نتيجة لفشل مجلس الأمن الدولي، الجمعة، في الاتفاق على مد الآلية الدولية لإيصال المساعدات إلى سوريا عبر المعبر الإنساني الأخير خارج سيطرة دمشق معبر “باب الهوى” على الحدود السورية-التركية، يعقد مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق من اليوم الاثنين، جلسة مشاورات طارئة بشأن تفويض آلية نقل المساعدات إلى سوريا عبر معبر “باب الهوى”.

جلسة طارئة

في سياق انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص تمديد آلية المساعدات الإنسانية العابرة للحدود السورية، استخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع القرار الغربي الذي يدعو إلى تمديد الآلية لمدة عام، قبل أن تحبط الدول الغربية المشروع الروسي الذي سعى إلى تمديد الآلية 6 أشهر فقط.

وتحولت الجلسة المنعقدة في مجلس الأمن إلى ساحة لصراع دبلوماسي غير مسبوق بين روسيا والغرب، إذ عرقل كل طرف مشروع القرار الذي قدمه الآخر. واستخدم فيتو روسي ضد المشروع النرويجي ـ الأيرلندي، وحق نقض ثلاثي أمريكي ـ بريطاني ـ فرنسي ضد المشروع الروسي المتعلق بتمديد آلية إيصال المساعدات إلى سوريا.

ونقلت وكالة “الأناضول” التركية، عن مصادر دبلوماسية في “الأمم المتحدة”، أن “بعض التعديلات أدخلت على مشروع القرار الأيرلندي-النرويجي المشترك الخاص بتمديد التفويض الأممي لمدة عام والتي استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد تمريره الجمعة”.

وأردفت الوكالة أن “المصادر التي رفضت الإفصاح عن اسمها، لم توضح مضمون التعديلات، وأنه من غير المعروف ما إذا كانت هذه التعديلات ستلبي المطالب الروسية أم لا”.

ولم يصدر حتى منتصف ليل الأحد – الاثنين بتوقيت نيويورك، أي تأكيد رسمي من البعثة البرازيلية الدائمة لدى الأمم المتحدة بشأن انعقاد جلسة مجلس الأمن الطارئة حول سوريا، الاثنين.

قد يهمك: معارك “فيتو” داخل مجلس الأمن من أجل سوريا.. ماذا سيحصل؟

كارثة “حقيقية”

عقب الفشل بالتوصل إلى اتفاق، أكد نائب السفير الروسي ديمتري بوليانسكي، للصحافيين، أن روسيا لن تدعم كذلك مقترح التمديد لتسعة أشهر الذي تقدّمت به البرازيل والإمارات، وهي تتمسك كليا بمشروعها المتعلق بالتمديد لستة أشهر فقط، مؤكدا تمسك بلاده أيضا بضرورة أن تكون الحكومة السورية هو المستفيد الأول من التمديد لآلية نقل المساعدات.

كما وتنتهي صلاحية التفويض، في 10 تموز/يوليو الجاري، وهو ساري المفعول منذ عام 2014 ويسمح بنقل مساعدات عبر معبر “باب الهوى” على الحدود السورية-التركية لأكثر من 2.4 مليون نسمة في مناطق إدلب شمال غربي سوريا، التي تخضع لسيطرة فصائل “الجيش الوطني” وتدعمها أنقرة.

ويتطلب صدور قرار مجلس الأمن موافقة 9 دول على الأقل من أعضائه، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وفي السياق ذاته، قال مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، يوم أمس الأحد، إن “جلسة مجلس الأمن عرضت مشروعين، أولهما كان من أيرلندا والنرويج، وتم اقتراحهما على مدى عام كامل من خلال إمرار المساعدات الإنسانية عبر معبر باب معبر الهوى وقوبل بالرفض، والمشروع الثاني روسي وكان حساسا قليلا هذا العام، لأنه فقط لمدى 6 أشهر مقابل مشاريع الإنعاش المبكر وزيادة نسبة المساعدات عبر خطوط التماس مع الحكومة السورية”.

