الخبرة العسكرية المكتسبة من القتال بعد انخراطه في الحرب داخل سوريا، وعقود من الاشتباكات مع إسرائيل، وتأسيس شبكة مالية معقدة معتمدة على تجارة المخدرات، جعلت الجماعة المدعومة من إيران أقوى من أي وقت مضى، لكن أكبر تهديد يواجهه “حزب الله” اللبناني، قد يكون الاضطرابات في فنائه الخلفي بعد اتحاد 30 دولة حول العالم لإنهاء نشاطاته الإرهابية.

أنشطة تؤثر على السلم الدولي

“حزب الله” هو حزب سياسي، وجماعة مسلحة مقرها لبنان، عززت أجهزته الأمنية الواسعة، وتنظيمه السياسي، وشبكة الخدمات الاجتماعية سمعته على أنه “دولة داخل دولة”، إذ تأسست الجماعة المدعومة من إيران في خضم فوضى الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت خمسة عشر عاما، مدفوعة بمعارضتها لإسرائيل حسب ادعائها.

برأي الباحث في شؤون التنظيمات الإرهابية، علاء كريم، فإنه مع تاريخه في تنفيذ هجمات إرهابية عالمية، تم تصنيف أجزاء من “حزب الله” (وفي بعض الحالات المنظمة بأكملها) على أنه مجموعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، والعديد من الدول الأخرى.

وفي السنوات الأخيرة، أشركت التحالفات طويلة الأمد مع إيران وسوريا الجماعة في الحرب السورية، حيث حوّل دعمها للرئيس السوري بشار الأسد، إلى قوة عسكرية متزايدة الفعالية، ولكن مع مواجهة سماسرة النفوذ في لبنان استياء عاما مع اقتراب الدولة من الفشل، يمكن أن يتغير دور “حزب الله” في لبنان، وفقا لكريم.

ويشير الباحث خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، واللجنة الفرعية للشرق الأدنى وجنوب ووسط آسيا، بحثوا لعدة سنوات التداعيات الخطيرة لـ”حزب الله”، لا سيما بعد تنامي القوة السياسية، والعسكرية للحزب في لبنان.

ويقول كريم، إن “لبنان، مع صراعاته الطائفية العميقة، يُعد سببا رئيسيا في تنامي أنشطة حزب الله، التي لها تأثير مباشر على نطاق أوسع لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة والسلم الدولي، ويهدد الاستقرار الإقليمي، ويعقّد احتمالات تسوية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين”.

ضرب مركز الثقل

منذ نشأته، كان “حزب الله” دائما متحالفا بشكل وثيق مع إيران، إذ لعبت إيران دورا عمليا رئيسيا في تشكيله، ويعتبر التزام “حزب الله” تجاه إيران سببا رئيسيا للصراع المتأصل وغير المريح في كثير من الأحيان بين أهدافه المتنافسة في لبنان و،عبر الشرق الأوسط.

ويوضح كريم، أن لـ”حزب الله” مصالح عميقة في لبنان، حيث يشارك في أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، لكن المجموعة منخرطة أيضا في مجموعة واسعة من الأنشطة القتالية ،والإرهابية والإجرامية خارج لبنان، وهذا يشمل تدريب “حزب الله” مجموعات أخرى تعمل بالوكالة لإيران، وحتى نشر أفراد ووحدات عسكرية رئيسية خارج حدود لبنان.

وبحسب كريم، فإن أدوار “حزب الله” في الحروب في العراق وسوريا، غيّرت بشكل كبير طبيعة كيفية لعب تحالف الجماعة مع إيران عمليا في جميع أنحاء المنطقة، ومع تزايد الترابط بين عمليات “حزب الله” و”فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني في جميع أنحاء المنطقة، تولى الحزب أدوارا إضافية في إدارة مخططات مالية غير مشروعة، تهدف إلى التهرب من العقوبات وتمويل “الحرس الثوري”، ومن خلاله يمول حلفاء ووكلاء إيرانيين رئيسيين مثل الحكومة السورية، و”حماس” و”الحوثيين” والميليشيات العراقية و”حزب الله” نفسه.

ووفقا للباحث في شؤون التنظيمات الإرهابية، فإن الدول الإقليمية ستنظر في خيارات تعزيز الحكومة اللبنانية حتى تتمكن من السيطرة الكاملة على أراضيها، وعلى خلفية تصاعد التوترات في المنطقة، ستشكل الدول المعنية بأنشطة “حزب الله” الإرهابية لجنة فرعية لإجراء فحص شامل لهذه الأنشطة وضربها، لا سيما في الحدود الجنوبية للبنان، التي تُعد من أكثر الحدود اضطرابا في الشرق الأوسط.

اجتماع دولي

في بيان لها، كشفت وزارة الخارجية الأميركية، عن عقد أجهزة تنفيذ القانون، ومكافحة الإرهاب في أكثر من 30 دولة، اجتماعات في نهاية الشهر الماضي لمناقشة النشاطات الإرهابية والإجرامية لـ “حزب الله” اللبناني عبر العالم والجهود الدولية لتعقبها وتعطيلها.

وأوضح البيان، أن مجموعة تنسيق إنفاذ القانون التي تركز على مكافحة النشاطات الإرهابية وغير المشروعة لـ “حزب الله” اللبناني عقدت اجتماعها التاسع في أوروبا في 29 حزيران/ يونيو الماضي و30 منه.

ولفتت الوزارة، إلى مشاركة أكثر من 30 حكومة من الشرق الأوسط ،وأميركا الجنوبية وأميركا الوسطى وأوروبا وأفريقيا والهند والمحيط الهادي وأميركا الشمالية، بالإضافة إلى “اليوروبول”، وهي وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون.

وشارك في الاجتماع مسؤولون من وزارات الخارجية والعدل والخزانة الأميركية، بالإضافة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي”، وإدارة مكافحة المخدرات الأميركية.

وناقش المشاركون بحسب البيان، “التآمر الإرهابي العالمي المستمر للحزب اللبناني، وشراء الأسلحة، والمخططات المالية، وحددوا كيف يمكن لـلحزب أن يتكيّف في المستقبل للتهرب من تعقبات أجهزة تطبيق القانون”.

كما ناقش المجتمعون، “كيف يمكن استخدام أجهزة تطبيق القانون أو الأدوات المالية لتعطيل نشاطات الحزب الإرهابية، والإجرامية والشبكات المرتبطة بها”، وعرضت المجموعة أيضا الإجراءات التي اتخذتها حكومات من أوروبا، وأميركا الجنوبية والوسطى ومنطقة المحيطين الهندي والهادي على المستوى الوطني في السنوات الأخيرة لتصنيفه، جماعة إرهابية أو حظره أو تقييد عمله على أراضيها”، وستجتمع المجموعة مجددا خلال عام 2023.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.