لا تزال عمليات تهريب المخدرات التي تقوم بها الميليشيات الإيرانية إلى الأردن، متخذة من الجنوب السوري في درعا وبادية السويداء منطلقا لها، تؤرق الجانب الأردني الذي يحاول التعامل مع هذه العمليات على الرغم من ازديادها خلال العام الحالي بشكل غير مسبوق.

وعلى الرغم من تصريحات دمشق التي تحاول من خلالها إرسال رسائل للأردنيين أنها تعمل على مكافحة المخدرات، إلا أن الوقائع أثبتت تورط الأجهزة الأمنية السورية، والفرقة الرابعة وجزء من الجيش السوري بتهريب هذه المخدرات بالتنسيق مع الإيرانيين، وبتأمين حماية للمهربين من خلال غطاء ناري في معظم الأوقات.

عمليات التهريب مستمرة

صباح اليوم الجمعة، أعلن مصدر عسكري أردني في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، أن المنطقة العسكرية الشرقية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الأردنية وإدارة مكافحة المخدرات، أحبطت مع فجر اليوم محاولة تسلل وتهريب من سوريا.

وأوضح المصدر، أنه بعد تطبيق قواعد الاشتباك فر المهربون إلى عمق الأراضي السورية، وبعد تفتيش المنطقة، تم العثور على كميات من المواد المخدرة.

وقبل أيام، كشف مدير مديرية أمن الحدود في الجيش الأردني العميد أحمد خليفات، أن عمليات تهريب المخدرات من الأراضي السورية منظمة، وتلقى الرعاية والدعم من أشخاص في القوات السورية وأجهزتها الأمنية، وميليشيا حزب الله وكذلك الميليشيات الإيرانية.

وأضاف خليفات، أن “قوات جيش النظام موجودة على الحدود من الواجهة الشمالية، لكننا ما نزال نرصد قوات غير منضبطة للجيش تتعاون مع مهربين”، مؤكدا أنه “لم نلمس حتى الآن، أن لنا شريكا حقيقيا في حماية الحدود”.

إقرأ:المخدرات تمول النفوذ الإيراني في سوريا.. آلية جديدة لمواجهة طهران؟

الجنوب مركز تصنيع وتهريب متقدم للمخدرات

كانت عملية التسوية في درعا في تموز 2018، مدخلا مهما للميليشيات الإيرانية وحزب الله والفرقة الرابعة للعمل في تصنيع وتجارة المخدرات على نطاق واسع، وذلك من خلال إنشاء عدة مصانع لكبس حبوب الكبتاجون والحشيش في المحافظة، وإيجاد نقاط تهريب متبدلة على الحدود مع الأردن.

فقد استطاعت هذه المجموعات إنشاء عدة معامل تتوزع في مناطق اللجاة، وريف درعا الغربي، بعدد يبلغ نحو 11 معملا على الأقل، وتتواجد فيها نوعان من آلات كبس حبوب الكبتاجون، بعضها تستطيع إنتاج 350 ألف حبة يوميا، وذلك ما يعطي مؤشرا على القدرة على إنتاج ملايين الحبوب يوميا، بحسب مصادر خاصة لـ”الحل نت”.

وبحسب المصادر، فإن الحبوب المصنعة، يتم تعبئتها وتخزينها في مواقع مختلفة، أبرزها في اللجاة في منزل أحد القياديين المحليين التابعين لحزب الله، وهذه يتم نقلها إلى بلدة تدعى الزركا في طريق يمر بين قاعدة التنف وبين مخيم الركبان وصولا للحدود الأردنية.

كما تتم عمليات التخزين في كل من بلدة نصيب الحدودية في إحدى المزارع، من قبل قياديين محليين،حيث يتم تجهيز الحبوب المخزنة بوسائل مختلفة لتهريبها، كما يتم تخزين الحبوب في بلدة خراب الشحم في ريف درعا الغربي التي لا تبعد عن الحدود الأردنية سوى 2 كم.

قد يهمك:استهداف ممنهج لمروجي المخدرات في درعا.. من يقف وراءه؟

التجهيز للتهريب وآلياته وطرقه

مصدر خاص، تحدث إلى “الحل نت”، أكد أن عمليات التجهيز تتم بعد وسائل ومستويات، ويتم تقسيم الحبوب المخدرة إلى عدة أقسام، حيث يتم استخدامها في التهريب بطرق مختلفة.