وحول أسباب استخدام الدول الغربية للفيتو ضد الاقتراح الروسي، بحسب تقدير مدير “منسقو استجابة سوريا”، الذي تحدث بشكل خاص في وقت سابق لـ “الحل نت”، فإن أهم نقطة حاولت روسيا طرحها من خلال اقتراحها، هو تمرير شبكة الكهرباء بما يعود بالنفع على الحكومة السورية، ولذلك فقد تم رفض ذلك من قبل الدول الغربية”.

من جانبه، أرجع، حذيفة خطيب أبو اليمان، مدير مشروع “WFP” في منظمة “Mercy-USA” العاملة في مناطق إدلب، إن السبب الأساسي للفيتو الذي استخدم من قبل روسيا، هو أن روسيا ترغب في جعل هذه المنطقة كلها تحت سيطرة الحكومة السورية، وبالتالي تحويل المنطقة إلى ساحة “حرب غذائية” من قبل دمشق ضد سكان المنطقة، أي ستواجه المنطقة “حصارا غذائي” بحت إزاء ذلك. الأمر الذي سيسهل ابتزاز موسكو للغرب أكثر فأكثر.

أما عن التداعيات في حال عدم توافق وفشل تمديد آلية المساعدات، فإن نسبة المساعدات الغذائية في شمال غرب سوريا ضئيلة جدا، وفق حلاج، ولا تكفي لمدة أسبوع كامل، بالإضافة إلى المشاريع الأساسية والكبيرة مثل المياه والتعويضات، والصحة والتعليم، وعلى سبيل المثال، هناك 16منشأة متوقفة حاليا، وبمجرد توقف تمديد آلية المساعدات ستتوقف 56 منشأة أخرى عن العمل، وستظهر كل هذه التداعيات خلال شهر أو شهرين، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار من قبل التجار بحجة زيادة الطلب عليهم، وبالتالي ستواجه المنطقة “كارثة” حقيقية.

أما مدير مشروع “WFP” في منظمة “Mercy-USA”، فقال في حديثه السابق لـ”الحل نت”، إن 4.4 مليون نسمة موجودين بشمال غرب سوريا والمنطقة تعد شُبه محاصرة، وأغلب هؤلاء السكان هم مهجرون قسريا من بلداتهم من دمشق وريفها وبعض مناطق حمص وحلب.

وأضاف، أن معبر “باب الهوى” يضمن وصول مساعدات إنسانية شهرية لنحو 2.4 مليون شخص، وهذا يعتبر من أكبر الأعمال الإنسانية في العالم، وبالتالي فإن عدم تمديد آلية المساعدات لسوريا سيحرم أولا هذا العدد من الدعم وسيكون مصيرهم متجه نحو التدهور الصحي والغذائي، وباقي سكان المنطقة أيضا سوف يتبعهم نحو الهاوية، ما سيسبب “كارثة” إنسانية حقيقية، لا يستطيع العالم تحملها.

وتتولى بعثة البرازيل الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن الدولي لشهر يوليو/تموز الجاري. وتشدد غالبية الدول الأعضاء بالمجلس (15 دولة)، باستثناء روسيا والصين، على أهمية استمرار المساعدات الإنسانية العابرة للحدود من تركيا إلى سوريا.

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية، قد نقلت عن دبلوماسيين، أن الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن والمؤيدين لتمديد الآلية عاما واحدا، سيطرحون مشروع قرار لتمديدها تسعة أشهر، في محاولة لإنهاء المواجهة بين موسكو والدول الغربية بشأن تفويض إدخال المساعدات الأممية عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا.

قد يهمك: المساعدات الإنسانية في سوريا من “عبر الحدود” إلى “عبر الخطوط”.. ماذا تريد روسيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.