تقنين الكهرباء، أحد أبرز أوجه معاناة السوريين في العامين الأخيرين، فعلى الرغم من كل الوعود التي تقدمها وزارة الكهرباء منذ أشهر بتحسين واقع التيار الكهربائي، إلا أن ذلك لم يتعد عن كونه كلاما، لكن هذه التقنين حمل في الآونة الأخيرة معاناة أخرى لشريحة من السوريين، إذ أنه يأتي في وقت متزامن مع وصول مياه الشرب، ما يجعل من تعبئة المياه للمنازل أمرا بالغ الصعوبة.

قطع الكهرباء متزامن مع وصول المياه في حمص

بحسب موقع “أثر برس” المحلي، يعاني عدد من سكان أحياء مدينة حمص من نقص بمياه الشرب، حيث اشتكى سكان من أحياء الأرمن الشرقي والجنوبي والمهاجرين والعباسية والسبيل، ضعف وصول المياه إلى منازلهم على الرغم من تشغيلهم لمضخات المياه عند ضخها باتجاه منازلهم، حيث لا يتمكنون من تعبئة خزاناتهم ما يضطرهم إلى شراء المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة، مشيرين إلى عدم توافق برنامج تقنين الكهرباء مع برنامج تقنين المياه مطالبين مؤسسة مياه حمص بإيجاد حل لهذه المشكلة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.

أيمن نداف، مدير عام مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي بحمص، وفي معرض رده على شكوى الأهالي، بين أن سبب ضعف المياه في عدد من الأحياء المرتفعة في مدينة حمص هو زيادة نسبة استهلاك المياه مع دخول فصل الصيف، موضحا أن المؤسسة قامت بزيادة كميات الضخ بالرغم من محدودية كمية الكهرباء ومادة الديزل لتشغيل المضخات.

وأشار نداف، إلى أن انقطاع التيار الكهربائي هو السبب في صعوبة تعبئة الخزانات بالمياه نتيجة الضغط الكبير، موضحا أنه عند وصل التيار الكهربائي في جزء من الحي يقوم السكان بتشغيل المضخات ما يسبب ضعف وصول المياه في جزء آخر من الحي والذي تكون فيه الكهرباء ما تزال مقطوعة، حيث أن برنامج التقنين في المدينة يتراوح بين 4 ساعات ضخ في الأحياء المنخفضة إلى 12 ساعة ضخ في الأحياء المرتفعة بالمدينة.

إقرأ:متى ينتهي تقنين الكهرباء في سوريا؟

تقنين الكهرباء مشكلة دون حل

ساعات عمل الكهرباء، تختلف بعددها بين مدينة وأخرى، وأحيانا في نفس المنطقة، حيث لا تتجاوز ساعتي عمل يومي ، حيث تشكل الكهرباء أبرز وجوه معاناة السوريين، نتيجة عملية التقنين التي تمارسها الحكومة، والتي يراها معظم السوريين أنها شكلية لإخفاء عدم قدرة الحكومة على إعادة صيانة شبكات الكهرباء التي دمرتها الحرب.

ويعزو بعض مسؤولي الحكومة زيادة ساعات التقنين إلى نقص إمدادات الغاز الواردة من وزارة النفط لوزارة الكهرباء، حيث قال مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا، فواز الظاهر، في وقت سابق، إن كمية الغاز الواصلة للوزارة من وزارة النفط انخفضت إلى 7 ملايين متر مكعب يوميا بعد أن كانت 8.5 ملايين متر مكعب، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع إنتاج الكهرباء من 2400 ميغاواط إلى نحو 1900 ميغاواط، ومشيرا إلى أنه إذا عادت كمية الغاز كما كانت عليه فسيؤدي ذلك للاستغناء عن التقنين، بحسب متابعة “الحل نت”.

ومن جهة ثانية، و مع بدء فصل الصيف، تشهد البلاد انخفاضا حادا في إمدادات الكهرباء، حيث سجلت العاصمة دمشق زيادة في عدد ساعات التقنين إلى 4 ساعات فأكثر، فيما ارتفعت إلى 8 ساعات في المتوسط ​​في ريف دمشق وباقي المناطق، حيث تشهد بعض المناطق انقطاعا حادا لمدة 10 ساعات من السعة 12 ليلا إلى الساعة 10 صباحا، ويأتي هذا التراجع دون تفسير من قبل الوزارة.

