أثار قرار تركيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المدنية والعسكرية التي تنقل قوات من روسيا إلى سوريا، الحديث مجددا عن احتمالية عودة التصعيد العسكري إلى مناطق شمالي سوريا، لا سيما فيما إذا قررت روسيا الرد على هذا القرار، أو إن كانت هناك نوايا مبيتة لتركيا في بدء تصعيد عسكري جديد يطال مناطق شمال شرق سوريا على غرار ما حصل في رأس العين وتل أبيض نهاية العام 2019.

القرار التركي جاء قبل أيام على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي قال بحسب وسائل إعلام تركية: “أغلقنا المجال الجوي أمام الطائرات الروسية العسكرية، وكذلك الطائرات المدنية، المتجهة لسوريا. أعلنا ذلك في مارس/آذار وانتهت المهلة في أبريل/ نيسان“.

تركيا بين روسيا والناتو

وبالنظر إلى تطورات ملف الغزو الروسي لأوكرانيا، يبدو أن القرار يصب في مصلحة دول أوروبا، إلا أن تركيا واضحة في رغبتها المحافظة على التوازن في علاقاتها مع كل من روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، ما يعقد من أمر اتخاذها لأي قرار يصطدم مع مصالحها المتقاطعة مع كلا الطرفين.

للقراءة أو الاستماع: قواعد لعب جديدة في سوريا بين إسرائيل وإيران

ولا يستبعد المحلل العسكري العميد منير الحريري، خلال حديثه لـ“الحل نت” ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري شمالي سوريا خلال الفترة القادمة، وحول ذلك يضيف: “هناك احتمال أن تقوم تركيا بعملية عسكرية. لقد كان هناك نية تركية للقيام بعملية عسكرية سابقا، ربما تأجلت بضغوط أميركية لإيقاف العملية“.

فيما يعتقد الحريري، بأن القرار التركي الأخير حول إغلاق المجال الجوي، جاء بضغط من أعضاء “حلف الناتو“.

بينما يرى الحريري أن رغم أي تطور فإن هناك تفاهمات لا زالت موجودة على الأرض بين الروس والأتراك، لأنها مرتبطة بمدة محددة وبظروف محددة.

ويضيف “الوضع التركي أصبح مقلقا. تركيا عالقة بين الناتو، وبين روسيا. تشابك المصالح يجعل من موقف تركيا صعب في المرحلة الراهنة“.

ماذا رد الروس؟

حتى الآن لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب موسكو بشأن الخطوة التي اتخذتها أنقرة. في المقابل عادت وتيرة التصعيد شمال غربي سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، ما يشير إلى أن روسيا راغبة بإشغال الغرب والتعمية عن خسائرها في أوكرانيا من خلال التصعيد العسكري في الشمال الغربي من سوريا، بينما تذهب تركيا للتصعيد في الشمال الشرقي مستغلة أيضا الانشغال العالمي بالغزو الروسي، في حين يرجح مراقبون، أن حكومة “العدالة والتنمية” فتحت الجبهة العسكرية في سوريا كما فعلت مؤخرا بشكل محدود في شمال العراق لكسب نقاط انتخابية واستعادة الناخب التركي لمصلحتها.

وتحاول أنقرة من خلال بعض الخطوات التصعيدية إزاء روسيا، كإغلاق المجال الجوي، ومن قبلها إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل، إرسال رسائل مباشرة للقوى الغربية بأنها لا تصطف بشكل جذري مع روسيا وأنها ملتزمة بمصالح حلف شمال الأطلسي، خاصة أن القرار يمثل عامل ضغط على موسكو لدفعها نحو حلحلة الأزمة.

تبادل الأوراق العسكرية

وحول انعكاسات هذه التطورات على الملف السوري، أشار المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات، إلى أن المناطق السورية بطبيعة حالها ساخنة وقابلة للتحول وقابلة للتصعيد.

وأكد فرحات في حديث سابق مع “الحل نت“، أن كل الأطراف تحاول استخدام الورقة العسكرية للتذكير بالقوة، وأنها تمتلك أدوات معينة، إن كان روسيا من خلال قصفها في الشمال السوري أو تركيا من خلال قصفها لشمال وشرق سوريا، لا سيما بعد أن سلطت أميركا أضواءها على أوكرانيا وبات الملف السوري بلا أولوية.

وطبقا لتحليل فرحات، فإنه حتى اللحظة، لا يمكن لتركيا شن عمل عسكري واسع باتجاه مناطق “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، والدخول إلى مناطق كبيرة، وعلى الضفة الأخرى ينطبق الأمر على روسيا، والتي ليس من مصلحتها أن يؤثر ذلك على أعمالها في أوكرانيا، لا سيما بعد أن سيطرت على ماريوبول وتمشط الآن الشريط المنحاز إليها.

من جانبه تحدث مركز “جسور للدراسات، عن 4 أسباب للتصعيد الروسي الأخير في شمال غرب سوريا، أولها الرغبة بالتأكيد على أنها ما تزال الفاعل الرئيسي المؤثِّر في سورية، رغم انشغالها في أوكرانيا.

ويعود السبب الثاني للتصعيد بحسب المركز إلى حرص روسيا على عدم فقدان قوات سوريا الديمقراطية الثقة بها، وإظهار قدرتها على توفير ضمانات تَحول دون تنفيذ تركيا عمليات عسكرية جديدة ضدها.

ولفت إلى أن روسيا تنتهج أسلوب الضغط العسكري في محافظة إدلب التي تنتشر فيها القوات التركية؛ بهدف التأثير على قرارات أنقرة السياسية؛ عبر إعادة التأكيد على قدرتها على تهديد الأمن القومي التركي في حال كان لديها رغبة بتعزيز التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة على حساب روسيا.

ويعود السبب الرابع للتصعيد إلى استياء ورفض روسيا لإعلان الحكومة التركية عن وجود خطة لديها لإعادة اللاجئين السوريين باتجاه ما أسمته أنقرة “المناطق الآمنة“؛ كونه تم من جانب واحد ودون تنسيق وتفاهم معها حول القضايا الخلافية التي ما تزال عالقة بين الطرفين، ومنها سيطرة “هيئة تحرير الشام” على إدلب، وتشغيل الطرقات الدولية.

للقراءة أو الاستماع: إيران تعلن عن خلافات مع تركيا بشأن سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.