تسبب انهيار سعر صرف الليرة السورية خلال السنوات الماضية وفقدانها قيمتها الشرائية إلى جعل رواتب السوريين غير قادرة على تلبية احتياجاتهم، فعلى الرغم من الزيادات في الرواتب التي تدعيها الحكومة إلا أنها تتم بشكل غير صحيح، ولا يتناسب مع مستوى ارتفاع الأسعار بشكل طردي يجعلها كافية للمواطنين.

قياس الراتب بعلبة المتة

من الممكن من الناحية الاقتصادية تناول إحدى السلع كنموذج اعتاد السوريون على شرائه، وقياس سعره قبل العام 2011، وتطور هذا السعر مع انخفاض سهر صرف الليرة، والزيادة “الوهمية” للرواتب وصولا للعام الحالي، لتقدير القيمة الحقيقية لللراتب الحقيقي الكافي على تلبية الاحتياجات.

وفي هذا السياق، نقل موقع “المشهد” المحلي، عن الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، تحليلا ماليا بسيطا لقياس تآكل القوة الشرائية للموظف السوري معتمدة في ذلك على مؤشر علبة المتة، حيث لفتت إلى أنه في عام 2010 كان سعر علبة المتة 25 ليرة، اليوم سعر نفس العلبة 3500 ليرة، يعني زاد سعر العلبة 140 ضعف.

وأوضحت سيروب، أنه لما كان وسطي الرواتب 15000 ليرة في العام 2010، هذا يعني أن وسطي الرواتب في العام 2022 يجب أن يكون 2100000 ليرة “مليونان ومئة ألف ليرة سورية”، كي يحافظ الموظف على القوة الشرائية لدخله، معتبرة أنه يمكن لعلبة المتة أن تصبح مؤشر لقياس المستوى العام للأسعار.

إقرأ:الرواتب القليلة “تستعبد” موظفي القطاع الخاص في سوريا

رواتب أقل من المعدل

تعاني العائلات السورية، خاصة في مناطق الحكومة من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، ترافق مع نسب دخل منخفضة، متأثرة بعوامل مختلفة أبرزها الانهيار المتعاقب لليرة السورية أمام الدولار وعجز الحكومة عن سد الفجوة الحاصلة بين الدخل وقدرته الشرائية.

ويرى مختصون اقتصاديون، أن الرواتب اليوم في سوريا أقل من أي معدل معقول، وأنه لا يمكن استمرار مستويات الأجور الحالية معتبرين أن الأجور لا تشكل ميزة تشغيلية لأن قيمة الرواتب تمنع نمو السوق ولا تدعم الاستهلاك، إضافة إلى أنها ليست واقعية تجاه الحاجة الحقيقية بل تشكل حالة تشويه اقتصادي وتنموي وهي بحاجة إلى مضاعفة عدة مرات وخلال فترات قريبة حتى يستعيد السوق عافيته وتوازنه ويعيد للعمل قيمته، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأيضا في القطاع الخاص، فالرواتب لا تتجاوز في بعض الأحيان 90 ألف ليرة في الوقت الحالي، مع مدة عمل تصل إلى 8 ساعات يوميا، مع رفض معظم أصحاب العمل رفع الأجور للعمال أو الموظفين، معللين أن الزيادة في الراتب تؤثر على رأس المال خاصة لدى التجار.

وحسب اقتصاديين، فإن الفاتورة الغذائية للأسرة السورية ارتفعت بشكل حاد وصارت تقنن على نفسها بالنوعية والكم بشكل كبير لأن الحصول على هذه الحصة الغذائية تحتاج إلى أكثر 500 ألف ليرة سورية شهريا لأسرة مكونة من أربعة أفراد، وإذا أضيف لها النقل والاستطباب والدراسة واللباس والترفيه بحده الأدنى وأجرة المنزل التي ارتفعت بشكل حاد يلاحظ أن فاتورة المواد الغذائية تشكل أكثر من ستين بالمئة بالنسبة لأي أسرة في سوريا اليوم، حسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:مطالبات برفع رواتب السوريين لمعالجة إلغاء الدعم الحكومي

يذكر أن أكثر من 85 بالمئة من المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعيشون تحت خط الفقر، بحسب “الأمم المتحدة”، في حين أن متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام لا يتجاوز 35 دولارا، ولموظفي القطاع الخاص حوالي 60-70 دولارا، يذكر أن قبل الحرب كان راتب الموظف الحكومي يقدر نحو 600 دولار

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.