لا يزال ملف اللاجئين السوريين في تركيا، ورقة متداولة في الأوساط السياسية التركية قبيل وقت قريب من عقد الانتخابات هناك. فالمعارضة التركية تسعى لكسب العديد من المصالح التي قد تقوي من خلالها الحظوظ في الانتخابات، في حين كانت استفادة حكومة “العدالة والتنمية” من ملف اللاجئين ضمن عدة أصعدة لم يكن فيها الجانب الاقتصادي المكسب الوحيد.

هذا ويظهر جليا ملف اللاجئين السوريين كورقة بارزة ومؤثرة في صراع الأطراف السياسية في تركيا قبل الانتخابات العامة التي باتت على الأبواب، سيما وأن هذا الملف كان قد فتح ساحة تصارع سياسي بين أنقرة والمعارضة التركية.

زعيم حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، كمال كليجدار أوغلو، قال مؤخرا، إن تركيا سترسل ملايين اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم إلى بلادهم، كما ستعيد العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، في حال وصوله إلى الرئاسة التركية في الانتخابات المقبلة.

“ورقة اللاجئين السوريين” على الطاولة عند الطلب

لا تزال ورقة اللاجئين السوريين ورقة بارزة في يد المعارضة التركية، حيث تواصل المعارضة التركيز على اللاجئين السوريين في خطابها السياسي الموجه لانتقاد الحكومة التركية.

وفي أحدث فصولها علق حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، أمس الاثنين، لافتة كبيرة تطالب الحكومة بمجموعة من التوضيحات حول اللاجئين.

اللافتة عُلّقت في مبنى الحزب بأنقرة، وحملت عنوان “إما أن تقدم جوابا أو تقدم حسابا”، تتضمن أربعة أسئلة هي: “هل طلبتم من اللاجئين إثبات معلومات هويتهم الحقيقية؟ ولماذا توزعون الجنسية عليهم ولأي شيء تستعدون؟ وهل تقومون بعمل مسح أمني عند منح الجنسية للاجئين؟ ولماذا تسمحون بعبور غير نظامي للاجئين بظل معرفتكم من الحدود؟”.

وفي تعليق للكاتب السياسي درويش خليفة، حول هذا الاحتدام السياسي بين السلطات التركية ومعارضتها، فإن “تصريحات المعارضة التركية ليست وليدة اللحظة ولا نتيجة الانتخابات التركية الحالية. فمنذ قرابة 8 سنوات، استفادت المعارضة التركية من ورقة اللاجئين السوريين في أي استحقاق انتخابي”، وفق رأي الكاتب السياسي درويش خليفة.

وتابع خليفة في حديثه لموقع “الحل نت”، “بالتالي توضع ورقة اللاجئ دائما على الطاولة عند الطلب، وهذا لا يقتصر على تركيا فقط. يحدث هذا في جميع دول العالم، على سبيل المثال في الدنمارك والسويد، يركز اليمين المتطرف دائما على بطاقة اللاجئين، حتى حصل هذا في الحملات الانتخابية في الانتخابات الفرنسية الحالية”.

إن قضية اللاجئين ليست جديدة سواء إذا في تركيا أو غيرها، ولكن ربما في تركيا الأمر مختلف ويأخذ أبعادا أخرى، حيث أن عدد اللاجئين السوريين فيها كبير، وبالتالي من الطبيعي وفي ظل الوضع الاقتصادي الخانق الذي تمر به تركيا، أن يعمل على هذا الأمر أي ورقة اللاجئين السوريين، وفق تقدير الكاتب للسياسي خلال حديثه مع “الحل نت”.

قد يهمك: الترحيل يقلق معظم اللاجئين السوريين في تركيا

اللاجئون ورقة ضغط لكسب المصالح؟

مع احتدام التصريحات السياسية من قبل السلطات التركية والأحزاب المعارضة التركية، قد تجلب الأيام المقبلة مزيدا من النقاشات وربما اتهامات سياسية بين الحكومة والمعارضة، وسيكون ملف اللاجئين ورقة مهمة في يد المعارضة لتأثيره المباشر على الناخب التركي، وظهور هذا التأثير في استطلاعات الرأي وانتخابات الإدارة المحلية التي جرت في عام 2019 وفق تقارير صحفية.

وبالعودة إلى الكاتب السياسي، درويش خليفة، يعتقد أن “أي معارضة في العالم تحاول دائما استغلال أوراق الضغط الشعبي، للضغط على السلطات وكسب الأصوات والنقاط في الانتخابات أو أي استحقاق آخر. أما في تركيا فالموضوع بصراحة أن الجميع استفاد من ورقة اللاجئ السوري، سواء من قبل السلطات أو المعارضة، حتى في سوريا سابقا حاول الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، كثيرا أن يلعب بورقة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا”، وفق تعبير خليفة.

وخلص الكاتب السياسي حديثه لموقع “الحل نت”، بالقول: “الآن اللاجئون السوريون أنفسهم مطالبون بالبحث عن بدائل في حال خسر الحزب الحاكم في تركيا، أو فيما إذا المعارضة السورية ستقوم بإخراجهم واحتوائهم أو أن يتم حمايتهم بموجب القوانين الدولية، وكل هذه الأمور تقع على أكتاف السوريين والنشطاء المدنيين والمنظمات المدنية الإنسانية والحقوقية، وبالتعاون مع نشطاء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، لإيجاد سبل لإخراجهم من هذه العقبة إذا نجحت المعارضة التركية بالفعل في الانتخابات المقبلة وتصاعد الأمر وذهب إلى اتجاهات أخرى”.

في سياق مواز، تثير تصريحات المعارضة التركية حالة استياء وغضب بين السوريين، خاصة المقيمين في تركيا، فالعودة إلى سوريا، وخاصة المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، تهدد حياتهم وأمنهم، لا سيما وأن الآلاف منهم مطلوبون لدى الأجهزة الأمنية السورية، والآلاف منهم قد دمرت منازلهم بشكل شبه كامل.

ومنذ أسابيع يعاني السوريون من تعقيدات حول تجديد إقاماتهم، فيما أكد مختصون في الشؤون التركية، أن السلطات رفضت تجديد الإقامات لمن تبين أنه غير مقيم في تركيا فعليا وأن مغادرته لها تجاوزت ما مجموعه 120 يوم سنويا.

وبحسب ما أكده المختصون فإن هذا الإجراء هو قانوني مئة بالمئة، لكن السلطات كانت تغض الطرف عندما يكون حامل الإقامة سوري الجنسية، وبأن إعادة التشديد على تفعيل هذا القانون هو قرار تركي على ما يبدو بنهاية سياسة غض الطرف التركية على إقامة السوريين.

ويرى الحقوقي المهتم بقضايا اللاجئين السوريين في تركيا طه الغازي، في تصريح سابق لموقع “الحل نت”، أن سياسة التضييق على السوريين وعلى الوجود الأجنبي في تركيا، مرتبطة بعدة عوامل أهمها اقتراب الفترة الانتخابية والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد مؤخرا.

وأضاف الحقوقي، “هذا الأمر متعلق باقتراب الفترة الانتخابية عام 2023، الشارع التركي بات أكثر احتقانا إزاء الوجود الأجنبي في تركيا. الحكومة التركية تسير وفق منهجية الحد من الوجود الأجنبي في البلاد، بسبب ضغط الشارع التركي“، وأن التجاذبات الانتخابية في تركيا، أثرت بشكل مباشر على وضع اللاجئين في تركيا، وفقا للحقوقي أثناء حديثه لـ “الحل نت”.

قد يهمك: إيران تعلن عن خلافات مع تركيا بشأن سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.