تناقض اقتصادي يعيشه السوريون بشكل يختلف عن بقية الدول، فمسألة ارتفاع الأسعار اليومية باتت أمرا اعتياديا على الرغم من قساوتها على المواطنين، لكن في ظل أزمة الوقود وخاصة البنزين والمازوت الذي لا يكاد يجده المواطنون إلا بعد عناء طويل، ترتفع أسعار السيارات المستعملة بشكل هائل يخالف معايير السوق.

ما هي الأسباب؟

أسباب عديدة لارتفاع السيارات المستعملة، تختلف بحسب وجهة نظر أصحاب مكاتب السيارات، وخبراء الاقتصاد، حيث يرى قسم من تجار السيارات في سوريا، أن أسباب ارتفاع أسعار السيارات لا تزال مجهولة وغريبة بالنسبة لهم، وخاصة أن كل المعطيات تستدعي انخفاض الأسعار، فمثلا ارتفاع سعر البنزين يجب أن يؤدي إلى زيادة مصروف السيارة وبالتالي انخفاض سعرها، ولكن ما يحدث اليوم أنه حتى لو انقطع البنزين وتوقّفت كل السيارات عن العمل فإن الأسعار ستستمر في الارتفاع، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد.

هؤلاء التجار، يرون أن ارتفاع الأسعار المبالغ به أدى إلى جمودٍ كبير في حركة الأسواق واستحالة الشراء من فئة كبيرة من المواطنين، فمثلا يصل سعر سيارة “كيا ريو” الأكثر شهرة في الشوارع، إلى أسعار خيالية تقدر بـ 75 مليون ليرة، وسط فوضى في التسعير من دون وجود ضوابط في السوق، مشيرين إلى أملهم بأن يكون قرار السماح باستيراد مكونات السيارات سببا في انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة.

من جهة أخرى، نقلت “الوطن”، عن الخبير الاقتصادي علاء الأصفري، أن أسباب ارتفاع أسعار السيارات يعود إلى ثلاثة عوامل، أولها التضخم الحاصل، حيث يرتفع سعر كل السلع عند انخفاض قيمة الليرة السورية في الدول التي تقارن عملاتها بعملات أخرى كالدولار مثلا بما في ذلك أسعار السيارات.

والعامل الثاني هو منع استيراد السيارات بشكل نهائي، ما يؤدي إلى قلة العرض أمام زيادة الطلب وذلك وفق قانون العرض والطلب، معتبرا أن زيادة الطلب على السيارات تعد حاجة طبيعية، وخاصة بوجود ضغط كبير على المواصلات العامة، إذ يوجد الكثير من الأشخاص يشترون سيارات صغيرة للوصول إلى وظائفهم وخاصة بالنسبة لسكان ضواحي العاصمة الذين يتكبدون تكاليف تصل إلى 10 آلاف ليرة للتنقل يوميا.

أما العامل الثالث فيتمثل بتزايد عدد الأشخاص الذين أصبحوا يعملون في تجارة السيارات في ظل البطالة المقنّعة ما أدى إلى حدوث مضاربات كبيرة في تجارة السيارات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بحسب الأصفري.

قد يهمك:“مزاجية المصلّح” تحدد تسعيرة إصلاح السيارات في سوريا

الطلب كبير على السيارات المستعملة

الوطن” نقلت عن تجار سيارات، أن أكثر السيارات طلبا هي السيارات المستعملة، لأن أسعار السيارات الجديدة مرتفعة جدا، معتبرين أن ارتفاع سعر البنزين ليس سببا بعزوف المواطنين عن شراء السيارات، لأن وجود السيارة يعد أفضل بمئات المرات من “التكاسي” والمواصلات التي باتت أجورها هائلة.

وأشار هؤلاء التجار إلى أن أسعار السيارات بارتفاع وسط جمود في السوق، فمثلا يتراوح سعر سيارة “كيا ريو” بين 50-65 مليون ليرة، أما “السابا القديمة” فيصل سعرها إلى 25 مليون ليرة، في حين وصل سعر سيارات “السيراتو” و”هونداي افانتي” إلى 75 مليون ليرة، لافتين إلى زيادة الطلب على السيارات ذات الصناعة الكورية لانخفاض أسعار قطعها وتوافرها في الأسواق.

وعلى الرغم من الطلب على السيارات المستعملة، يرى العديد من المواطنين أن شراء سيارة يعد أمرا يتجاوز أحلامهم وطموحاتهم وذلك بسبب ارتفاع أسعارها، معتبرين أن الأسعار لم تختلف عما كانت عليه قبل عام 2011 ولا تزال غير منطقية، بصرف النظر عن انهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار، مع فارق أنه قبل عام 2011 كانت القروض تساعد على شراء سيارة، لكنها اليوم ليست كذلك، مؤكدين أنهم لو رغبوا وتمكنوا من شراء سيارة فيستوجهون لشراء المستعمل نظرا لعدم قدرتهم على شراء الجديد.

