ناشرا صورته بالزي العسكري وهو يحمل الكلاشينكوف إلى جانب مقاتل (يسمى بسهيل أبو التاو) يتبع لـ”الجيش الوطني” السوري المعارض المدعوم من أنقرة، يقدم نفسه التركي المنتمي للتيار القومي، باتوهان غوتشر (24 عاما) كعسكري سبق له أن قاتل على الأرض السورية.

تحمل قصة غوتشر الكثير من الألغاز والتساؤلات، فالقومي التركي استغل الخطاب المعادي للاجئين في تركيا، من أجل الاحتيال على العديد من الشبان والشابات الأتراك تحت ستار مناهضة اللجوء لتركيا.

موقع “الحل نت” تابع قصة غوتشر بشكل خاص وترجم عدة تقارير تركية حول هذا الشأن من خلال رصد أكثر من موقع إعلامي تركي تحدث عن تفاصيل قصص النصب والاحتيال باسم مناهضة اللجوء إلى تركيا.

اشتهر التركي باتوهان غوتشر من خلال الغرف التي كان يفتتحها على موقع “تويتر” تحت شعارات قومية تركية. وفي إطار الجهود التي كان غوتشر يدعي بذلها في مناهضة اللاجئين أطلق وعودا بتأسيس ما أسماها “جمعية مكافحة الهجرة غير الشرعية” و تمكن من خلال هذا الوعد خداع العشرات والحصول منهم على مبالغ مالية قُدمت كدعم لمشروعه المفترض. و بحسب موقع تركية فإن الضحايا سيتقدمون بشكوى جنائية ضد غوتشر الذي يُزعم تواجده في منطقة بوزجا آدا السياحية (شمال غرب تركيا) لقضاء إجازته الصيفية مستفيدا من المبالغ التي جمعها من ضحاياه.

و بحسب ما أورده الصحفي في مجلة “الحياة الحقيقية” عبد الباقي يحيى، فإن غوتشر بالفعل قد دخل للأراضي السورية عدة مرات و لكنه لم يشارك في أي من المعارك هناك. ليس هذا فحسب بل الملفت أنه لم يلتحق حتى بصفوف الخدمة العسكرية الإلزامية في تركيا.

و من الجدير بالذكر أن أحد الأدلة على تواجد غوتشر في سوريا هي صورة له بالزي العسكري مع المقاتل في صفوف الجيش الوطني سهيل محمد حمود الملقب بـ “أبو التاو” منشورة على حساب الأخير في “تويتر”. لكن وفي الوقت ذاته فإنه لا توجد معطيات كافية قد تساعد في تحديد التواريخ التي كان يتواجد خلالها المدعو غوتشر في الأراضي السورية، أو حتى تحديد الآلية التي كان يتبعها للتنقل أو حتى الجهات التي كانت تقدم له العون في مسألة العبور للجهة السورية، لاسيما وأنه لم يلتحق بالخدمة العسكرية الإلزامية، فكيف وصل إلى سوريا؟.

لم تكن شعارات محاربة اللاجئين في تركيا و الشعارات الجاذبة للقوميين هي وسيلة غوتشر اليتيمة لجر ضحاياه و الإيقاع بهم، فقام الأخير و من خلال تصدير صورته كـ”مقاتل شجاع” بجر الكثير من الفتيات التركيات لعلاقات غرامية، و من ثم استغلالهم للحصول على مبالغ مادية كبيرة كدين سيقوم لاحقا بسداده.

بحسب ما أورده باحث الآثار التركي و الناشط المطلع على قضية غوتشر، فرات غوكدمير في حسابه على “تويتر” فإن غوتشر كان على دراية تامة بما يحتاجه لتسويق نفسه و أفكاره و جذب الإهتمام، و كانت لديه كل القدرة على تشكيل هويته تبعا لذلك.

وتابع “شاب مثله متسرب من الدراسة و لا يملك أي مكانة اجتماعية أو درجة مهنية سيكون من المستحيل تمكنه من ترسيخ الثقة به عند متابعيه، فلجأ لكذبة المقاتل الشجاع المحب لأرضه وشعبه. كان له ما أراد بالحصول على إعجاب شريحة لا بأس بها من حملة الإيديولوجية السياسية ذاتها”.

بعد انكشاف الوجه الحقيقي لغوتشر و تداول قصته على وسائل التواصل الإجتماعي في تركيا ظهر الكثير من الضحايا الذين تسابقوا لرواية مجريات ما عاشوه و مقدار ما تبرعوا به لمساندة مشاريع غوتشر المزعومة.

من بين ضحايا غوتشر، طالب جامعي في مدينة بيلجيك التركية فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب خاصة، استهل شهادته المنشورة على موقع تركي قائلا: “في بدايات شهر كانون الأول من العام 2019 كنت عضوا نشطا في إحدى المجموعات على تويتر، المجموعة كانت تضم ما يقرب الستين أو السبعين عضوا و كان المدعو باتوهان غوتشر من بينهم أيضا. في أحد الأيام راسلني مبينا حاجته لمساعدتي، أرسلت له رقم هاتفي وعندما تواصل معي هاتفيا اقترح علي قدومه للمدينة التي أقيم فيها للدراسة. و بالفعل أتى وتعارفنا و سرد لي الكثير عن والده تحديدا، محاولا كسب تعاطفي و طرح أفكاره بما يتعلق بتأسيس جمعية لمناهضة الهجرة و اللاجئين”.

وأضاف بأن “التعارض الكبير بين أقاويله جعلته مصدر شك بالنسبة لي، فمثلا قال لي ذات مرة أنه لم يؤد بعد الخدمة العسكرية و في لقاءات لاحقة تحدث مطولا عن المعارك التي خاضها في سوريا، كان هذا دليلا كافيا بالنسبة لي لأعرف حقيقته وأبتعد عنه. أعتقد أنه كان مصابا بمرض الفصام”.

في حين قالت إحدى ضحاياه، “أنا وباتوهان كنا في علاقة منذ تشرين الثاني. منذ ذلك الوقت، اقترض مني مبلغا كبيرا من المال. مؤخرا سمعت أن هناك 35 أو 40 شخصا احتال عليهم”.

وفي ظل تواريه عن الأنظار يبقى ملف غوتشر مفتوحا على احتمالات كثيرة، خصوصا فيما يتعلق بجزئية حرية تنقله في الأراضي السورية الخاضعة للسيطرة التركية، وحمله للسلاح برفقة مقاتلين في المعارضة وهو الذي لم يلتحق بصفوف الخدمة العسكرية الإلزامية بعد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة