تعلم إيران وحليفتها دمشق، ان العقوبات الغربية المفروضة عليهما منذ عدة سنوات جعلت الاقتصاد الرسمي لهما غير قادر على تمويل العمليات العسكرية التي تنفذانها في سوريا، حيث تحتاج إيران إلى مبالغ كبيرة جدا لتمويل قواتها وميليشياتها، لذلك اعتمدت إيران على التمويل الذاتي والذي تعد تجارة المخدرات وتصنيعها أبرز وجوهه.

وتستهدف إيران في تجارتها الأردن ودول الخليج وخاصة السعودية، عبر الجنوب السوري الذي سيطرت إيران على معظم مفاصله بعد العام 2018، لتحول الحدود الشمالية للأردن إلى معابر لإدخال حبوب الكبتاجون المخدرة وأنواع أخرى من المخدرات.

عمليات منظمة

وفي سياق تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية، قالت صحيفة “جيرازوليم بوست” العبرية، أن تجارة المخدرات التي أصبحت أكثر تنظيما على الحدود الشمالية للأردن، باتت تشكل مصدر قلق للمملكة، ومضيفة أن أيران تنقل المخدرات من سوريا إلى الخليج لتمكين ميليشياتها، مشيرة إلى أن ارتباط الجماعات المسلحة في جنوب سوريا بالحكومة السورية و”الحرس الثوري” الإيراني وميليشيا “حزب الله” اللبنانية، يخلق “شبكة سيئة” قد تدير المخدرات في اتجاه واحد للحصول على الأموال وبيع وشراء السلاح.

وحسب معلومات حصل عليها موقع “الحل نت”، فإن هناك قسمين من الشبكات التي تعمل في المخدرات، شبكات لامركزية تقوم بالتصنيع في مناطق مختلفة من سوريا، أبرزها ريف حمص الغربي خاصة القصير الواقعة تحت سيطرة حزب الله، وفي درعا وبعض المناطق الأخرى، ولكن هذه الشبكات تقوم بتجميع المخدرات في نقاط محددة تتوزع في كل من درعا والسويداء، حيث تنتهي مهمتها عند ذلك.

وبعد ذلك يبدأعمل شبكات التهريب، ومعظم عناصرها مهربون محليون بعضهم انتسب لصفوف الفرقة الرابعة بعد العام 2018، وبعضهم الآخر يعمل وفق مبدأ الأجر مقابل النقل والتهريب، وهؤلاء يقومون بنقل المخدرات من مراكز التجميع إلى معابر ونقاط التهريب على الحدود الأردنية السورية، حيث تكون هاك وسائل مختلفة لإدخالها، منها ما يتم بواسطة سيارات نقل صغيرة وتستخدم عادة في بادية السويداء بالقرب من مخيم الركبان، وتعتمد في دخولها على وجود عواصف غبارية، بالإضافة لذلك يتم النقل من منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي عبر عدة بلدات أبرزها كويا، ويتم النقل باستعمال حقائب تحمل على الظهر، ينقلها رعاة أغنام، أو تنقل على بعض الحيوانات.

كما يتم التهريب أيضا عبر معبر نصيب الحدودي ولكن بنسبة أقل، وفي الأشهر الأخيرة بدأت الميليشيات باستخدام الطائرات المسيرة في تهريب المخدرات وخاصة، مادتي الكريستال حيث يبلغ سعر الغرام الواحد منها نحو 100 دولار في الأردن، ومادة الهيروين وسعر الغرام الواحد منه نحو 200 دولار في الأردن، حسب معلومات خاصة.

وفي هذا الإطار، قال العقيد الركن زيد الدباس من الجيش الأردني، يوم الأربعاء الماضي، أن هناك نحو 160 جماعة تعمل على تهريب المخدرات إلى المملكة من جنوب سوريا، مضيفا أن هذه الجماعات أصبحت تستخدم طائرات مسيرة ومركبات باهظة الثمن.

قد يهمك:استهداف ممنهج لمروجي المخدرات في درعا.. من يقف وراءه؟

هل تهدد شبكات التهريب قاعدة التنف وإسرائيل؟

يقول التقرير الإسرائيلي، أن شبكات تهريب المخدرات لا تهدد الأردن فحسب، بل تعمل في مناطق بالقرب من القاعدة الأمريكية في التنف في جنوب سوريا، مضيفا أن إيران تود إزالة قاعدة “التنف”، حتى تتمكن ميليشياتها لتجارة المخدرات من نقل الأسلحة أيضا في جنوب سوريا، حيث يمكن أن تشمل هذه الأسلحة طائرات بدون طيار أو ذخائر دقيقة التوجيه أو صواريخ باليستية أو تهديدات أخرى.

ويرى الكاتب الصحفي عقيل حسين، أن تجارة المخدرات لا تؤثر على قاعدة التنف، إذ أنها لا تمر بمحاذاتها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن عمل القاعدة بعيد عن المواضيع المتعلقة بتجارة المخدرات، وإنما يرتبط بشكل رئيسي بمراقبة تلك المنطقة ومحاربة الإرهاب.

أما بالنسبة لإسرائيل، فيرى حسين أن إسرائيل غير مهتمة بملف تجارة وتهريب المخدرات من خلال إيران وأذرعها إلى دول المنطقة، بل قد يسعدها ذلك في إطار تسريع عملية الاصطفاف العربي بجانبها، ومن هنا يرى تسليط الإعلام العبري الضوء على هذه التجارة شمال الأردن.

ومن جهة أخرى، فيبدو أن الامور في المنطقة تسير بشكل شامل نحو التهدئة وتخفيف التوتر وعليه يستبعد عقيل حسين أن تصعد اسرائيل ضد إيران حتى في إطار برنامج مواجهة تمركزها العسكري في سوريا، فضلا عن أن تصعد من أجل ملف المخدرات.

إقرأ:معلومات تؤكد تورط عائلة بشار الأسد بتجارة المخدرات في سوريا

كيف يمكن مواجهة تهريب المخدرات

تعتبر عملية إنتاج المخدرات في سورية، وتهريبها وصولا إلى تداولها وتعاطيها عملية متكاملة، ولا يمكن تجزئتها في حال كان هناك إرادة لمكافحتها.

ومن أجل مكافحتها، وحسب مختصين، لا بد من أن يكون هناك قرار للدول المتضررة منها كدول الخليج والسعودية والأردن، وحتى الحكومة السورية إذا أبدت جدية لمحاربة المخدرات، للعمل على إيقاف ما بات يعرف بسلاسل التوريد للمخدرات ابتداء من تصنيعها وحتى الوصول إلى المدمنين، وأي تأخر في هذه المواجهة سيجعل منها مشكلة مزمنة لن يعود بالإمكان السيطرة عليها في المستقبل حتى لو أرادت الحكومة السورية ذلك في حال تغيرت مواقفها، إذ حولت هذه التجارة بعض الأشخاص إلى إمبراطوريات مالية قادرة على مواجهة دول كما في كولومبيا ولبنان وغيرها، ولكن في الوقت الحالي دمشق مستفيدة ماليا من هذه التجارة في ظل العقوبات المفروضة عليها.

وحسب عقيل حسين، يجب أن تتحرك دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات في إطار التحرك الشامل أو إدارة أزمات المنطقة بشكل كامل مع إيران لتشمل كلا من تدخلاتها وميليشياتها وأسلحتها والمخدرات، كل هذا يجب التفاوض عليه.

قد يهمك:تصاعد خطر إمبراطورية المخدرات في سوريا

هذا وكان قد صدر مؤخرا تقرير عن معهد “نيو لاينز” الأميريكي، قال أن قيمة تجارة حبوب الكبتاجون في الشرق الأوسط، تجاوزت 5 مليارات دولار خلال العام 2021 ، مشيرا إلى تورط أفراد من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، وكبار أركان نظامه وحزب الله اللبناني في تصنيع الكبتاجون وتهريبه، و أن سوريا تعد المنتج الرئيسي لحبوب الكبتاجون.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة