الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية في سوريا لا يبدو سهلا، خاصة وأن البلاد ما زالت تفتقد للمناخ الجاذب للاستثمار، إلى جانب عدم توفر الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء.

ورغم حديث وسائل إعلام مقربة من حكومة دمشق عن أن استثمارات ضخمة، من الإمارات وروسيا وإيران، في طريقها إلى سوريا، إلا أن المعلومات، التي حصل عليها “الحل نت”، أكدت أن كل ما يتم الحديث عنه من جانب حكومة دمشق ما يزال في طور التخطيط والدراسات الأولية.

مدين دياب، مدير عام هيئة الاستثمار السورية، كان قد كشف قبل أيام عن “استثمارات إماراتية وروسية وإيرانية مرتقبة خلال الفترة المقبلة في سوريا. تشمل عدة قطاعات، لا سيما مجال الصناعة”. مضيفا أن “شركات إيرانية بحثت مع هيئة الاستثمار مؤخرا إقامة مشروعات استثمارية في سوريا، خصوصا في مجال الصناعة وتدوير النفايات والطاقة المتجددة”.

ويشكل قانون الاستثمار الجديد 18، حسب دياب، “فرصة مهمة لرجال الأعمال والمستثمرين الإيرانيين، لا سيما في ظل عدد من التسهيلات والمحفزات المتاحة لهم”، مشيرا إلى أن “الشركات الإيرانية تعمل خطوة بخطوة، فقد تقدمت بالدراسات، وسيتم الاطلاع عليها لمتابعتها”.

وأضاف دياب أن “شركات روسية تدرس إمكانية إقامة مشاريع استثمارية في سوريا. إضافة إلى ما طرحه رجال أعمال من الإمارات، لإقامة مشاريع للطاقة المتجددة، بالتعاون بين رجال أعمال سوريين وإماراتيين. ويتم حاليا التنسيق مع وزارة الكهرباء، لبحث إمكانية إقامتها”.

وبيّن المسؤول السوري أن “عدد المشاريع الممنوحة إجازة استثمار، لتندرج تحت القانون الجديد، بلغ نحو ثلاثة وعشرين مشروعا. بكلفة تقديرية 1.246 تريليون ليرة سورية، وتوفر نحو 1846 فرصة عمل”.

روسيا وإيران مسيطرتان فعلا على الاستثمارات الأجنبية

وفي تعليقه على ما ذكره دياب حول الاستثمارات الأجنبية في سوريا، يرى خالد التركاوي، المستشار الاقتصادي في مركز جسور للدراسات، أن “الاستثمارات الروسية والإيرانية موجود أساسا في سوريا، بغض النظر عن حجمها، وهناك اتفاق فعلا على زيادة هذه الاستثمارات”.

واستبعد التركاوي، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “يكون لدى روسيا وإيران حسابات أو مخاوف من العقوبات الأوروبية والأميركية في التعامل مع دمشق، لأن البلدين يتعرضان للعقوبات بشكل مسبق”. مستدركا بالقول: “لكن العقوبات تفرض عقبات على تشغيل المشاريع، نظرا للصعوبات التي تواجه وصول مستلزمات الإنتاج”.

وبذلك فإن “توفر الجدوى الاقتصادية في سوريا، بالنسبة للشركات الروسية والإيرانية، هو العامل المهم الذي يحدد حجم تدفق الاستثمارات من البلدين إلى سوريا”. بحسب التركاوي.

وفي السياق ذاته يرى د.كرم شعار، مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “روسيا وإيران استحوذتا بالفعل على الاستثمارات السيادية في سوريا، وهما مهتمتان بما تبقى من فرص استثمارية أيضا”.

ماذا عن الاستثمارات الإماراتية في سوريا؟

أما عن الإمارات فيتساءل خالد التركاوي عن “المجالات التي من المحتمل أن تستثمر فيها أبو ظبي. مع العلم أن السوق السورية تعد من الأسواق صغيرة الحجم، وغير الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، لأسباب باتت معروفة، أي انعدام القدرة الشرائية للمستهلك السوري، وعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية”.

ويعتقد المستشار الاقتصادي أن “طبيعة الاستثمارات الإماراتية في سوريا ستركز على المشاريع التي تحقق الربحية على المدى الطويل، لأن الاستثمارات السريعة أو الساخنة في سوريا، في ظل كل هذه الظروف، ستكون خاسرة”.

من جانب آخر يشير التركاوي إلى الحسابات المتعلقة بالعقوبات الأميركية (قانون قيصر) بالنسبة للاستثمارات الأجنبية في سوريا، ويقول: “أعتقد أن الشركات الإماراتية لن تجازف بأي استثمار في هذا الوقت، وخصوصا أن سيف العقوبات بالمرصاد. بمعنى آخر، لن نرى استثمارات إماراتية في سوريا قريبا”.

وكانت مصادر من دمشق قد كشفت عن “دخول شركة، من كبرى الشركات الإماراتية، لإبرام اتفاق للشروع في إعمار منطقة تنظيم شرقي باب شرقي”.

ونوهت المصادر إلى أن “المشاريع جاءت بعد زيارة بشار الأسد إلى الإمارات، في التاسع عشر من آذار/مارس الماضي، ولقائه بكبار مسؤوليها”. وهي الزيارة الأولى له إلى دولة عربية منذ 2011.

مقالات قد تهمك: ما مصير الاستثمارات الخليجية في سوريا بعد توقف 10 سنوات؟

استثمارات شديدة الضآلة

كرم شعار يؤكد أن “الاستثمارات الأجنبية في سوريا، التي يتم الحديث عنها من جانب هيئة الاستثمار، هي مشاريع معدة سابقا، ويتم عرضها على المستثمرين المحليين والأجانب بشكل دوري”.

وأضاف: “رغم أن قانون الاستثمار الجديد قد خلق ما يمكن تسميته بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في سوريا، أكثر من القوانين السابقة، إلا أن المشكلة تكمن في التطبيق، فما زالت هناك مخاوف واضحة لدى المستثمرين السوريين والأجانب من دخول السوق السورية، بسبب عدم وضوح الأفق السياسي والاقتصادي. وبالتالي لن يكون هذا القانون الاستثماري الجديد كافيا لجذب الاستثمارات. وما نشاهده حاليا هو العكس، أي هناك هجرة للمستثمرين من سوريا”.

وأبعد من ذلك، يشير شعار إلى أن “التكلفة التقديرية لكل المشاريع، التي تتحدث عنها هيئة الاستثمار، لا تتجاوز النصف مليون دولار أميركي، وهو رقم ضئيل جدا، مقارنة بكلفة الدمار الحاصل في سوريا، التي تتجاوز خمسمئة مليار دولار أميركي”.

مختتما حديثه بالقول: “الاستثمارات الأجنبية المشار إليها في سوريا، في حال دخلت التنفيذ، وأنا أستبعد ذلك، لن تسهم بإنعاش الاقتصاد السوري، ودورها وتأثيرها سيبقى محدودا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.