يبدو أن استمرار الصراع في سوريا في ظل تفجر صراعات جديدة حول العالم، وآخرها الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، سيؤثر بشكل سلبي على حياة ملايين السوريين في المناطق السورية، في ظل تقليص كميات المساعدات الدولية العابرة للحدود.

“برنامج الأغذية العالمي” التابع للأمم المتحدة أصدر قرارا قبل أيام، يقضي بتخفيض محتويات السلة الغذائية الإغاثية المقدمة للنازحين في شمال غربي سوريا للمرة الرابعة خلال عامين.

وأصدر البرنامج بيانا، أبلغ فيه مدير المكتب ومنسق الطوارئ في شمال غربي سوريا، يانييه سوفانتو، المنظمات الشريكة في المنطقة بقرار تخفيض محتويات السلة.

وبرر البيان تخفيض المساعدات، بالزيادة الكبيرة في نسبة الانعدام الغذائية وقلة الموارد، إلى جانب الحاجة لزيادة عدد المستفيدين، إذ اضطر البرنامج لتخفيض محتويات السلال اعتبارا من أيار/مايو المقبل.

قد يهمك: روسيا تنتقم في سوريا بسبب أوكرانيا.. هل تنجح بذلك؟

واعتبر البيان أن هذا الحل الوحيد الذي يمكن أن يلجأ إليه البرنامج لضمان استمراره بدعم الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، رغم محدودية الموارد وزيادة انعدام الأمن الغذائي.

وشمل التخفيض مادتي الأرز والبرغل، إذ خفض البرنامج الكمية المقدمة لكل منهما من 7.5 كيلوغرام/ كما خفّض البرنامج مادتي الحمص والعدس الأحمر من ستة كيلوغرامات إلى خمسة كيلوغرامات.

ويرى الباحث السوري محمد السكري، أن المنظمات الدولية غير الحكومية والتابعة للدول المانحة، لم تعد قادرة على تحقيق الاستجابة السريعة، وذلك بعد مرور أكثر من عقد على فتح ملف المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

وحول أسباب هذا التخفيض يقول السكري في حديثه لـ“الحل نت“: “أعتقد أن هذا التخفيض سببه الرئيسي عدم قدرة هذه الجهات على الاستمرار في تحقيق الاستجابة لمتطلبات الحالة السورية، التي تفوق قدرة أي دولة أو منظمات الأمم المتحدة“.

ويضيف “الأمر الثاني، ربما الأزمة الأوكرانية وقبلها أزمة فيروس كورونا رمت بظلالها على الواقع السوري، في إطار ملف المساعدات الإنسانية“.

إلغاء المساعدات بشكل كامل؟

ويستبعد الباحث السوري إلغاء المساعدات بشكل كامل في المدى القريب، لكن أبدى تخوفا في الوقت  ذاته من مستقبل تلك المساعدات في المدى المتوسط والبعيد، لا سيما فيما إذا استمر الصراع في سوريا إلى سنوات طويلة قادمة.

ويدعم اعتقاده بالقول ” لا أعتقد أن السلل الغذائية ستنتهي خلال الأعوام القادمة بقدر ما أن يتم تخفيضها مجددا أو التعامل معها بطريقة مختلفة من حيث الكم وانتشار التوزيع.. لكن هذا لا يعني أن سيناريو إلغاء السلل الغذائية في مناطق شمال غربي سوريا، أمر غير وارد وربما ينجز خلال العقد الحالي، فيما إذا استمر الصراع في سوريا“.

وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى، التي يخفض بها “برنامج الأغذية العالم” حجم المساعدات الإنسانية الواردة إلى سوريا، حيث خفض البرنامج محتويات السلة مرتين خلال شهري نيسان وحزيران في عام 2020، كما خفّض البرنامج محتويات السلة للمرة الثالثة، في أيلول 2021.

الجدير ذكره، أن سوريا تحتل المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي، وجاء ذلك في تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، الصادر في 25 من شباط/فبراير من العام الماضي.

قلق من تحرك روسي لإغلاق المعابر

تثير قضية إيصال المساعدات الإنسانية لسوريا قلق المنظمات المدنية والإغاثية، مع اقتراب موعد تمديد القرار الأممي، المتعلق بآلية إيصال المساعدات عبر الحدود. فيما تزداد مخاوف المعارضة السورية من إنهاء روسيا لهذه الآلية، والاكتفاء بإدخال المساعدات إلى الشمال السوري عبر مناطق سيطرة حكومة دمشق.

وازداد القلق بعد تهديد روسيا، قبل أسابيع، بعدم الامتثال للقرار الأممي المتعلق بإيصال المساعدات لسوريا، في موقف وصفه البعض بـ“الابتزازي” للغرب.

وكان ديميتري بوليانسكي، نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة، أكد أن موسكو “لن تغض الطرف عن فشل الدول الغربية في الامتثال للقرار المتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الحدود“.

وأضاف بوليانسكي أن “آلية المساعدات عبر الحدود تنتهي هذا الصيف. ومن بين أحكام القرار الأممي هناك بند واحد فقط يجري تنفيذه اليوم، ولا يبدو أن أحدا سيفي ببقية البنود. وفي الوقت نفسه أثبتت دمشق أن عمليات تسليم المساعدات إلى إدلب، عبر خطوط التماس، ممكنة بشكل كامل“.

ومن المنتظر أن يتم التصويت على تمديد قرار مجلس الأمن رقم 20156، الخاص بآلية إيصال المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الحدود، المعمول بها منذ عام 2014، في مطلع تموز/يوليو القادم.

قد يهمك: مناكفات إيرانية جديدة في مفاوضات الاتفاق النووي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة