ربط باحث سياسي سوري السبب في عودة الولايات المتحدة إلى القاعدتين اللتين انسحبت منهما قبل 4 أعوام، وهما مطار الطبقة وقاعدة اللواء 17 بالقرب من الرقة، برغبة واشنطن لمحاصرة دمشق وإضعاف التمدد الروسي شمال شرقي سوريا.

ونشرت عدة وسائل إعلامية، إن وفداً عسكرياً رفيع المستوى من وزارة الدفاع الأميركية، وصل أمس الجمعة، إلى قواعد “التحالف الدولي” شمال شرقي سوريا.

وأشارت وسائل الإعلام إلى أن الوفد الأميركي الذي يضم مسؤولين أميركيين بارزين سيجتمع مع “قسد” خلال الأيام المقبلة”، مبينة أن “الاجتماع سيركز على زيادة دعم قوات “قسد” تقنياً وعسكرياً، وكذلك سيتم النقاش حول أمور عسكرية عدة فيما يتعلق بالمنطقة.

بدورها، قالت وكالة “الأناضول” التركية، أمس الجمعة، إن القوات الأميركية في سوريا، أعادت تفعيل قاعدتين عسكريتين كانت قد أخلتهما عام 2019 في الرقة، إبان إطلاق عملية “نبع السلام” التي نفذها الجيش التركي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019.

قلق أميركي من تعزيز روسيا لوجودها في الرقة

ونقلت الوكالة عن مصادرها أن روسيا تسعى إلى تعزيز وجودها في محافظة الرقة، الأمر الذي أشعر الولايات المتحدة بعدم الارتياح ودفعها للبدء بإرسال تعزيزات عسكرية إلى الفرقة 17، على بعد 7 كيلومترات عن مدينة الرقة، وإلى مطار الطبقة على بعد 50 كيلومترا من المدينة.

وأوضحت “الأناضول”، أن القوات الأميركية أرسلت عدداً كبيراً من المدرعات و9 عربات “برادلي”، وعشرات الجنود إلى الموقعين المحددين تمهيدا لإعادة استخدامهما كقاعدتين ثابتتين، بالإضافة إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى مطار الطبقة عبر طائرات شحن.

وقال حسين عمر، وهو كاتب وباحث سياسي سوري في حديث لموقع “الحل نت”، إن التوجه الأميركي غربا في سوريا ليس بالأمر المستبعد وخاصة المناطق المتاخمة لتواجد قوات حكومة دمشق، وبذلك تحاول واشنطن توجيه ضربات لمواقع قوات حكومة دمشق ودفعها للانحسار من مناطق تواجدها في شمال وشرق سوريا وهي رسالة أيضا إلى روسيا التي تحارب في أوكرانيا أي محاولة إضعاف روسيا في المنطقة أيضا.

معطيات جديدة تدفع بواشنطن لتوزيع قواتها من جديد

الباحث السياسي، أضاف أن هناك معطيات عديدة تدفع الولايات المتحدة لتوزيع قواتها المتواجدة على الأراضي السورية من جديد بعد الانسحاب من العديد من المناطق عام 2019، وذلك بعد أن اتفقت مع روسيا للسماح لتركيا بمهاجمة المنطقة واحتلال أجزاء مهمة منها.

وكانت التوقعات كلها تصب حينها في خانة إمكانية تسليم أميركا المنطقة بأكملها لتركيا وروسيا، وفعلا تمددت روسيا ووصلت إلى القامشلي مرورا بالطبقة والرقة ومنبج ودير الزور أي اصبح لها تواجد عسكري ومراكز للدفاع المدني أي “الميليشيات المرتزقة” المرتبطة بها إلى جانب وجود رمزي لقوات دمشق، وفق الباحث السياسي.

وانخرطت الولايات المتحدة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بإسناد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” عبر غارات جوية على التنظيم الإرهابي، في أيلول/سبتمبر 2014.

انسحاب واشنطن خلقت مسببات صراع داخلي في المنطقة

وخريف 2019، بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها من نقاطها العسكرية المؤقتة بمدينتي تل أبيض، بريف الرقة، ورأس العين، بريف الحسكة، المتاخمتين للحدود التركية، شمال شرقي سوريا، أسفرت عن سيطرة القوات التركية رفقة الفصائل السورية الموالية لها على المدينتين.

وسلخت تركيا المنطقة الحدودية الممتدة من حدود كوباني إلى حدود الدرباسية وبذلك سمحت أميركا لتلك الجهات بتقويض أجزاء مهمة من مناطق “الإدارة الذاتية” وخلقت مسببات صراع داخلي في المنطقة لتضع قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بين فكي كماشة روسيا وتركيا من جهة و “داعش” و دمشق من جهة أخرى دون أن تقدم أية حلول للأزمات التي تعيشها المنطقة وخاصة أصبحت التهديدات المباشرة والدائمية من الداخل والخارج على “الإدارة الذاتية” من القوى المذكورة.

ولم تقم الولايات المتحدة منذ ذلك الحين بأية محاولة لمنع تلك الجهات من الإضرار ب “الادارة الذاتية”، فتركيا تقصف يوميا مواقع عسكرية ومدنية في مناطق الإدارة والروس عززوا من تواجدهم وجعلوا من مطار القامشلي قاعدة رئيسية لهم وتدخلت إيران لتشكل خلايا مسلحة وعادت فعالية “داعش” لتضرب يوميا مواقع أو شخصيات تابعة ل “قسد” و “الإدارة المدنية”.

لا علاقة لعودة القوات الأميركية بتحركات تركيا أو “داعش”

الباحث السياسي، قال إنه لاعلاقة لعودة القوات الأميركية إلى القاعدتين بتحركات تركيا أو “داعش” أبدا، وإنما مرتبطة بتحركات روسيا ودمشق، وتتأثر كذلك بالحرب الروسية الأوكرانية وكذلك التحضيرات التركية لاجتياح جديد للمنطقة بالتنسيق مع روسيا.

وأشار الكاتب والباحث السياسي إلى أن الأمر يصب في خدمة تركيا بكل الاحوال فهي على وشك الاتفاق مع روسيا وإذا تحركت أميركا لإضعاف الأخيرة فإن تركيا مستعدة للاستدارة لقبول بعض الشروط الأميركية على أن تكون مناطق “الادارة الذاتية” هي الغطاء الأميركي لها.

ونوه الباحث بأن التواجد الأميركي في تلك المنطقة هو منع تمدد قوات دمشق، لأن الإدارة الأميركية تتحضر وتدفع بالجهات الدولية للتشديد ضد دمشق ومحاولة محاصرته أكثر وهناك بعض المعلومات التي ترشح بإمكانية قيام الولايات المتحدة بتشجيع القوى الدولية للوقوف معها وخاصة بعد ظهور إثباتات دامغة على ارتكاب دمشق لجرائم حرب ووجود شبهات على عدم التوقف عن إنتاج المواد الكيمياوية الحربية.

“مجزرة التضامن”.. “جريمة حرب خفية” في سوريا

وأعادت المشاهد التي نشرتها صحيفة “الغارديان” البريطانية في تحقيقها بعنوان “جريمة حرب خفية” في سوريا حول “مجزرة التضامن”، إلى الأذهان صور المصور في الشرطة العسكرية الذي عرف لاحقا باسم “قيصر” والتي بلغ عددها 55 ألف صورة تعود لـ11 ألف معتقل سوري قضوا في ظروف من التعذيب والمرض وغيرها في مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة السورية.

ما جرى في يوم 16 نيسان/أبريل 2013، تم اكتشافه بطريق الصدفة، من قبل أحد المجندين في الأجهزة الأمنية، والذي قام بتهريب مشاهد الفيديو في رحلة طويلة ليوصلها إلى ناشطين في أوربا، حيث تم البدء بتحقيق استمر نحو عام ونصف، تخلله التواصل مع مرتكب “المجزرة” أمجد يوسف، الذي أكد في النهاية أنه نفذها مفتخرا بأنه كان يقوم بأداء واجبه.

تقول “الغارديان”، إن “هذه قصة جريمة حرب قام بها أحد أشهر الأفرع التابعة للنظام السوري، الفرع 227 يعرف بفرع المنطقة من جهاز المخابرات العسكرية”، حيث تم إلقاء القبض على مجموعة من المدنيين، كانوا معصوبي الأعين، مقيدي الأيدي، وساروا نحو حفرة الإعدام، غير مدركين أنهم على وشك أن يقتلوا بالرصاص.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.