للقبائل العراقية دورا مجتمعيا وسياسيا في حاضر وتأريخ العراق لا ينازع فيه اثنان، سواء كان على مستوى مقاومة المحتل، أو حقن الدماء وتسوية المشكلات المجتمعية وحتى السياسية، إلا أنه وبعد العام 2003، أدت التدخلات السياسية ومحاولات تجير دور العشائر لمصالحها إلى تشويه ذلك الحضور.

وبات نفوذ العشائر نافذا في كل مفاصل الحياة، وصار العمل السياسي غالبا يستند عليها، كما تحولت لقوة مسلحة تكاد تكون موازية لسلاح الدولة وأصبحت بفعل سطوتها ونزاعاتها المسلحة تهدد الحياة المدنية في بلاد الرافدين.

أقرأ/ي أيضا: قصة نزاع عشائرية في العراق بسبب “ألف دينار” 

تطلعات اصطدمت بالسلاح

وفي حين كان العراقيون يتطلعون لدولة ديمقراطية يحكمها القانون، أصبحت العشيرة تملك اقتصادا وسلاحا ثقيلا ووسيلة ضغط على الحكومة لتغيب في بعض مناطق جنوب العراق تحديدا معالم الدولة الديمقراطية وسلطتها، ليرز السؤال الأهم إلى الواجهة؛ من الداعم والمستفيد من ذلك؟

ويقول الخبير السياسي علي أغوان في حديث لموقع “الحل نت”، إن “المستفيد الأول من هذه الأزمة هم الأشخاص الذين لا يريدون مصلحة العراق بالدرجة الأساس”، مبينا أن “هناك بعض العشائر دخل في تحالف مع بعض الفصائل المسلحة وأحزاب وبدأت تعمل في نشاطات اقتصادية كبيرة وهذه النشاطات عززت من الصدامات المسلحة التي يمكن أن تحدث بين عشيرة وأخرى حتى بعض العشائر بدت يؤشر عليها التورط في بعض الملفات الحساسة مثل التهريب”.

ويضيف أن “مصالح العشائر وارتباطاتها دفعها لاستخدام واستغلال النفوذ المسلح في مناطقها لضرب خصومها والحفاظ على عملها”.

وتعود المشكلات العشائرية بالعراق إلى زمن قديم من عهد الدولة العثمانية والملكية والجمهوريات المتعاقبة، لكنها نسبة ارتفاعها وانخفاضها تتغير بنسبة تغير قوة الدولة وتماسكها وقدرتها على حل المشكلات، قبل أن تتفاقم وتتحول إلى صدامات”، كما يقول أغوان، ويشير إلى أنه، كل ما كانت الدولة متماسكة أكثر كانت العشائر منضوية تحت سلطة الدولة والقانون.

أقرأ/ي أيضا: غضب شعبي عراقي بعد مقتل ضابط بنزاع عشائري في ذي قار

تخدام مع المليشيات

بالمقابل، يقول أحمد الجابري لموقع “الحل نت” وهو شاب من محافظة البصرة حيث تكثر النزاعات المسلحة بين العشائر، إن “النزاعات العشائرية هي نتيجة ضعف القانون أولا، واختراق بعض العشائر من قبل المليشيات، وارتباط مصالحها مع بعض”.

وأشار، إلى أن “المليشيات والأحزاب تحرص جدا على توريط العشائر واغرائها مقابل المال والمناصب، لاستغلال تأثيرها المجتمعي سواء على مستوى قضية الانتخابات، أو الدفاع عن وجودها”.

ولفت، إلى أن “الأمر معقد ويجري بتأثير سياسي داخلي وخارجي، إذ أن هناك دفع من قبل جهات إقليمية لوكلاءها لصناعة لوبيات مع بعض العشائر المؤثرة خدمة لأجنداتها”، مشيرا إلى أنه “إذا ما انتبهنا إلى دور السفير الإيراني على سبيل المثال في حرصه الدائم بالتواصل مع بعض وجهاء العشائر وزيارتهم وإدامة التواصل معهم، وهذا أيضا مؤشر إذا ما لاحظنا أنه حتى الرئيس الإيراني روحاني عندما زار العراق توجه لزيارة بعض وجهاء العشائر بل وعقد معهم ندوة”.

واختتم أن “دور بعض العشائر الفاعلة في المشهد العراقي، إذا ما ذهبنا وتقصينا جذوره بشكل دقيقة، سنجد تخادم وارتباط وثيق مع المليشيات، ذلك لأن أحدهم يكمل الثاني”.

أقرأ/ي أيضا: اعتقال 22 متهما بقتل مدير استخبارات “عمليات سومر” في ذي قار

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.