يبدو أن هناك حيتان من خارج سوريا باتت تنهب الاقتصاد السوري، فضلا عن الحيتان السوريين سواء من قبل مسؤولين من داخل الحكومة السورية أو من قبل رجال أعمال أو تجار تابعين بشكل غير مباشر للحكومة السورية (رجال الدولة)، يقومون بنهب واحتكار اقتصاد البلاد لصالحهم، نتيجة المنظومة الفاسدة القائمة منذ زمن طويل على الحكم في سوريا.

ووردت تقارير صحفية غربية كشفت مؤخرا عن وجود رجال أعمال روس مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقومون عبر شركات تابعة لهم بالهيمنة بشكل غير مباشر على جزء كبير من الاقتصاد السوري.

وحصلت مجلة “نيو لاينز” الأمريكية على مستندات مسربة تفيد بأن الاتحاد الروسي قدم قرضين إجماليهما مليار دولار أمريكي إلى سوريا، شرط أن تستخدم الأموال بشكل حصري لتدفع لشركات روسية خلال فترة ستة أشهر.

وأفادت “نيو لاينز”، يوم أمس، أن الشركات الروسية المدرجة في الاتفاقية تتبع لشركتين مملوكتين لصديقي بوتين، جينادي تيموشينكو ويفغيني بريغوجين، المعاقبين من الدول الغربية لدورهما في تسهيل الغزو الروسي لأوكرانيا.

خاصة وأن مرتزقة مجموعة “فاغنر”، التابعة لـ بريغوجين ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، بما في ذلك تعذيب وتشويه أحد الفارين من الجيش السوري.

وبحسب الوثائق المسربة، فإن الشركات ستستفيد بشكل كبير من القروض، ما يشير إلى أنه ربما تم تصميمها من الجانب الروسي كمخطط للتهرب من العقوبات الدولية وربما تم استخدامها بالفعل لهذا الغرض، وفقا للمجلة الأمريكية.

الاتفاقية الروسية-السورية

في كانون الأول/يناير 2020، وُقعت اتفاقية في موسكو مع الحكومة السورية، تتضمن قرض تصدير بمبلغ 700 مليون دولار أمريكي، مع حصة لروسيا بنسبة 100 بالمئة من إجمالي قيمة المواد الموردة والخدمات المقدمة، مع شرط استخدام المبلغ بالكامل بحلول 30 حزيران/يونيو 2021 .

وقال المصدر الخاص للمجلة الأمريكية، إن الجانب السوري لم يكن راضيا بهذه الاتفاقية بسبب شروطها غير المواتية، وإنه كان هناك “شعور بالإهانة من الجانب السوري”، كما أن السلع والخدمات الروسية لا يتم تسليمها كما اتُفق عليه إلى جانب تجاهل الشكاوى المتعلقة بالتأخيرات.

ومن بين المواد الأساسية بموجب اتفاقية القرض، القمح والبنزين والزيت والسكر وأعلاف الدجاج وأكثر من 20 دواء طبيا ومستلزمات طبية وقطع غيار أجهزة للمولدات الكهربائية، وجميع مدفوعات القروض يجب أن تتم بالروبل أو اليورو، وفقا لسعر الصرف الرسمي الذي حدده البنك المركزي الروسي.

وأضافت المجلة أنه في 2021، شركة القمح الروسية “OZK” اتفقت مع الجانب السوري على 350 دولارا للطن الواحد من القمح، في حين تظهر بيانات التسعير التاريخية أن القمح لم يُباع بأكثر من 257 دولارا للطن في الأسواق الدولية في نفس الشهر.

كذلك في نفس العام، عرضت شركة “STG Engineering” القمح لسوريا بسعر 319 دولارا للطن، عندما لم يكن سعر السوق العالمي للشهر نفسه أكثر من 283 دولارا.

وتعتبر شركة “إيفرو بوليس” واحدة من العديد من الشركات المملوكة لبريغوجين، الحليف الوثيق لبوتين، حيث وعدت دمشق الشركة بـ25 بالمئة من إجمالي الإيرادات الاستخراجية من حقول الطاقة التي تمت استعادتها من تنظيم “داعش”.

وفي شباط/فبراير 2018، شاركت مجموعة من مرتزقة “فاغنر” في غارة انتحارية على محطة “كونيكو” المحمية من قبل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا، في محاولة للاستيلاء على الحقل النفطي ولكنها فشلت في ذلك.

وبحسب المجلة الأمريكية في تقريرها يوم أمس، سيسدد كلا القرضين على مدى عشر سنوات على أقساط نصف سنوية، وعلى الرغم من أن الملف الذي تم تسريبه لم يقدم أي وثائق حول مبلغ الأموال التي تلقتها بالفعل الشركات الروسية، فإن المصدر الخاص بالمجلة قال أن شركة “KBP” قد تلقت بالفعل 25 مليون دولار على الأقل، وشركة “إيفرو بوليس” تلقت مبلغ 55 مليون دولار، و20 مليون دولار لشركة “STG Engineering”.

قد يهمك: سوريون يسخرون من نصائح اقتصادية سوريّة للروس

من هو غينادي تيموشينكو؟

غينادي نيكولافييتش تيموشينكو مواليد 1960، هو رجل أعمال وملياردير روسي. أسس ويملك مجموعة “فولغا” وشركة “جوفنور” العملاقتين والعديد من الشركات الأصغر. وفي سنة 2014، صنفته مجلة “فوربس” على أنه بالمرتبة 62 عالميا ضمن قائمة أغنى أصحاب المليارات.

