خلال السنوات السابقة، ارتفعت تكاليف السيارات في سوريا بشكل كبير، لعدة عوامل أبرزها ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السوري، بالإضافة إلى ندرة المعروض من المركبات الحديثة في السوق، فضلا عن إيقاف الشركات التي تعمل على تجميع السيارات داخل البلاد، إلا أن القرار الجديد بإعادة نشاط الأخيرة، يشير إلى أن هنالك نافذة أمل بانخفاض في أسعار السيارات.

استئناف بعد توقف ثلاث سنوات

بسبب الاقتصاد المنهك وانتشار العنف، غادر أكثر من 4 ملايين شخص سوريا، إما أخذوا سياراتهم معهم إلى الدول المجاورة أو تم بيعها، فتحول قطاع السيارات ببطء إلى سوق للسيارات المستعملة.

مجلس الوزراء السوري، قرر يوم الأربعاء الفائت الموافق 25 مايو/أيار الجاري، السماح باستيراد مكونات السيارات لشركات تجميع السيارات ذات الصالات الثلاث مرة أخرى، ويأتي القرار بعد أن منعت الحكومة السورية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019، استيراد أي قطع سيارات تستخدم في تجميع السيارات من قبل شركات متخصصة في هذه الصناعة.

ويوجد في سوريا ثماني شركات لتجميع السيارات، إلا أن خمس منها فقط هي العاملة حاليا، حيث تأسست هذه الشركات في عام 2017 ولديها القدرة على تجميع ما يقرب من 3000 سيارة، في حين لا تزال شركات أخرى في مراحل التخطيط.

وزير الصناعة، أعطى أصحاب شركات تجميع السيارات مهلة حتى مطلع 2022 لفتح ثلاثة صالات، قاعة للحام وأخرى للطلاء والثالثة لتجميع وتركيب القطع، وألا يقتصر الأمر على فتح صالة واحدة للتجميع، وهي مهلة أعطيت لأصحاب المنشآت القائمة والمستثمرة والمنفذة، وإيقاف جميع التراخيص لمبدأ الصالة الواحدة.

وكان وزير الصناعة أعلن في وقت سابق، تعليق منح تراخيص الاستيراد لقطاع صناعة “تجميع السيارات” في سوريا، مشيرا إلى أن هذا القطاع يستنزف العملات الأجنبية من خزائن الحكومة، مؤكدا في الوقت نفسه أن وقف منح تراخيص الاستيراد لا يعني تعطيل هذه الصناعة المهمة التي تسعى الحكومة إلى إعادة تأسيسها من خلال المساهمة الصناعية، حيث تعمل هذه الشركات على المساهمة في إنتاج 40 بالمئة من مكونات السيارة.

رفع الدعم أشعل أسعار السيارات

قرار مجلس الوزراء بالسماح لشركات تجميع السيارات بالاستيراد بعد توقف لأكثر من عامين، ما يعني إعادة نشاط مصانع تجميع السيارات في سوريا وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انخفاض في أسعار السيارات، التي اشتعلت أسعارها بعد قرار رفع الدعم الذي أقرته دمشق في شباط/فبراير الفائت.

حيث شهد سوق السيارات في سوريا ارتفاعا في أسعار السيارات غير المشمولة بآلية “رفع الدعم” بسبب زيادة الطلب عليها، بعد قرار الحكومة السورية رفع الدعم عن المواطنين من أصحاب السيارات من موديل 2008 فما فوق، وقد أدى قرار رفع الدعم إلى جمود في حركة الأسواق، ترافق مع توقعات بانخفاض أسعار السيارات المستثناة من الدعم على عكس السيارات القديمة التي ارتفع ثمنها، وفق موقع “بي 2 بي ” المحلي.

ونقل الموقع، أن سعر سيارة غولف تصنيع 1976 وصل إلى 8.5 ملايين ليرة، بعد أن كانت تباع بداية العام بـ3 ملايين ليرة لا غير، وهي من المركبات الأكثر طلبا في الأصناف منخفضة القيمة، فيما ارتفع سيارة الكيا ريو 2008 من عشرة ملايين ليرة مطلع العام إلى ثلاثين مليون ليرة، لتصبح أكثر أنواع المركبات ارتفاعا بسعرها، منذ أول العام بمعدل صعود 200 بالمئة، كونها من أهم السيارات طلبا في الأصناف متوسطة التكلفة.