إقرأ:زيادة الغرامات على السيارات القديمة في سوريا

ارتفاع تكلفة صيانة السيارات

إصلاح السيارات معاناة مستمرة يواجهها المواطنون مع أجور الإصلاح واختلافها بين فنيي الميكانيك، لا سيما وأن المهنة لا تخضع لرقابة المؤسسات الحكومية، ما أدى إلى فوضى وارتفاع أسعار كبيرين في كراجات تصليح السيارات أضرت بالمدنيين.

وبحسب تقارير سابقة، قال رئيس الجمعية الحرفية لصيانة السيارات يوسف جزائرلي، إنه تلقى عدة شكاوى تتعلق بسوء إصلاح السيارات لعدم وجود خبرات فنية كافية، وإلى ارتفاع أجور الإصلاح التي أصبحت بلا رقيب ولا حسيب وإصلاح أقل عطل في المحرك يكلف 300 ألف ليرة علما أن الجمعية لا تتدخل بتحديد هذه الأجور.

وأوضح أن زيادة أجور محلات ورش الإصلاح في مجمع القدم من قبل المحافظة أثر سلبا على المهنة بعد أن رفعت الأجور من 140 ألف ليرة إلى 650 ألف ليرة في السنة عدا عن الرسوم والضرائب المالية التي تقدر بمليون ونصف المليون، إلى مليوني ليرة ما يدفع الحرفي لرفع أجوره بشكل كبير مطالبا المالية بتخفيض هذه الضرائب و لو جزئيا.

قد يهمك:فوضى في أسعار السيارات بسوريا.. أقل عطل بـ300 ألف

هل يؤثر قرار استيراد القطع بالسوق؟

جزائرلي أشار إلى أن عودة السماح باستيراد مكونات صناعة السيارات قرار جيد ينعكس إيجابا على تنشيط وتحديث سوق السيارات وتصنيعها، كما يرفد السوق بقطع مستعملة أو جديدة من أبواب ومقدمات ومحركات وقطع الغيار والإطارات خاصة بعد شح كبير في هذه القطع خلال السنوات السابقة.

وبين أنه يفضل عودة استيراد وإدخال سيارات جديدة للسيطرة على حركة البيع والشراء، لأن سوق السيارات حاليا غير منطقي وفيه فوضى وبحاجة لتنظيم، فليس من المعقول أن تكون سيارة من موديل 75 بسعر 10 ملايين ليرة، وسيارة من موديل 85 بسعر 22 مليون ليرة، إضافة لإحداث تجديد في السوق حيث ما زالت هناك سيارات قديمة موديل الستينيات والسبعينيات لم يعد لها قطع غيار.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، قرر مجلس الوزراء السوري بتاريخ 25 مايو/أيار الفائت، السماح باستيراد مكونات السيارات لشركات تجميع السيارات ذات الصالات الثلاث مرة أخرى، ويأتي القرار بعد أن منعت حكومة دمشق، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019، استيراد أي قطع سيارات تستخدم في تجميع السيارات من قبل شركات متخصصة في هذه الصناعة.

ونتيجة لهذا القرار، انقسمت الآراء بين تجار السيارات حول تأثير القرار على السوق، فهناك نسبة كبيرة ترى أن السوق مصاب بالشلل حاليا ولا يوجد أي انخفاض بسعر بيع أو شراء السيارات، موضحين أنه لا يوجد شيء رخيص، وبالنسبة لقطع السيارات سيتم الاستيراد بسعر مرتفع وهذا سيساهم بتوقيف السوق وموته بشكل أكبر وسينعكس سلبيا على تجارالسيارات.

وآخرون تساءلوا حول تأثير القرار على نسبة انخفاض سعر السـيارات سواء شراء أو بيع حيث أن هذا الأمر يتعلق بشكل مباشر بالرسوم والضرائب الجمركية التي ستفرض على القطع المستوردة وهذا ما ينتظرون معرفته خلال الأيام القادمة.

إقرأ:سيارات كهربائية والسماح باستيراد قطع السيارات.. ما أثر ذلك على سوق السيارات بسوريا؟

وحول تجميع السيارات في سوريا، كان وزير الصناعة، في وقت سابق، أعطى أصحاب شركات تجميع السيارات مهلة حتى مطلع 2022 لفتح ثلاثة صالات، قاعة للحام وأخرى للطلاء والثالثة لتجميع وتركيب القطع، وألا يقتصر الأمر على فتح صالة واحدة للتجميع، وهي مهلة أعطيت لأصحاب المنشآت القائمة والمستثمرة والمنفذة، وإيقاف جميع التراخيص لمبدأ الصالة الواحدة، بحسب متابعة “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.