الاتجار بالمخدرات ليس بالأمر الجديد في الشرق الأوسط، لكن العقد الأخير من الصراع في سوريا أفسح المجال أمام انتشاره بشكل أوسع وتشكيل “إمبراطورية لا حدود لها” يصعب التنبؤ بسقوطها على المدى القريب، ففي عام 2021 وحده، تمت مصادرة 250 مليون حبة مخدر، وهذا 18 ضعف الكمية التي تم القبض عليها قبل أربع سنوات فقط.

خطر المخدرات من سوريا يتصاعد

وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، قال لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، أمس الأحد، إن الأردن يواجه تهديدا متزايدا من المخدرات غير المشروعة من سوريا، مشيرا إلى أن المملكة ستواصل الجهود لإنهاء العزلة الدولية لجارتها.

وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، أن الصفدي تحدث إلى بيدرسن حول “التهديد المتزايد لتهريب المخدرات من الأراضي السورية إلى المملكة” خلال اجتماعهما في عمان.

https://twitter.com/voicenorth1/status/1490620785681002496?s=20&t=d9853-ZmfhpFwqVOj2mdsQ

ويأتي تخوف الصفدي، بعد أن قتل مهربون الشهر الماضي جنديين أردنيين خلال مطاردتهم على الحدود السورية – الأردنية، في حين قالت وسائل إعلام أردنية، إن المهاجمين من سوريا عادوا إلى منطقة تسيطر عليها الفرقة الرابعة، التي يقودها شقيق الرئيس السوري، ماهر الأسد.

وبعد أسبوعين من الحادثة، قال الجيش الأردني إنه قتل 27 مهربا، كترجمة متفاعلة مع قواعد الاشتباك الجديدة التي أعلن عنها مؤخرا رئيس هيئة الأركان في البلاد، اللواء الركن يوسف الحنيطي، للتصدي لهجمات المهربين المنظمة.

وكان الأردن في طليعة الدول العربية التي تضغط من أجل تطبيع العلاقات مع سوريا في عهد الرئيس بشار الأسد، وهي القضية التي قسمت المنطقة وساهمت في تأخير عقد القمة العربية هذا العام في الجزائر إلى أجل غير مسمى.

وكان أحد العوامل التي أثرت في الحسابات الإقليمية تجاه الحكومة السورية، هو تسارع تجارة المخدرات بمليارات الدولارات، وخاصة “الكبتاغون”، التي تتدفق من سوريا إلى الأردن ، ومن الأردن إلى داخل شبه الجزيرة العربية.

للقراءة أو الاستماع: المخدرات منتشرة في البقاليات والأكشاك.. ووزارة الداخلية السورية تكذب فقط

إمبراطورية المخدرات السورية

يقول مسؤولون أمنيون عرب إن “الكبتاغون” يأتي بشكل أساسي من مناطق تسيطر عليها القوات النظامية السورية، والميليشيات الموالية لإيران. وهم يعزون زيادة التهريب على مدى العامين الماضيين إلى انخفاض تكاليف الإنتاج. ونضوب الموارد غير المشروعة الأخرى في الاقتصاد السوري المتضرر من الحرب.

ويقول المحلل العسكري، عبد الله حلاوة، لـ”الحل نت”، إنه تحت قيادة الرئيس السوري، بشار الأسد، أصبحت البلاد النقطة المحورية لتصنيع المخدرات وتصديرها في المنطقة كإمبراطورية للمخدرات في سوريا. إذ إن صلات الأسد بتجارة المخدرات باتت موثقة جيدا وبالكاد يتم إخفاؤها. وهو ما يفسر عدم وجود جهود من قبل دمشق لقمع تجارة المخدرات المزدهرة. بالإضافة إلى أن جني المكاسب المالية من تجارة المخدرات، يستخدمه الأسد كورقة إستراتيجية ضاغطة ضد خصومه الإقليميين. 

ويشير حلاوة، إلى أنه منذ عام 2011، انخرطت الجماعات المسلحة في سوريا في صناعة المخدرات. ومع ذلك، فإن هذه الأعمال غير المشروعة لم تزدهر إلا بعد تمدد القوات الحكومية واستعادتها لبعض المناطق. والذي بلغ ذروته في صيف 2018. 

وساهم طرد خصوم الحكومة السورية من سوريا، بإحكام قبضتها على معظم الحدود في مناطق مع لبنان والأردن والعراق. والتي أصبحت محاور لتهريب المخدرات من سوريا، طبقا لحديث حلاوة.

وأضاف، “لا يمكن أن يحدث الازدهار في صناعة الكبتاغون إلا بحماية الدولة. وهو ما يتضح من خلال مشاركة شخصيات وشبكات رئيسية في النظام. وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة في الجيش السوري، وهي وحدة النخبة بقيادة ماهر الأسد، الأخ الأصغر للرئيس وأحد أقوى الرجال في سوريا”.

للقراءة أو الاستماع: تجارة المخدرات الأفغانية: ما علاقة خشخاش أفغانستان بالمشروع الإيراني في المنطقة؟

المخدرات ورقة مساومة لدمشق

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخرا عن دور الفرقة الرابعة في تجارة المخدرات. إذ تسيطر على القسم المسؤول عن الحدود مع لبنان والأردن. وهما نقاط التصدير الأساسية لحبوب “الكبتاغون” المصنعة في سوريا.

 كما تحتفظ الفرقة الرابعة بشبكة من نقاط التفتيش عبر مناطق سيطرة الجيش السوري. والتي تمكنها من توفير حماية حيوية لمصانع “الكبتاغون” وتسهيل حركة المخدرات في جميع أنحاء البلاد. كذلك فإن العديد من أقارب الرئيس السوري متورطون بشكل كبير في هذه الأعمال غير المشروعة. بما في ذلك سامر الأسد، رغم أنه ابن عم بعيد لبشار، لكن التحقيق كشف أنه يشرف على غالبية إنتاج “الكبتاغون” حول اللاذقية. ويمارس بشكل كبير في التهريب بجميع أنحاء المنطقة الساحلية السورية. حيث أصبح مصنع “الكبتاغون” الذي يملكه في قرية بستان الباشا جنوب اللاذقية معروفا. بعد أن كان يخفيه في صورة شركة مصنعة لمواد التغليف.

لم يعد يخف على القوى السياسية الإقليمية، أن هناك بُعد جيوسياسي للعبة الأسد في تشكيل إمبراطورية المخدرات في سوريا. إذ أصبحت المخدرات ورقة مساومة مهمة له مع الدول الأخرى. فعلى سبيل المثال، قد تستخدم الحكومة السورية المخدرات للضغط على الدول لإعادة العلاقات مع دمشق، مقابل تقليص تدفق المخدرات أو تحويلها إلى دول أخرى.

للقراءة أو الاستماع: تهريب المخدرات وتوسيع النفوذ العسكري.. أهداف “حزب الله” من الطائرات المُسيّرة بسوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة