ما يزيد عن 1000 من المرتزقة السوريين والروس المنتشرين في ليبيا نقلوا بأمر من الكرملين من شمال إفريقيا، كواحدة من أولى الدلائل على أن غزو روسيا لأوكرانيا يشكل ضغوطا على موقف موسكو الخارجي، بحسب مسؤولين غربيين وليبيين.

ووفقا لمسؤولان غربيان، فقد تم سحب حوالي 200 من المرتزقة الروس من مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة المدعومة من “الكرملين” ونحو 1000 مرتزق سوري كانوا منتشرين لصالح روسيا في ليبيا، خلال الأسابيع الأخيرة. وقد أكد عملية السحب هذه ثلاثة مسؤولون آخرون.

ووفق تقرير لـ”فايننشال تايمز” ترجمه موقع “الحل نت” فقد قال مسؤول إقليمي مطلع على عملية انتشار القوات في ليبيا أنه لا يزال حوالي 5000 من المرتزقة متواجدون في البلاد نيابة عن موسكو. وأكد مسؤول ليبي رفيع المستوى سحب روسيا لمرتزقتها من بلاده، إلا أنه لم يذكر تفاصيل أخرى.

“في البداية، شمل السحب السوريون وليس العاملين الروس في فاغنر، ثم أصبح السحب للعاملين لدى فاغنر أنفسهم. وهم لا يزالون يتواجدون هناك، إلا أن عددهم بات أقل بكثير”، يوضح عماد الدين بادي، الخبير الليبي والشريك البارز في مبادرة الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي.

وكان انتشار مرتزقة الروس قد قدم دعما لموسكو في شمال وغرب إفريقيا خلال السنوات الأخيرة. ففي بلدان مثل جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، تستفيد روسيا من الاستياء الواسع النطاق ضد القوة الفرنسية الاستعمارية السابقة لزيادة نفوذها، حيث تمثل ليبيا مركز تواجدها في القارة. إلا أن تكلفة غزو أوكرانيا بدأت بإجهاد انتشار موسكو في إفريقيا، حيث تؤكد التقارير المتواردة على أن حوالي 200 مقاتل من فاغنر قد غادروا جمهورية إفريقيا الوسطى بالفعل.

وقد قلصت روسيا من أهدافها في أوكرانيا بعد الإخفاقات في ساحة المعركة. كما تكبدت خسائر كبيرة تتجاوز بكثير الـ 1351 جندي الذين اعترفت بمقتلهم آخر مرة في أواخر شهر آذار/مارس. وكانت المملكة المتحدة قد قالت يوم الثلاثاء أن ما لا يقل عن 15 ألف مقاتل روسي قد قتلوا خلال أول شهرين من الحرب.

ويؤكد مسؤولان غربيان بأن موسكو لم تعتزم في البداية سحب أي من قواتها من ليبيا، إلا أن القرار جاء بعد إخفاقها في اتخاذ خطوات كبيرة في أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع البريطانية في أواخر شهر آذار أنه ربما بسبب الاخفاقات اضطرت روسيا لتفضيل أوكرانيا على العمليات في إفريقيا وسوريا فيما يخص العاملين في فاغنر.

وقال ثلاثة مسؤولين غربيين إن مقاتلي فاغنر انسحبوا إلى أوكرانيا، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيتم إرسال السوريين إلى أوكرانيا. وفي الوقت ذاته، يقول مسؤولون في كييف إن مقاتلين سوريين قتلوا بالفعل مع الروس على خط المواجهة، إلا أن المسؤولان الغربيان قالا إنه لا يوجد حتى الآن أي دليل يبين أن السوريين كانوا منتشرين في الأراضي الأوكرانية.

وبحسب مسؤول تركي وآخر غربي، فقد أغلقت تركيا قبل نحو شهر مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية العسكرية الروسية القادمة من ليبيا وسوريا، حيث الوجود العسكري الكبير لروسيا، وسط مخاوف من نقل مقاتلين ومعدات إلى أوكرانيا.
“كان لدى الأتراك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الروس كانوا ينقلون الأشخاص وربما المعدات من سوريا وليبيا إلى ساحة المعركة في أوكرانيا”، يوضح المسؤول الغربي.

من جهتها، تتهم الولايات المتحدة يفغيني بريغوجين، أحد مساعدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتمويل فاغنر، الأمر الذي نفاه بريغوجين. وردا على أسئلة حول الحد من المرتزقة، نفى بريغوجين مرة أخرى وجود صلات له بمجموعة المرتزقة الخاضعة للعقوبات. ولم يرد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، على طلب للتعليق.

وكان الكرملين قد أرسل في البداية عدة آلاف من قوات فاغنر والمرتزقة السوريين إلى ليبيا في أواخر العام 2019 بغية مساعدة خليفة حفتر في محاولته للإطاحة بالحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. إلا أن الهزيمة كانت حليفة قوات حفتر وفاغنر، وتراجعت قواتهما إلى قواعد في شرق وجنوب ليبيا، حيث تتركز معظم حقول النفط، بعد وقف إطلاق النار في العام 2020، مع الحفاظ على وجود استراتيجي على الجناح الجنوبي لحلف الناتو.

ويرى المحللون أن الانسحاب من ليبيا، المنقسمة بين حكومتين متنافستين، لن يغير من ميزان القوى الهش في البلاد. وتقول كلوديا غازيني، محللة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، موضحة: “لا يريد أي من الأطراف الأجنبية، التي تدعم الجانبين الليبيين، المساومة على الحوار الذي أعيد تنشيطه، من أجل شن حرب في ليبيا ضد الطرف الآخر”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.