالتحديد صواريخ جاءت من إيران إلى سوريا؛ مستغلة الانشغال الروسي المعارك في أوكرانيا. وهذا يتوقع منه أن تكون هناك موجة كبيرة من “سياسة جز العشب الإسرائيلية”، كقصف مواقع كثيرة لإيران، استحدثتها أو المواقع القديمة التي ما تزال تنقل الصواريخ. لكن ربما تحتاج إسرائيل إلى الوقت من أجل اختبار التنسيق السياسي والتنسيق الأمني مع روسيا.

للقراءة أو الاستماع: خط إسرائيلي غير مباشر تجاه الأسد.. ما حقيقة ذلك؟

عودة لبرنامج سوريا الكيماوي

السفير الروسي في سوريا، ألكسندر يفيموف، كان قد حذر الشهر الماضي من أن الضربات الإسرائيلية في سوريا “تستفز” روسيا للرد، في واحدة من أقوى الإدانات الروسية للعمليات الإسرائيلية في سوريا. كما اشتكى يفيموف من أن الضربات الإسرائيلية تهدف إلى “تصعيد التوترات والسماح للغرب بتنفيذ أنشطة عسكرية في سوريا”.

ومركز مصياف هو موقع تابع للمركز السوري للدراسات والبحوث العلمية، وقد استُهدف بضربات جوية إسرائيلية في الفترة الماضية. وفي عام 2017، قضى جنديان في غارة جوية قصفت ذات الموقع تم نسبها إلى إسرائيل، بحسب “بي بي سي”. حيث يتم استخدام موقع البحوث العلمية في مصياف لإنتاج أسلحة كيميائية، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية.

وتم الإبلاغ عن آخر غارة جوية إسرائيلية في سوريا في 7 آذار/مارس، عندما استهدفت غارة جوية إسرائيلية مواقع بالقرب من مطار دمشق وضاحية الأسد، حيث أفاد “الحرس الثوري” بمقتل اثنين من ضباطه في الغارة.

وخلال العامين السابقين، نفذت إسرائيل عدة ضربات جوية في سوريا، استهدفت مواقع مرتبطة بتطوير أسلحة كيماوية. واعتبرها البعض أنها رسالة إلى الحكومة السورية بعدم شراء أسلحة دمار شامل خطيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإنها رسالة إلى إيران، عرض لقدرات إسرائيل الرئيسية في المنطقة لتحييد التهديدات الخطيرة.

المخاوف الإسرائيلية بدأت قبل عامين، وتحديدا في عام 2019، حول أن دمشق كانت تحاول استيراد مادة كيميائية رئيسية يمكن استخدامها لصنع غاز السارين القاتل للأعصاب. بعد تسريب معلومات أن سوريا اشترت فوسفات ثلاثي الكالسيوم عبر السوق السوداء. ومن المعروف أنه يستخدم كركيزة لغاز السارين وغازات الأعصاب الأخرى. حيث تم إرسال المادة عبر برنامج التعاون الفني إلى الفرع 450 من مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا.

ومن الواضح أن المسؤولين الإسرائيليين، يعتقدون أن المواد الكيماوية ستعيد بناء برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا. ولكن هذه المرة تحت إشراف وسلطة طهران، لذلك حدثت المزيد من الضربات. استهدفت غارة 8 حزيران/يونيو مخازن عسكرية قرب الناصرية، وهي قرية صحراوية شمال دمشق، وموقعين إضافيين بالقرب من حمص. من بين هذين الموقعين، تم وصف أحدهما بأنه المركز المساعد للمختبر العسكري لمركز البحوث العلمية في مصياف.

للقراءة أو الاستماع: هل يستمر القصف الإسرائيلي على الأراضي السورية بسبب إيران؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة