على الرغم من وجود رغبة غربية بإتمام اتفاق الملف النووي الإيراني، إلا أن هناك العديد من العراقيل التي تواجه هذا الملف، والتي برزت بشكل كبير بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ومحاولات روسيا عرقلة الاتفاق، إضافة إلى الشروط التي تضعها إيران وهي غير مقبولة في معظمها، وأيضا الرغبة الإسرائيلية بعدم إتمام الاتفاق، ماجعل فرص التوصل للاتفاق ضعيفة جدا.

اتفاق مهدد وعقوبات محتملة

روب مالي مبعوث الولايات المتحدة الخاص بشأن إيران، قال يوم أمس الأربعاء، أن فرص إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ضعيفة في أحسن الأحوال، وإن واشنطن مستعدة لتشديد العقوبات على طهران والرد على “أي تصعيد إيراني” مع إسرائيل وحلفاء آخرين إذا لم ينقذ الاتفاق، بحسب تقارير صحفية.

وأوضح مالي، في شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: “ليس لدينا اتفاق (مع إيران) واحتمالات التوصل إلى اتفاق ضعيفة في أحسن الأحوال” في إشارة إلى المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا والتي توقفت في آذار.

من جهته، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الديمقراطي بوب مينينديز، وهو ممن عارضوا الاتفاق الأصلي، أنه لا يفهم سبب استمرار إدارة الرئيس بايدن في التفاوض ولا ما الذي ستفعله إذا فشلت المحادثات، متسائلا، لماذا يبقى الباب مفتوحا، وما خطته البديلة؟

وكانت تعليقات مالي أثارت انتقادات من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين، الذين عبروا عن شكوكهم بشأن العودة إلى الاتفاق والإحباط العميق لكونهم لا يفهمون “الخطة البديلة” التي وضعها الرئيس جو بايدن إذا فشلت المفاوضات.

مالي، بين أن واشنطن ستواصل محاولة إحياء الاتفاق طالما رأت أن فوائد العودة للاتفاق والمتمثلة في منع الانتشار النووي تفوق تخفيف العقوبات عن إيران، مضيفا أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، وهو ما يشير إلى إمكانية العمل العسكري، وأشار مالي إلى أن توجيه ضربة لبرنامج إيران النووي لن يؤدي إلا إلى إبطائه وليس إيقافه.

إقرأ:ملفات حساسة تحسم مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران؟

أسباب عرقلة الملف النووي الإيراني

لم تخلُ مفاوضات الملف النووي الإيراني المستمرة منذ نحو عام من العديد من العثرات والعقبات، نتيجة للشروط التي تضعها إيران في كل مرة، وزاد من تعقيدات التوصل للاتفاق الغزو الروسي لأوكرانيا والذي حرف مسار المفاوضات نحو وجهة بات يصعب معها حسم الملف، بحسب متابعة “الحل نت”.

فمن أسباب الجمود الحاصل في المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى ما يتعلق بـ “الحرس الثوري” الإيراني، فإيران وضعت من ضمن شروطها التي وُصفت بالتعجيزية، رفع اسم “الحرس الثوري” عن قوائم الإرهاب الأميركية، بالإضافة لشروط أخرى تتمثل برفع كامل للعقوبات، ورفع الحجز عن الأموال الإيرانية، ودفع تعويضات لإيران عن سنوات الحصار.

من جهة ثانية، عرقلت روسيا التوصل للاتفاق النووي، فروسيا تعتبر أن الورقة الإيرانية، ورقة مهمة في يدها للضغط على الغرب في ملف أوكرانيا، كما أنه من غير صالح روسيا أن يتم توجه الغرب للحصول على النفط الإيراني في الوقت الحالي، وهذا ما يؤثر على إمدادات النفط الروسية، لذلك تجد روسيا أن من مصلحتها عرقلة التوصل لهذا الاتفاق في الوقت الحالي، بحسب متابعة “الحل نت”.

ففي وقت سابق، طالب وزير الخارجية الروسي، أن هناك مشكلات لدى الجانب الروسي، وطالب الأميركيين بتقديم ضمانات مكتوبة بأن العقوبات لن تؤثر على حق روسيا في التعاون الحر والكامل التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري مع إيران”، مضيفا أنه يريد على الأقل ضمانات من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مستنكراً “سيل العقوبات العدوانية” التي اعتمدها الغرب بعد غزو أوكرانيا، وشدد على ضرورة تلقي “رد بالغ الدقة”.

وفي هذا السياق، قال سامر إلياس، الباحث في الشأن الروسي، في وقت سابق لموقع “الحل نت”، أنه لا يوجد لدى روسيا أي ضمانات، من أن الانفتاح الغربي على إيران في حال التوصل لاتفاق نووي، سيؤدي إلى حفاظها على العقود التي أبرمتها مع روسيا خلال السنوات الماضية، ولذلك طلبت روسيا ورقة ضمانات بألا تؤثر العقوبات المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية، على الاتفاقيات والمشاريع بينها وبين إيران.

وأضاف الياس، أنه يمكن أن تعرقل روسيا الاتفاق النووي الإيراني، انطلاقا، من الظروف الحالية التي تمر بها العلاقات بين روسيا والغرب، مضيفا، أن توقف الغرب عن شراء النفط الروسي، في الوقت الذي يبحث فيه الغرب عن بدائل، يمكن أن يجعل إيران بديلا لروسيا، حيث يراهن الغرب على قدرة إيران على ضخ كميات كبيرة من النفط قادرة على تعويض النفط الروسي.

من جهة ثانية، هناك أصوات في إيران، تطالب بعدم الانخراط في الاتفاق النووي، وتعتقد أن بإمكانها الصمود والاستمرار على هذا النحو. لكن هناك احتجاجات شعبية بالمقابل ومؤشرات توحي بأنه إذا استمرت إيران في هذا النهج وإذا لم تتوصل إلى اتفاق نووي، فسيكون هناك انفجار شعبي ضخم، وفق تعبير الباحث في الشأن الإيراني، بحسب متابعة “الحل نت”.

من الواضح، أن الاتفاق النووي بات أقرب إلى الانهيار أكثر منه للنجاح، وفي هذه الحالة سيتصرف الغرب سواء بإنفاذ عقوبات، أو اتخاذ إجراء في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أومن حيث تعزيز موقف شركائه في الخليج لمواجهة إيران، بحسب مختصين.

قد يهمك:لماذا تُعرقل روسيا الاتفاق النووي الإيراني؟

وينص الاتفاق الذي وقعته إيران وست قوى كبرى في عام 2015، على أن تحد طهران من برنامجها النووي بما يصعب عليها الحصول على قنبلة نووية، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة