الدعم الزراعي في حماة، يتلخص بوعود متقدمة وواقع متراجع، إذ يشعر مزارعو البصل هناك بأن “الشركة العامة لتجفيف البصل والخضار”، ورطتهم بإبرام عقود معها لزراعة البصل، بعد وعدها لهم بتأمين كل مستلزماته، لكنها تنصلت من وعودها، ورمت الكرة بملعب اللجنة الزراعية الفرعية، التي تسخر كل المستلزمات الزراعية لمحصول القمح الإستراتيجي.

وباستثناء القمح الذي يخضع وينحصر تسويقه بمؤسسات حكومة دمشق، يؤدي تراجع الدعم إلى رفع تكاليف إنتاج المحاصيل، مما يدفع المزارعين إلى تقاضي نفقات أعلى على سعر المنتج النهائي.

البصل نحو الغلاء

مع اقتراب جني محصول البصل، يعاني المزارعون من عدم توفر مادة المازوت المدعوم؛ لري محاصيلهم رغم وعود مؤسسات الزراعة بتوفير كافة مستلزمات إنتاج البصل، ومنها مادة المازوت للعام الجاري 2022.

صحيفة “الوطن” المحلية، نقلت عن مزارعي منطقة الغاب وسط سوريا، اليوم الخميس، قولهم بأن “الشركة العامة لتجفيف البصل والخضار” قامت بخداعهم، لأنها لم توفر الأسمدة أو الوقود، وباعت “القزح” – البصل الصغير – بسعر أغلى من السوق، ففي السوق كان سعر الطن ما بين 375 – 400 ألف ليرة، وفي الشركة بـ800 ألف.

وادعى المزارعون، أن الشركة أخبرتهم خلال زياراتها لمناطق إنتاج البصل أنهم سيتمكنون من الحصول على ما يكفي من الوقود لري المحصول حتى جنيه بالإضافة إلى السماد النيتروجيني “الآزوتي”، ولكن هذا الوعد “تبخر” بمجرد أن زرعوا حقولهم.

وأشار الفلاحون، إلى أنه في حال نجح الإنتاج وتم بيعه للشركة، فإنها ستشتري الطن من البصل الأبيض بحدود 425 ألف ليرة، وهو السعر الذي حدد العام الماضي، أو 500 ألف ليرة على الأكثر هذا العام في حال حاولت الشركة رفع السعر، وبذلك سيخسر المزارعون الكثير من المال.

وبحسب المزارعين، فإن كلفة الدونم الواحد حاليا تبلغ 1.1 مليون ليرة، ومع بداية حصاده  في تموز/يوليو القادم، هدد المزارعون إذا لم تكن الأسعار مربحة ومفيدة لهم، فإنهم لن ينقلوا إنتاجهم إلى الشركة.

البصل والبطاطا خارج الدعم الحكومي

توجيه الاهتمام نحو القمح في ظل الأزمة العالمية بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، هو ما أكده عضو المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة بالمحافظة، عبد الحميد العموري، ومدير المصرف الزراعي بسلمية، زياد القصير، حيث أشاروا إلى أن الوقود والأسمدة مخصصة للقمح فقط.

ومن جهته، قال مدير المصرف الزراعي بالغاب، أيمن أبو صفرة، إن تمويل الأسمدة يعطى حصرا للقمح والقطن والشمندر وأن توزيع المحروقات يقع ضمن صلاحيات اللجنة الفرعية الزراعية، في حين أن البطاطا والبصل ليس لهما تمويل بالسماد.

وفي رد على شكوى المزارعين، قال المدير العام للشركة العامة لتجفيف البصل والخضار في سلمية، باسل الحموي، إن الشركة هيأت لزرع 273 دونما من البصل الأبيض والقزح والبادرون – بذار البصل- ووعدتهم بعدد من التسهيلات، منها سلفة مالية للمزارعين الذين اشتروا البذور من الشركة، وتخصيص مازوت لهم بواقع 6 ليترات للدونم الواحد، مع خيار العمل على دراسة تكلفة المزارع، والتسعير بحسب السوق، وتوفير أكياس لملئ المحصول بحسب توافرها وبسعر رمزي يتراوح بين 300 و500 ليرة، ونقل المحصول من الحقول وبسيارات الشركة وبأجور رمزية.

وعن الأسعار التي تحددها الشركة لمنتوج المزارعين، قال إنه من المتوقع رفعها هذا العام على أساس مصاريف الإنتاج بأسعار السوق في فترة الموسم، مطالبا المزارعين بالالتزام بإعطاء المحصول إلى الشركة، موضحا أن ذلك سيساعدهم ويمنع تجار السوق السوداء من استغلاله ويساعد الشركة على تحقيق أهدافها الإنتاجية.

قرارات غير مدروسة

بوادر أزمة غذائية حادة يشهدها العالم مع مواصلة الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى معدلات قياسية، وزيادة أسعار القمح بأكثر من 60 بالمئة منذ شهر شباط/فبراير الماضي، وارتفاع أسعار الزيوت النباتية بأكثر من 40 بالمئة، كما قفزت أسعار القمح الأوروبي بنسبة 52 بالمئة والسعر القياسي لزيت النخيل 25 بالمئة منذ شهر كانون الثاني/يناير.

ومع ذلك، القطاع الزراعي في سوريا، يعاني من زيادات متتالية على التكلفة العامة للإنتاج، والتي جاءت نتيجة لسياسات حكومية غير مدروسة، أضرت كثيرا بهذا القطاع، ودفعت بالمزارعين في كثير من المواسم إلى بيع إنتاجهم بسعر التكلفة أو بخسارة.

الكلفة العالية لمستلزمات الإنتاج وغياب البنية التحتية المتعلقة بالزراعة، بالإضافة إلى زيادة أجور النقل بشكل كبير، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود؛ أثر أيضا على مستويات الإنتاج نتيجة لاعتماد الري في الزراعة على مادة المازوت بشكل رئيسي، والتي باتت نادرة كمادة مدعومة، ما دفع المزارعين للجوء للسوق السوداء.

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، الأحد الفائت، أشار إلى تعرض القطاع الزراعي في موسم 2021 – 2022 إلى كم كبير من الصعوبات والمعوقات، وفي مقدمة هذه المعوقات تأمين مادة المازوت الأساسية لري محاصيل الحبوب والقطن والشوندر والحمضيات والخضار والفواكه.

وبحسب التقرير، فإن النسبة أو الكمية كبيرة جدا وهي مؤشر على أن الدعم لقطاع الزراعة كان محدودا جدا، مبينا أن الآليات الحكومية غير فاعلة، فالكميات المصادرة من المازوت تقدر بالأطنان وليس بآلاف اللترات، ولو كانت الجهات المكلفة بتوزيع المادة جادة بإيصالها إلى المنتجين وليس لتجار السوق السوداء عبر آليات فعالة تمنع تسربها، لكان القطاع الزراعي ارتوى بنسبة أكبر من المازوت المدعوم.

ومما يستحق الذكر، أن القطاع الزراعي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في سوريا، والذي اعتاد السوريون على العيش من منتجاته وعائداته لسنوات طويلة، لكن العامين الأخيرين كانا الأسوأ بتاريخ هذا القطاع إذ شهد تراجعا كبيرا زاد من انهيار الاقتصاد السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.