كما رصدت وسائل إعلام محلية، ارتفاع أسعار بعض فئات السيارات دون غيرها في أسواق دمشق، وذلك بسبب بقائها ضمن الدعم، حيث نقل موقع “هاشتاغ” المحلي، عن أحد أصحاب المكاتب تأكيده أنه عشية رفع الدعم عن أصحاب السيارات الحديثة “2008” وما بعد، أو التي سعة محركها أكثر من 1500 سي سي، طلب أصحاب السيارات التي ما زالت مشمولة بالدعم رفع أسعارها، حيث زادت السيارات التي بقي أصحابها مشمولين بالدعم مليوني ليرة سورية.

وقال الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، في حديث سابق لـ“الحل نت”، أنه من الخطأ في الأصل رفع الدعم عن مالكي السيارات التي تزيد سعة محركها عن 1500 سي سي، أو التي صنعت عام 2008 وما فوق، فامتلاك هذه الأنواع من السيارات ليست مؤشرا على أن الوضع الاقتصادي لأصحابها جيد، ويمكنهم تحمل رفع الدعم، إضافة لذلك فقد دخلت هذه السيارات في حالة من الكساد والجمود في الأسواق، ولدى الراغبين ببيعها من أصحابها، ما سيلحق بهم خسائر فادحة.

وأشار سليمان، إلى أن الارتفاع الجديد والكبير في أسعار السيارات في الأيام الأخيرة سيؤدي بشكل مؤكد إلى اختلال سوق السيارات، حيث سيكون هناك طلب كبير على أنواع محددة، على حساب أنواع أخرى، ما سيؤدي إلى احتمال ارتفاع الأسعار أكثر مما هي عليه الآن.

سوق السيارات السورية

خلال الأعوام السابقة، تضاربت الأنباء حول حقيقة سماح الحكومة السورية باستيراد السيارات الجديدة والمستعملة، إذ تداول سوريون تصريحات منسوبة لمسؤولين تتحدث عن نية السماح بالاستيراد، وأخرى تنفي، وذلك بعد أن جمدت الحكومة السورية في عام 2019، استيراد مكونات تجميع السيارات، وكانت الحكومة أوقفت في 2011، بإيقاف استيراد السيارات الكاملة.

وأعادت إيران تشغيل معمل سيارات “سيامكو” في سوريا، في آذار/مارس 2021، وذلك بضوء أخضر من دمشق، بعد أن يشهد سوق السيارات في سوريا ارتفاعا غير مسبوق بالأسعار، كما بقيت عمليات استيراد قطع السيارات محصورة برجال أعمال، منهم سامر فوز، الذي يسيطر على سوق السيارات، ويستورد قطع السيارات من جميع دول العالم، بحسب تقرير لوكالة (آسيا) للأنباء.

تظهر البيانات، أن سوريا كانت من أكبر أسواق السيارات في منطقة المشرق العربي قبل 10 سنوات فقط، وكان حجم المبيعات السنوية 87500 سيارة، فيما شهدت السوق السورية انخفاض بشكل حاد العام الفائت، إذ انخفضت نسبة المبيعات بنحو 84 بالمئة.

وسجل سوريا مبيع 154 سيارة فقط خلال العام الفائت، ومن ناحية العلامة التجارية، حققت شركة “هيونداي” المتصدرة أرباحا بنسبة 10.7 بالمئة، تليها شركة “كيا”، التي خسرت بنحو 27.7بالمئة.

وعلى ما يبدو، أن إيران تصوب أعينها على سوق السيارات في سوريا، إذ قال وزير الصناعة السوري، زياد الصباغ، في مارس/آذار الفائت، إن طهران ودمشق وقعتا اتفاقية إنتاج سيارات بحضور نائبة الرئيس الإيراني للعلوم والتكنولوجيا، سورينا ساتاري، والسفير الإيراني في دمشق، جواد ترك آبادي.

وأضاف أن الجانبين تباحثا خلال الاجتماع استئناف التعاون المشترك بين البلدين، مثل إحياء شركة السيارات الإيرانية في سوريا “سيامكو” التي تأسست في عام 2007 في ضواحي دمشق، وصنعت أول سيارة محلية في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.