في خضم الضغوط التي تعيشها تركيا حاليا، وأبرزها التضخم الحاد في الاقتصاد التركي، فضلا عن الضغوط السياسية التي يمر بها أردوغان قبل الانتخابات العامة في تركيا منتصف العام المقبل، تثار التساؤلات حول احتمالية سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتقليل من خصومه السياسيين  في دول الإقليم، من أجل تحسين حالة حكومته على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

هذا وقد ذكرت كل من وكالة “فرانس برس” و “رويترز” أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور السعودية يوم غد الخميس، بعد قطيعة استمرت لأكثر من 3 سنوات إثر مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

فما الذي يريده الرئيس التركي من هذه الزيارة، هل هناك طموحات اقتصادية من أجل دعم الاقتصاد التركي المتدهور خلال الشهور الماضية، أم أن أردوغان يسعى لتقليل خصومه الخارجيين قبل انتخابات العام المقبل، في ظل حملة شعواء يعاني منها من قبل خصومه السياسيين في الداخل التركي، فهل يكون لجوء تركيا إلى السعودية وقبلها الإمارات عاملا لتغيير سياسة تركيا الخارجية تجاه عدة ملفات في المنطقة قد يكون من بينها الملف السوري.

كذلك تثار التساؤلات وفق مراقبين حول احتمالية ابتعاد تركيا عن إيران بعد التحسين المنتظر لعلاقاتها مع السعودية والإمارات. بالتوازي مع احتمالية توجه تركيا إلى دول الإقليم بعد أن تخلت عن طموحاتها في تسيده إثر فشلها في الانضمام للاتحاد الأوروبي.

الضغوط التي يعاني منها أردوغان قبل الانتخابات العامة في تركيا منتصف العام المقبل، دفعته وفق مراقبين لإعادة علاقاته مع الإمارات وقريبا سيكون الطريق مفتوحا تجاه السعودية، وهو (أردوغان) الذي أعاد تفعيل علاقات تركيا مع إسرائيل مؤخرا. ما يعني ضعف دور تركيا الإقليمي لحساب مصالح انتخابية والضغوط الاقتصادية فضلا عن الخسارة السياسية في علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي بشكل رئيسي، فضلا عن فتور علاقاتها الحالية مع الولايات المتحدة منذ تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة، لا سيما في الملف السوري وقضية تنظيم “داعش” الإرهابي، حيث قُتل قياديين من التنظيم في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة تركيا.

تركيا تسعى لتحسين علاقاتها مع دول الخليج؟

حول هذه الزيارة وما تحمل في طياتها، يرى الكاتب والباحث السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، أن “هذه الزيارة بالطبع ستكون جزءا من خطة وزارة الخارجية التركية في إطار تحسين العلاقات مع دول المنطقة. هذا ما حصل مع دولة الإمارات ومنها انطلقت ربما العلاقات التركية مع دول الخليج، وتركيا مصرة على تحسين علاقاتها مع هذه الدول. فالسعودية دولة مهمة جدا ومركزية ومحورية ولها نفوذ في دول كثيرة، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن أيضا على المستوى السياسي”.

وأردف الباحث في الشؤون التركية لموقع “الحل نت”، أن “هناك نقطة مهمة أيضا وهي انعكاس هذه العلاقات مع السعودية إيجابا على بعض الملفات والتي ستتضح في القادم ومنها الملف السوري”.

وفي تقدير الباحث في الشؤون التركية، أن “هناك محاولات لإيجاد حل للملف السوري، لكن لا يمكن لهذا الحل الشبه متكامل إن صح التعبير، أن يتم أو ينجح من دون دعم عربي له، وتحديدا السعودية ومصر، كما أن الإمارات تلعب هذا الدور على ما أعتقد”.

وفي سياق ما إذا كانت هناك طموحات اقتصادية لتركيا في زيارة أردوغان للسعودية، يقول الكاتب فراس رضوان أوغلو، “بالطبع، بقيت الاستثمارات السعودية في تركيا ولم تتغير، وفي حال تحسنت وتطورت هذه الاستثمارات، فإنها على الأقل ستزداد، وسيكون  ذلك مفيدا للاقتصاد التركي، كون أن الاقتصاد التركي يعاني من عدة مشاكل”.

قد يهمك: إيران تعلن عن خلافات مع تركيا بشأن سوريا

هل يترك أردوغان الإيرانيين؟

السفير التركي لدى الولايات المتحدة، حسن مراد مرجان، كتب في مقال نشره مركز دراسات إسرائيلي، منتصف الشهر الجاري، جاء فيه بأن “برنامج إيران النووي يهدد تركيا وإسرائيل على حد سواء”، وشدد في هذا المقال الذي نشرته دورية “تركي سكوب” الإسرائيلية التابعة لمركز “موشيه ديان” لدراسات الشرق الأوسط، دون أن يذكر إيران صراحة، على ضرورة التعاون المشترك بين تركيا وإسرائيل للتعامل مع التهديدات الإقليمية.

وتعتبر تصريحات الدبلوماسي التركي الرفيع غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، كان المسؤولون الأتراك قد أصدروا تصريحات مماثلة عام 2011 عندما تصاعدت التوترات بين أنقرة وإيران.

ويرى مراقبون، أن تركيا تعيد حساباتها في علاقاتها مع دول الجوار بمعنى أنها تستشعر الخطر الإيراني من خلال تقاربها مع هذه الدول، في حين يرى الباحث في الشأن التركي، فراس رضوان أوغلو، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن “موضوع الملف النووي الإيراني يقلق كل هذه الدول في المنطقة ومنها تركيا طبعا، وأعتقد أن هذا التقارب سيكون رسالة لإيران لأن الملف النووي ليس مرتبطا فقط بين إيران والدول الغربية، وإنما بدول الجوار أيضا”.

وتابع أوغلو في حديثه، “ما سيزيد من حدة التوتر بين البلدين، إذا حصل تطور في ملف الملف النووي الإيراني، بالإضافة لتحركات الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة”.

وختم حديثه بالقول: أعتقد أن أردوغان سيستفيد في حملته الانتخابية القادمة من هذه الخطوة أي زيارته إلى السعودية، حيث يفكر كل السياسيين في تركيا الآن في الانتخابات وكيفية النجاح فيها، وبالطبع هذا جزء من هذه السياسة التي يقوم بها أردوغان حاليا، وفقا للباحث في الشؤون التركية لموقع “الحل نت”.

يذكر أن أردوغان قد زار دولة الإمارات منتصف شهر شباط/فبراير الماضي، في زيارة تبعها توقيع اتفاقات اقتصادية سعت لها أنقرة بعد تدهور اقتصادي حاد في تركيا.

قد يهمك: ما الأسباب الحقيقية لمنع تركيا مرور الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة