تضررت سوريا بشدة من نقص غير مسبوق في الوقود بشكل يهدد بتوقف اقتصاد البلاد. حيث صرح وزير النفط السوري، في أكثر من مناسبة، أن سوريا تشهد نقصا متفاقم في البنزين نتيجة العقوبات التي تعطل واردات الوقود الحيوية في أحدث أزمة تضر باقتصاد البلاد.

الأزمة المستمرة منذ أعوام، لم تجد لها الحكومة حلولا سوى انتظار البواخر القادمة من طهران وروسيا، ما أدى إلى خلق سوق موازية تضارب في أسعار الوقود، وتتاجر بأحلام المواطنين، ومؤخرا وقبيل عيد الفطر أدت سياسة الحكومة إلى صعود كبير لسعر بنزين “السوق السوداء” في حلب بعد إغلاق محطة كانت توفره.

9 آلاف للتر

في ظل الارتفاع الكبير في الطلب على الإمدادات وندرة المواد في السوق، ألقى اقتراب عيد الفطر بظلاله على سعر البنزين في السوق السوداء في حلب والذي تجاوز حاجز 9000 ليرة سورية لكل لتر أمس السبت.

الارتفاع الكبير في الطلب، جاء بعد إغلاق إحدى محطات الوقود التي توفر وتبيع البنزين المهرب علانية للمواطنين، والتي لعبت دورا في رفع سعر المشتقات النفطية في السوق الموازية خلال اليومين الماضيين، حيث ارتفعت الأسعار بواقع ألفي ليرة عن سابقتها.

وتوقع أصحاب السيارات الخاصة، اعتبارا من اليوم الأحد، أن توافر البنزين الحر في محطتي داخل المدينة حاليا سيؤثر إيجابيا على سعر مواد البنزين بأنواع في السوق السوداء.

وأرجع أصحاب السيارات، في حديثهم لصحيفة “الوطن” المحلية، أسباب توجههم للسوق السوداء، إلى انخفاض شحنات البنزين المنتظمة إلى المحافظة، وهذا ناتج عن القرار الأخير الذي اتخذته الحكومة، والذي تضمن تأخير استلام مخصصاتهم من الوقود إلى 15 يوما بدلا من 10 أيام.

وعلى الرغم من أن مصدرا في محروقات حلب، قال للصحيفة، إن ضخ المادتين في محطات الوقود المحددة سيستمر خلال الأيام المقبلة، إلا أن الأهالي أعربوا عن اعتقادهم بأن كمية البنزين العادي الحر و”95 أوكتان” التي زودت بها المحافظة قليلة جدا، بالإضافة إلى تخصيص محطتين فقط داخل المدينة لبيع البنزين، سيؤدي إلى ارتفاعات جديدة في السوق السوداء مع حلول عيد الفطر.

قد يهمك: بنطال جينز بـ90 ألف في سوق الألبسة السورية.. ما علاقة الكهرباء؟

مع اقتراب العيد.. لا وقود في المدن!

بعد أن سحبت الحكومة السورية الدعم من شرائح كبيرة من السوريين قبل نحو ثلاثة أشهر، أثر بشكل كبير على الأوضاع المعيشية في سوريا، ومن ثم جاءت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وزادت من تفاقم الأمر، من حيث ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا.

في سوريا ومع اقتراب عيد الفطر الذي تتضمن تقاليده الزيارات العائلية والرحلات، لا سيما وأن العطلة هذا العام تتراوح بين 6-9 أيام، إلا أن الوضع تدهور كثيرا، وظهر ذلك جليا في أغلب المدن، نتيجة الارتفاع “الجنوني” بالأسعار.

مصادر محلية، ذكرت لـ”الحل نت”، أن الزيارات في العيد ستقتصر على الأقرب فالأقرب ومشيا على الأقدام، بسبب ارتفاع أسعار أجرة التكاسي، كما أن شح الوقود في المحطات كان سببا باصطفاف سياراتهم أمام البيوت.

وربط معظم الخبراء الاقتصاديين سبب هذا الارتفاع الذي شهدته سوريا، بالمشتقات النفطية كالمازوت والبنزين، كونه أحد مفاصل أي اقتصاد في أي دولة وله تأثير مباشر على الحياة اليومية بشكل عام، وخاصة في سوريا، حيث اعتماد عدة قطاعات سواء زراعية أم حيوانية أم تجارية ووسائل النقل، على مادة المازوت في الأمور التشغيلية في ظل غياب التيار الكهربائي.

إذاعة “شام إف إم” المحلية، نشرت تقريرا لها، يوم الأربعاء، عن حجم خسارة الإنتاج المحلي بسبب المشتقات النفطية، وقالت إن “تداعيات أزمة المشتقات النفطية الحالية لا تتوقف عند انعكاساتها السلبية على قطاع النقل فقط، وإن كانت تتسبب بمعاناة شديدة لمعظم المواطنين، سواء من يستخدمون وسائل النقل العام أو أولئك الذين يمتلكون سيارات خاصة”.

ورجحت الإذاعة المحلية في تقريرها، إلى أن “عدم توفر مادتي المازوت والبنزين بكميات تكفي احتياجات عملية التشغيل، يعني بوضوح شديد أن هناك خسارة اقتصادية يومية مستمرة، وفي مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية”.

وسبق أن تعهدت الحكومة السورية بدعم عدة قطاعات في السابق، وذلك لزيادة الإنتاج المحلي، لكنها لم تفِ بوعودها. إضافة إلى عجزها عن توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة على العائلات السورية والقطاع الزراعي والحيواني (الدواجن)، وهذا ما يضع شكوكا حول وعودها التي تطلقها عادة ولا تكون سوى حبرا على ورق.

للقراءة أو الاستماع: نقص المازوت والبنزين السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار بسوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.