قد يهمك:سوريا.. ارتفاع في فواتير الكهرباء وتغير آلية دفع فواتير الهاتف

ارتفاع في فواتير الكهرباء

مؤخرا أظهرت فواتير استهلاك الكهرباء في العديد من المناطق، ارتفاعا كبيرا في قيمتها، لاسيما في الدورة التي شملت شهري كانون الثاني وشباط من العام الجاري، فقد وصلت فواتير الكهرباء الصادرة في هذه الدورة إلى مبالغ تجاوزت 20 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت لا تتجاوز مبلغ 3 آلاف ليرة سورية في الدورات السابقة.

كما وصلت إلى مبالغ كبيرة جدا، تراوحت بين 50 و70 ألف ليرة سورية للاشتراك المنزلي، مضيفا إلى أنها في مناطق تُقطع فيها الكهرباء لساعات طويلة، فيما لم يحصل المشتركون على أي نتيجة من تقديم اعتراضات لمؤسسة الكهرباء، وأن المؤسسة اكتفت بتقسيم الفاتورة على أشهر تحت بند “الشرائح”.

وفي نيسان/أبريل الفائت، صدرت فواتير كهرباء بتسعيرة جديدة، على الرغم من التقنين لساعات تكون معها الكهرباء نادرة معظم الأحيان، وبينت هذه الفواتير أن معظم المستهلكين الذين استهلكوا 1500 كيلو واط، وصلت قيم فواتيرهم بعد التعرفة الجديدة لحدود 16 ألف ليرة بدل من 6100 حسب التعرفة السابقة، في حين من استهلك ألفي كيلو واط بلغت قيمة فاتورته 77500 ليرة بدلا من 12 ألف حسب التعرفة السابقة، في حين وصلت قيمة الفاتورة ذات الاستهلاك 2500 كيلو واط إلى 130 ألف ليرة بدلا من 18 ألف ليرة، وفق متابعة “الحل نت”.

ويبلغ إجمالي المشتركين في القطاع المنزلي نحو4,5 ملايين مشترك، منهم 3,5 ملايين استهلاكهم ضمن الشريحة الأولى من 1-600 كيلو واط في الدورة وهو ما يمثل نحو 70 بالمئة من المشتركين المنزليين وبالتالي لا تتجاوز قيم فواتيرهم في الدورة 1200 ليرة، حسب قسم التخطيط في وزارة الكهرباء.

إقرأ:ازدياد ساعات تقنين الكهرباء في سوريا.. نقص الغاز ليس السبب الوحيد

تقنين المياه وأسعارها حسب الشرائح

بعد قرار إلغاء الدعم في مطلع شباط/فبراير الماضي، بدأ الحديث في الأروقة الحكومية عن قطاع المياه المدعوم من قبل الدولة السورية، والذي يعتبر من أهم القطاعات المتصلة بحياة المواطن بشكل مباشر، حيث تردد الحديث في وزارة الموارد المائية حول تكلفة كل متر مكعب من مياه الشرب على الاقتصاد الوطني، والتي تكلف الاقتصاد السوري في بعض المناطق حوالي 1400 ليرة سورية، ليتم تقديمها للمواطن بسعر 7 ليرات سورية لكل متر مكعب.

وفي واقع الأمر تعاني معظم المناطق السورية من نقص في مياه الشرب، ما يخالف التصريحات الحكومية حول دعم تكلفة المياه، فهناك تفاوت بين مراكز المدن الرئيسية والتي تصل المياه لبعض أحيائها التي تحوي مقرات حكومية رسمية بشكل جيد، فيما تعاني بقية الأحياء والأرياف من شح كبير.

وحول أسعار المياه، فإن مؤسسة مياه الشرب تقدم الأمتار الخمسة الأولى بشكل مجاني للمواطنين، وفق نظام شرائح تعتمده المؤسسة، وهذه تسمى الشريحة الأولى، ثم بعد ذلك تبدأ الشريحة الثانية بالاستهلاك من 6 – 15 متر مكعب ويبلغ سعر المتر المكعب الواحد فيها 7 ليرات سورية، ثم ينتقل التقدير إلى الشريحة الثالثة والرابعة، والخامسة والتي تبدأ بالاستهلاك من 36 – 50 متر مكعب، حيث يبلغ سعر المتر المكعب فيها 30 ليرة سورية، وهكذا يكون الإرتفاع في الأسعار مع نسبة كل شريحة.

قد يهمك:دمشق: بورصة المياه تسجل أرقاما قياسية قريبا.. هل تخرج عن الدعم الحكومي؟

لا حلول في الأفق لمعاناة السوريين في قطاعين هما الأهم، الكهرباء والماء، فحتى كلام المسؤولين لم يعد يلقى أذنا صاغية لدى المواطنين الذي باتوا يعلمون أن الحكومة إنما تحاول تخديرهم بوعود لم يتم إنجاز أي منها حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.