يتواصل الجدل بين السوريين في تركيا، بعد إعلان الحكومة التركية على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مشروع “العودة الطوعية” الذي يستهدف إعادة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال الشهور القريبة المقبلة.

ما يقلق السوريين كثير من النقاط أبرزها حضور هذا المشروع في مثل هذا الوقت، إلى جانب الآلية المتبعة في تنفيذ المشروع، وفيما إذا كانت السلطات ستتعمد إجبار اللاجئين على العودة، في ظل ظروف غير آمنة للمناطق السورية، سيما وأنه لا توجد أية مناطق آمنة فعليا أو مناسبة للعيش.

صحيفة “صباح” التركية، كشفت يوم أمس الأربعاء عن تفاصيل جديدة حول المشروع، حيث أكدت التوافق على تسميته بمشروع (2Y- 1Ç)، ويتضمن في معناه كلمات استقر، عِشْ، اعمل.

وبحسب تقرير الصحيفة فإن المشروع يهدف إلى بناء ما بين 200 إلى 250 ألف منزل في 3 أنواع مختلفة، قبل نهاية العام الجاري، وبمساحة 40 و60 و80 مترا مربعا، ليتم تسليمها للعائدين، وفق عدد أفراد كل عائلة.

قد يهمك: موقف تركي جديد مع دمشق.. ما أسباب ذلك؟

موقع المشروع في سوريا

وسيتم بناء هذه الأبنية السكنية في مناطق  جرابلس وإعزاز والباب ورأس العين وتل أبيض، شمالي سوريا، تزامنا مع بناء مبانٍ اجتماعية وثقافية، مثل المدارس ومراكز التسوق، والقاعات الرياضية، والهياكل الإدارية للمدينة، ما يعني أن السوريين المشمولين بالعودة لن يعود إلى مدنهم التي كانوا يعيشون فيها قبل الخروج من البلاد.

ويرى الحقوقي المهتم بقضايا اللاجئين السوريين في تركيا طه الغازي، أن المشروع الذي أعلنت عنه الحكومة التركية تحت مسمى “العودة الطوعية“، هو بعيد كل البعد عن العودة الطوعية، معتبرا أن المشروع هو “إعادة توطين“.

عودة طوعية أم إعادة توطين؟

الغازي يردف خلال حديثه لـ“الحل نت“: “هي بحد ذاتها قد تكون تحت مسمى العودة الطوعية، لكنني أراها إعادة توطين إن لم يتم اقتران عودة اللاجئ السوري إلى بلده، بعودته حيث كان يعيش قبل لجوئه إلى تركيا إلى مدينته ومنزله الذي كان يعيش فيه، إعادة ابن دمشق أو ابن دير الزور إلى إدلب أو جرابلس، هي ليست عودة طوعية وإنما إعادة توطين“.

ويؤكد الغازي وجود صعوبات اقتصادية لدى تركيا في تنفيذ هذا المشروع، لكنه لا يستبعد مشاركة دول عديدة في تمويله كقطر، إضافة لتخصيص جزء من الحزمة المالية التي تم إقرارها في مؤتمر “بروكسل للمانحين” بنسخته الأخيرة السادسة للمساهمة في مشروع العودة الطوعية.

ويعتقد الغازي أن تركيا ستسعى لأن يشمل المشروع أكثر من مليون سوري في تركيا، لا سيما وأن دراسات لمؤسسات التركية أشارت في وقت سابق إلى أن “مليون وأكثر من اللاجئين السوريين لديهم الرغبة في العودة إلى بلادهم في حال توفر الظروف الآمنة“.

وتكمن الصعوبات بحسب الحقوقي في المراحل التي تتبع تنفيذ المشروع، “خاصة أن الواقع الاقتصادي في مناطق شمالي سوريا وإدلب اليوم هو واقع يعتبر عند مستوى خط الفقر. البطالة موجودة في المنطقة أصلا، فكيف إذا أضفنا كتلة بشرية دون تأمين مشاريع وفرص عمل لهؤلاء“.

ويختم الغازي حديثه بالقول: “إن لم يتم تدارك الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الأساسية في المنطقة، فإنها ستشهد حالة انفجار سكاني وتكثر المشاكل والصدامات، فضلا عن الفساد في الفصائل العسكرية، هذه المشاكل تؤثر بشكل سلبي حتما على نجاح مشروع العودة الطوعية“.

وتحاول الحكومة التركية مؤخرا التخفيف من تأثير ملف اللاجئين السوريين على الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو 2023، لا سيما بعد أن نجحت الأحزاب المعارضة في كسب المزيد من الحاضنة الشعبية بعد أن استخدمت ورقة اللاجئين في دعايتها الانتخابية.

اللاجئون السوريّون في تركيا.. ملف مساومة؟

تشير الأدبيات الحديثة حول تأثير اللاجئين على السلوك الانتخابي في البلدان المضيفة، إلى أن وجود اللاجئين ومن ضمنهم السوريين يتسبب في تراجع الدعم للأحزاب الحاكمة وزيادة أصوات الحركات المعارضة داخل البلاد، وهذا ما قد يحدث مع تركيا خلال الانتخابات المقبلة بعد حوالي عام من الآن.

فعلى مدار السنوات الماضية، يستغل مسؤولون وشخصيات تركية باستمرار ملف اللاجئين السوريين في تركيا تحقيقا لمصالحهم، بينما تنتشر عشرات الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة بحق السوريين في البلاد.

ورغم التوضيحات المتواصلة التي يُعلن عنها من قبل الدوائر الحكومية التركية، إلا أن العديد من المسؤولين يواصلون التصريح بمعلومات مضللة كأعداد مواليد السوريين في ولاية هاتاي أو عدد السوريين الحاصلين على الجنسية أو مواضيع أخرى.

للقراءة أو الاستماع: تنسيق استخباراتي تركي سوري.. أنقرة باعت ملف اللاجئين؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.