ويترأس تيموشينكو عددا من الأندية الرياضية، حيث يترأس مجلس إدارة نادي “كونتيننتال” للهوكي ورئيس نادي “SKA” سانت بطرسبرغ للهوكي على الجليد. وهو يحمل ثلاث جنسيات، الروسية والفنلدنية والأرمنية.

وهو يستثمر بشكل عام في قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية. ويمثل الجزء الأكبر من ثروته حصة 23.5 بالمئة من شركة “نوفاتيك” المنتجة للغاز.

وحول استثماراته في الدول العربية، تم منح شركاته العديد من المشاريع في الدول العربية وعلى رأسها مجمع الصيانة في مطار الشارقة بالإمارات واستثمارات في قطاعي الطاقة والتعدين في سوريا، حيث لديه مناجم الفوسفات في سوريا (منجم الشرقية 45 كيلومترا جنوبي غربي مدينة تدمر) ومنجم خنيفيس (60 كيلومترا عن تدمر).

وهما منجمان تدمرتا خلال سنوات الحرب في سوريا. وتم التوقيع على اتفاقية بين المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية في سوريا و”STNG Logestic”، وهي شركة تابعة لـ «ستروي ترانس غاز» ويمتلكهما تيموشينكو، وفقا لتقارير صحفية.

ونتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، فرضت بريطانيا عقوبات على 3 مليارديرات من حلفاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى جانب خمسة بنوك روسية.

وقال حينها، رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أمام مجلس العموم إنه سيتم فرض عقوبات فورية على ثلاثة أفراد من أصحاب الثروات الروس، وكان تيموشينكو من بينهم، إلى جانب كونه مساهم رئيسي في “بنك روسيا”، وقد وصفهم جونسون بأنهم “أصدقاء” الرئيس الروسي.

وتراجع ترتيبه من المرتبة 96 على مؤشر”بلومبرغ” للمليارديرات، إلى مرتبة 118، بعدما فقد نحو ثلث ثروته منذ بداية العام الجاري 2022، بالتزامن مع التصعيدات التي حصلت بين روسيا وأوكرانيا، لتهبط ثروته إلى 16 مليار دولار، إذ خسر 6.5 مليار دولار منذ بداية 2022.

قد يهمك: هل تتخلى روسيا عن دعم اللواء الثامن في درعا؟

من هو يفغيني بريغوجين؟

يفغيني فيكتوروفيتش بريغوجين مواليد 1961، وهو رجل أعمال روسي، وله علاقات وثيقة مع بوتين. وقد أطلق على بريغوجين اسم “طباخ بوتين” في مقال “لأسوشيتد برس” بسبب المطاعم وشركات المأكولات التي استضافت بوتين مع شخصيات أجنبية رفيعة المستوى.

وبعد أن أمضى تسع سنوات في أحد السجون السوفيتية، بتهمة السرقة والاحتيال، ظهر بريغوجين في عام 1990 ليصعد بسرعة في عالم “الطهي”، حيث من بائع نقانق إلى طاهي بوتين.

وفي أواخر التسعينيات، افتتح بريغوجين “نيو آيلاند”، وهو مطعم عائم على نهر فياتكا في سانت بطرسبرغ، بحسب صحيفة “ديلي بيست” الأمريكية.

ويسيطر بريغوجين على “شبكة من الشركات” بما في ذلك ثلاثة متهمين بالتدخل في انتخابات عام 2016 في الولايات المتحدة. كما اتهم بريغوجين أيضا بمحاولة التأثير على انتخابات التجديد النصفي الأمريكية لعام 2018. ويواجه بريغوجين وشركاته وشركاؤه عقوبات اقتصادية واتهامات جنائية في الولايات المتحدة، بحسب تقارير غربية.

كذلك، قام بتسميم أليكسي نافالني أشد منتقدي الكرملين. كما أنه مدرج أيضا في نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي الخاص بليبيا بسبب شركة المرتزقة التي يرأسها “فاغنر”، لكن بريغوجين ينفي أي صلة له بـ”فاغنر”، وهي شركة عسكرية خاصة، وأسست بعام 2014.

وتدعم هذه الشركة، التي يقال إنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالكرملين، قائد قوات شرق ليبيا، خليفة حفتر، الذي قاتل حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، وتعتبر الاتحاد الأوروبي إن مجموعة “فاغنر” تهدد “السلام والاستقرار والأمن في ليبيا”.

وجاء في تحقيق أجراه “بيلينغكات” و”ذا إنسايدر” و‌”دير شبيغل”، إن عمليات بريغوجين مدمجة بشكل محكم مع وزارة الدفاع الروسية وذراعها الاستخباراتية، مديرية الاستخبارات الرئيسية في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة.

وفي يوليو 2018، قتل ثلاثة صحفيين روس يعملون في مؤسسة إخبارية غالبا ما تنتقد الحكومة الروسية في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث كانوا يحاولون التحقيق في أنشطة مجموعة “فاغنر” في ذلك البلد. وفي ردها على عمليات القتل، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الصحفيين القتلى كانوا يسافرون دون اعتماد رسمي.

قد يهمك: خط إسرائيلي غير مباشر تجاه الأسد.. ما حقيقة ذلك؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.