ففي بلدة نصيب، يتم تجهيز الحبوب بطريقتين، الأولى توضع في مخابىء مخصصة في سيارات أو شاحنات لتمر عبر معبر نصيب- جابر الحدوي، وعادة ما تكون أعدادها قليلة نسبيا، وبعض الشحنات توضع بشكل يسهل كشفه من قبل السلطات الأردنية من أجل التمويه لعمليات أخرى كبيرة في نفس الوقت، ولكن الشحنات الكبيرة تمر من منافذ غير رسمية، ولا يقل عدد الحبوب في هذه الشحنات عن 500 ألف حبة كبتاجون وعدد كبير من كفوف الحشيش.

أما في بلدة خراب الشحم، فيتم تجهيز الحبوب المخدرة بعدة طرق، منها ما يتم تجهيزه لتهريبه عبر بعض الحيوانات في شحنات متوسطة في مناطق كويا وبيت آرة في حوض اليرموك، وعادة ما يبلغ عدد الحبوب نحو 100 ألف حبة، ومنها ما يتم تجهيزه بأعداد كبيرة تتجاوز 400 ألف حبة يتم إدخالها من ثغرات حدودية قرب سرية الهجانة المجاورة لبلدة خراب الشحم.

وأضاف المصدر، أنه منذ نحو عام، بدأت الميليشيات باستخدام الطائرات المسيرة “الدرون”، لتهريب المخدرات إلى الأردن، مشيرا إلى أن أهم المواد التي تُهرب بالمسيرات هما مادتي “الكريستال” وهي مادة أولية تستخدم في تصنيع المخدرات وثمنها مرتفع وتأتي بشكل حصري من إيران، ومخدر الهيروين غالي الثمن أيضا، وفي حالات قليلة يتم تهريب حبوب كبتاجون ذات جودة مرتفعة.

وأبرو مناطق التهريب بالطائرات المسيرة، المخفر 21 بين بلدتي خراب الشحم وتل شهاب في ريف درعا الغربي، ومنطقة كويا في حوض اليرموك، ومنطقة خربة عواد في بادية السويداء.

وقد تمكن الجيش الأردني خلال الأشهر الماضية من اعتراض مسيرتين تحملان المخدرات، إحداهما خلال الشهر الحالي، والأولى في تشرين الأول/أوكتوبر من العام الماضي.

أما بالنسبة للمنطقة الشرقية في بادية السويداء، فهناك عدة نقاط لتهريب المخدرات، أبرزها خربة عواد، ومنطقة كوع حدر، وفي هذه المنطقة تتم عمليات التهريب بشحنات كبيرة تتجاوز المليون حبة في معظمها، حيث يلجأ المهربون لاستخدام سيارات من نوع تويوتا تعرف محليا بـ”الشاص”، وتتم عملية عبورها باستغلال العواصف الغبارية، أو بعد تنفيذ عمليات اشتباك مسلح مع الجيش الأردني للفت نظرهم عن منطقة أخرى، وحسب المصدر فإن السيارة التي تعبر إلى الجانب الأردني لا تعود إلى سوريا، وبالنسبة للجماعات التي تنفذ الاشتباكات فهي في الغالب تابعة للفرقة الرابعة وحزب الله والمخابرات الجوية.

إقرأ:معلومات تؤكد تورط عائلة بشار الأسد بتجارة المخدرات في سوريا

أسعار المواد المخدرة

بحسب مصادر “الحل نت”، يبلغ سعر حبة الكبتاجون في درعا 500 ليرة سورية، وفي الأردن دينار واحد، وفي السعودية 20 ريال سعودي، أما الحشيش فيتم بيعه بالكيلو، حيث يبلغ سعره في درعا 80 دولار للكيلو الواحد، بينما يصل سعره في الخارج نحو 1500 دولار، وبالنسبة لمادة الكريستال،فيباع الغرام في درعا بنحو 70 ألف ليرة، وفي الخارج 100 دولار، أما الهيروين، فيباع الغرام في درعا بنحو 90 دولار، أما في الخارج فيصل إلى نحو 200 دولار.

ويذكر أن تقريرا صدر مؤخرا عن معهد “نيو لاينز” الأميريكي، كشف أن قيمة تجارة حبوب الكبتاجون في الشرق الأوسط، تجاوزت 5 مليارات دولار خلال العام 2021 ، مشيرا إلى تورط أفراد من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، وكبار أركان نظامه وحزب الله اللبناني في تصنيع الكبتاجون وتهريبه، حيث يوضح التقرير أن سوريا تعد المنتج الرئيسي لحبوب الكبتاجون.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة