قضية اللاجئين السوريين، باتت من القضايا الشائكة على المستويين الدولي والإقليمي، لأسباب مختلفة أبرزها عددهم الكبير في دول الجوار والغرب، والذي يصل إلى نحو 6 ملايين لاجئ، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها دول اللجوء، وفاقم الأمر وبشكل خاص في أوربا الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب بلجوء الآلاف من الأوكرانيين إلى أوروبا.

وعلى الرغم من ذلك، فلا يحق للدول التي تستقبل اللاجئين، وطالبي اللجوء بارتكاب انتهاكات ضدهم أو حتى إعادتهم قسرا إلى مكان يُعتقد أنهم سيتعرضون فيه للتعذيب، أو أي نوع من أنواع الانتهاكات الأخرى.

الأوروبيون ينتهكون اتفاقية اللجوء

في هذا السياق، نقلت تقارير صحفية، عن تعرض عدد من اللاجئين السوريين من محافظة درعا، لأعمال عنف وسرقة وإهانة من قبل حرس الحدود اليونانيين، وذلك أثناء محاولتهم العبور برا من تركيا إلى اليونان.

وأفادت “مجموعة الإنقاذ الموحد”، التي تعمل على استلام نداءات الاستغاثة للاجئين في البر والبحر على صفحتها في موقع “فيسبوك”، عن أحد اللاجئين السوريين قوله إن حرس الحدود اليونانيين أجبروه على أكل التراب وانهالوا عليه بالضرب وهم يضحكون، قبل أن يسرقوا منه ماله، فيما تعرض لاجئ آخر للخنق بسلك شحن الهاتف المحمول، ومن ثم انهال عليه حرس الحدود بالضرب.

وكشفت المجموعة، أنه تم تعذيب آخرين بـ “الكرباج” وأخذ نقودهم، وجرى بعد ذلك نزع ملابسهم وسجنهم يوما واحدا في مكان غير لائق لا ضوء فيه، كما وضع 300 شخص منهم في غرفة لا تتسع إلا لخمسين شخصا، ما جعل الجميع يبيتون ليلتهم واقفين.

المجموعة أكدت أن اللاجئين في اليوم التالي أُخرجوا من السجن ثم قام حرس الحدود اليونانيين مجددا بضربهم وإجبارهم على قطع النهر باتجاه الطرف التركي، حيث تمكنوا لاحقا من العودة إلى مدينة إسطنبول، في حين أكد لاجئ سوري آخر أنه تم الاعتداء عليه بشكل وحشي ولم يعد يستطيع التنفس، كما أخذوا منه هاتفه ومبلغ 650 يورو.

من جهة ثانية، ليست المرة الأولى التي تقوم بها السلطات اليونانية بارتكاب انتهاكات بحق اللاجئين السوريين الذين يحاولون العبور من تركيا، فخلال السنوات الماضية ارتكبت انتهاكات أشد قسوة، تسببت في آذار/مارس 2020 بمقتل أحد اللاجئين أمام البوابة الرئيسية للحدود التركية- اليونانية، بحسب متابعة “الحل نت”.

اتفاقية عام 1951 الخاصة باللاجئين، تحظر على الدول المصادقة عليها، ومن بينها اليونان، إجبار اللاجئين أو طالبي اللجوء على العودة القسرية إلى المكان الذي جاؤوا منه إذا كان هناك احتمال لتعرضهم لأي نوع من أنواع الانتهاكات.

حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 33 من الاتفاقية على أنه، ” لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية”.

وخلال السنوات الماضية تم تسجيل العديد من الحالات ممن أعادتهم اليونان إلى تركيا، أُعيدوا من قبل السلطات التركية إلى الشمال السوري، بموجب مبدأ الرد المتفق عليه بين تركيا والاتحاد الأوروبي، حيث تعرض عدد منهم للتعذيب من قبل سلطات الأمر الواقع في الشمال السوري، ما أدى لوقوع ضحايا ماتوا بينهم، بحسب ما تابع “الحل نت”.

كما يجب على الدول المصادقة على اتفاقية، منح مهلة للاجئ أو طالب اللجوء ريثما يتم قبوله في بلد آخر، وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 32 من الاتفاقية على أنه، “تمنح الدولة المتعاقدة مثل هذا اللاجئ مهلة معقولة ليلتمس خلالها قبوله بصورة قانونية في بلد آخر. وتحتفظ الدولة المتعاقدة بحقها في أن تطبق، خلال هذه المهلة، ما تراه ضروريا من التدابير الداخلية”.

قد يهمك:قضية اللاجئين الأوكرانيين: هل فضح الترحيب بالهاربين من الغزو الروسي “عنصرية الغرب”؟

الأزمة الأوكرانية كشفت ازدواج المعايير بقضايا اللاجئين

مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وبدء موجات لجوء الأوكرانية نحو الدول الأوروبية، رحبت الأخيرة بشكل عام باللاجئين الأوكرانيين، متعهدة بفتح الأبواب أمامهم بشكل كامل، ودون أي تحفظات تجاه منشأهم، أو مكان قدومهم.

وفي سياق التمييز بين اللاجئين، برزت تصريحات وكلمات أطلقها صحفيون وسياسيون تحمل طابعا “عنصريا” تجاه قضية اللجوء، منها ما قالته مراسلة محطة “ان بي سي” الأميركية، كيلي كوبيلا، “بصراحة هؤلاء ليسوا لاجئين من سوريا، هؤلاء لاجئون من أوكرانيا، هؤلاء مسيحيون، إنهم بيض، إنهم مشابهون جدا للأشخاص الذين يعيشون في بولندا”.

وفي نهاية العام الفائت، رفضت معظم الدول الأوروبية استقبال المزيد من اللاجئين القادمين من سوريا وأفغانستان، ومناطق أخرى، كما قال رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ”لن نسمح لأحد بالدخول”، بينما بعد الحرب في أوكرانيا، صرح بقوله ”سنسمح للجميع بالدخول”.

ونتيجة لهذه السياسات، تعرضت الدول الأوروبية التي قامت بالتمييز بين اللاجئين على أساس العرق والمنشأ والدين، لانتقادات واسعة، من الأمم المتحدة، حيث وصفت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ما يجري بـ “ازدواجية المعايير التي تنتهجها بعض الدول الغربية تجاه اللاجئين”، داعية إلى التعامل مع طالبي اللجوء بشكل أكثر إنسانية ورأفة”.

إقرأ:انتقادات للأوربيين بسبب ازدواجية المعايير والتمييز بين اللاجئين

السنوات الثلاث الأخيرة، شهدت انتهاكات واسعة بحق اللاجئين، خاصة في دول كاليونان التي أقامت معتقلا جماعيا على الحدود اليونانية – التركية، تحتجز فيه مئات طالبي اللجوء الراغبين بالعبور إلى أوروبا، بالإضافة إلى قبرص التي تحتجز بين فترة وأخرى طالبي لجوء في سجون رسمية وسط أوضاع إنسانية صعبة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.