تثار التساؤلات حول مسعى الحكومة السورية إلى خصخصة القطاع الصناعي في ظل استمرار تدهور الاقتصاد السوري وعجز الحكومة عن إيجاد أية حلول تساهم في تحريك عجلة الإنتاج.

تسعى دمشق لجذب بعض رؤوس الأموال إلى سوريا وبناء جزء من الاقتصاد المدمر بشكل شبه كامل على حساب المستثمرين ورجال الأعمال، وخاصة من المغتربين وغير السوريين، وبالتالي وضع قبضة التيار الاقتصادي الحاكم في سوريا والمسيّر بنفوذ أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري والهيمنة بشكل غير مباشر على القطاع الاقتصادي من جديد.

لا تحسن في الاقتصاد السوري

يوم أمس الثلاثاء ناقش وزراء في حكومة دمشق فرص وإمكانات تمويل مؤسسات القطاع الصناعي المتوقفة في سوريا، وذلك في إشارة لاحتمالية تعميم نموذج الخصخصة على القطاع الصناعي السوري.

وزيرا المالية الدكتور كنان ياغي و الصناعة زياد صبحي صباغ بحثا آليات ومصادر التمويل الممكنة، لإعادة تأهيل مؤسسات القطاع العام الصناعي، بحضور رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور فادي الخليل، و معاونو وزيرا المالية والصناعة ورئيس هيئة التخطيط، ومدراء المؤسسات الصناعية وعدد من المدراء العامين والمركزيين.

وخلال الاجتماع في مبنى وزارة المالية، أوضح وزير المالية أثر الحرب على الموازنة العامة للدولة بشكل عام، والتي أدت إلى تراجع شديد في الإيرادات العامة والإنفاق العام، لافتا إلى أهمية تعزيز مفهوم إدارة الأصول التي تملكها مؤسسات الدولة، وخاصة الصناعية، بالشكل الأمثل، لتأمين التمويل اللازم للترميم والتأهيل وتحديث خطوط الإنتاج، أو أي احتياج آخر، بدلا من اللجوء إلى الاقتراض، مشددا على أهمية دراسة التكاليف في المؤسسات الصناعية، لمعرفة التكاليف الدقيقة للمنتجات.

بدوره، أكد وزير الصناعة أهمية تعزيز إيرادات الشركات الصناعية المنتجة، وإعادة الشركات المتوقفة إلى الإنتاج، لافتا إلى منح الموافقة لثلاثة عقود تأهيل لتلك الشركات، كما تم وضع برنامج موحّد للتكاليف والتحليل المالي للشركات المنتجة، والأًصول الثابتة غير المستثمرة في الشركات.

يرى الخبير الاقتصادي رضوان الدبس، أنه وبالنسبة لخصخصة القطاع الصناعي فإن الأمر يتعلق بعدة أمور، أولا، أنه “إذا لم تنته الحرب في سوريا بشكل كامل، فلا أعتقد أن بإمكان أي من المستثمرين إدخال أمواله إلى سوريا، وبالطبع تأتي معظم الاستثمارات من مغتربين سوريين مقيمين خارج سوريا أو من جنسيات أخرى غير سورية”.

وفي تقدير الخبير الاقتصادي الذي تحدث لموقع “الحل نت”، فإن خصخصة أي قطاع اقتصادي مرتبطة تماما برفع العقوبات الدولية عن سوريا، “وإلا يستحيل على الصناعي الاستثمار في سوريا، وثانيا، تحسين الوضع الاقتصادي السوري، لا سيما من خلال تجاوز بعض القضايا مثل تحسين قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، وتوضيح القوانين والضرائب في هذا القطاع، حيث إنه حتى الآن غير واضح حقيقة، وكذلك القرارات الأخيرة في القطاع الاقتصادي غير مشجعة للمستثمرين”.

أما النقطة التالية تتعلق بالبنية التحتية، فعلى سبيل المثال، إذا جاء مستثمر صناعي وأراد استثمار مصنع أو معمل أو ورشة ما، لكن إذا كانت الكهرباء والمياه والوقود والطرق والمواد الأساسية وخدمات الإنترنت غير متوفرة، فعلى أي أساس سيستثمر هذا الصناعي ويضع أمواله بهذه الطريقة الانتحارية في سوريا!، وفقا لحديث الخبير الاقتصادي.

كذلك، فإن النقطة الأهم هي الأمن والأمان، “من حيث عدم استقرار الوضع الأمني ​​والسياسي في سوريا، وحالة الفلتان الأمني من عمليات الخطف ووجود عصابات مافيوية والعديد من المشاكل الأمنية التي لا مجال لذكرهم هنا، فضلا عن وجود “أمراء الحرب” و “حيتان الاقتصاد”، لذلك يجب على الحكومة أن تأخذ هذه النقاط بعين الاعتبار، ثم تتحدث عن خصخصة القطاع الصناعي وفق ما تدعيه”، بحسب الدبس لموقع “الحل نت”.

قد يهمك: ما علاقة إيران بالاستثمارات البحرية السورية؟

تصريحات الحكومة “بروباغندا إعلامية”

الخبير الاقتصادي، رضوان الدبس، قال إن “تصريحات الحكومة تتم وفق سياستين. الأولى أنها تريد تحقيق مكاسب ولو بمبالغ قليلة، لأنها حكومة “شبه مفلسة”، وثانيا هي بروباغندا إعلامية، فهي تحاول وتزعم  للعالم بأن الحرب في سوريا قد انتهت، وأن دمشق الآن تحاول معالجة وتحسين الاقتصاد في البلاد”.

أما بالنسبة للمنافسة الروسية-الإيرانية، فهي لا تدخل نفسها في هذه القضايا التي هي بسيطة جدا بالنسبة لأطماعها، وصحيح أن للإيرانيين مصلحة في هذه الأمور، لكن الإيرانيين تعبوا من ضخ الأموال في الاقتصاد السوري.

وتابع “أعتقد أنهم ليسوا مستعدين لضخ المزيد من الأموال في سوريا، لأن الأموال التي ضخوها في السنوات الماضية، غير قادرين حاليا على تعويضها أو استرجاعها. هم يدركون تماما أن الضخ الحالي في الاقتصاد السوري لن يعود لهم بأي منفعة أو فائدة نتيجة الواقع السيء في سوريا من حيث الخدمات العامة والبنية التحتية وتدهور الواقع المعيشي وغيرها، وفقا للخبير الاقتصادي الذي تحدث لموقع “الحل نت”.

وخلص حديثه بالقول: “أعتقد أن هذا الموضوع لم يصل إلى خصخصة قطاع الكهرباء والمياه وحتى قطاع الاتصالات، إلا إذا قامت شركات محلية باستثمارها وهي مرتبطة بشكل غير مباشر بالحكومة أي “رجال الدولة” والمقربين من الحكومة السورية”، لموقع “الحل نت”.

إن النهوض بالاقتصاد السوري  يتطلب نجاح عدة عوامل أبرزها إصلاح البنية التحتية المدمرة وتحسين الخدمات العامة والليرة السورية مقابل القطع الأجنبي، وهذا يكاد يكون مستحيلا وعلى مدار سنوات طويلة ما لم تتدخل جهات دولية وإقليمية، وهذا أيضا مسألة بعيدة التحقيق في ظل تعنت الحكومة السورية وعدم جديتها في إحداث أي انتقال سياسي أو تغيير حقيقي في سوريا، وكذا الرفض الدولي للحكومة السورية التي لم تتقدم أي خطوة نحو عملية انتقال سياسي حقيقي وكامل.

قد يهمك: سياسة نقدية جديدة في سوريا.. ما علاقتها بتصريف الليرة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.