لم يكن اختيار الرئيس السوري، بشار الأسد، ظهوره في بعض الأماكن داخل البلاد عبثيا، إذ كان ظهوره في حلب خلال عيد الأضحى، يحمل دلالات وإشارات داخلية وخارجية، ترافقت مع ترويج الإعلام الرسمي لهذه الزيارات، بأن الأوضاع في سوريا مستقرة وتحت السيطرة، وأن مؤسسات دمشق تتعافى.

فبالتزامن مع زيارته إلى حلب، زارت زوجته أسماء الأسد أيضا مدينة حلب القديمة، وشاركت في الجلسة الختامية من ورشة “تطوير استراتيجية أسواق الشارع المستقيم” بمدرسة “سيف الدولة الحمداني”، فيما ظهر أبناؤها بجوار المباني المدمرة. 

لكن حتى في مواجهة هذا التقييم، يبدو أن الأسد يريد إيصال رسالة، أنه حقق انتصارات دبلوماسية كبيرة خلال العام الماضي. بدءا من مبادرات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في يوليو/تموز الماضي، التي سرعان ما أكسبت الأسد زخما في جميع أنحاء المنطقة. حيث أعادت الإمارات العربية المتحدة والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق. وضغط مسؤولون كبار في عدة دول عربية لإعادة عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، بما في ذلك الجزائر، التي ستستضيف قمة الجامعة المقبلة، ولكن بعد غياب  أكثر من 10 سنوات عن حلب، لماذا يظهر الأسد فيها الآن؟

رسائل للخارج وخداع للداخل

تعتبر زيارة المدينة الثانية في سوريا والعاصمة الاقتصادية في السابق رمزية للغاية حيث كان انتصار الأسد هناك عام 2016  بدعم عسكري حاسم من روسيا، نقطة تحول في الصراع السوري على المستوى السياسي والعسكري.

زيارة بشار الأسد إلى حلب حملت أكثر من رسالة، برأي الصحفي السوري، فراس علاوي، فالأولى كانت موجهة للداخل وتحديدا لمناصريه، بأنه يسيطر على المنطقة وبات يسيطر على أكثر مناطق حيوية في سوريا، أما خارجيا فالأسد يريد أن يقول “بأننا بدأنا بما يسمى إعادة الإعمار من خلال زيارته لمحطة كهربائية”.

وبالتالي بحسب حديث علاوي لـ”الحل نت”، فإن الأسد يطلب مساعدة هذه الدول والإيحاء لرجال الأعمال بأن مجال الاستثمار في سوريا بات مفتوحا، ومأمن من قبل الدولة وأعلى سلطة فيها.

أما حول الرسائل السياسية، فأشار علاوي، إلى أن الروس كانوا قد منعوا الرئيس السوري من الذهاب إلى حلب، بسبب توافقات مع تركيا، والآن استغل تراجع الدور الروسي لمصلحة الدولة الإيراني، الذي لعب دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين الحكومتين.

إذ يعتقد الصحفي السوري، أن “الوساطة الإيرانية بين النظام وتركيا بما يتعلق بعمليات السيطرة، عززت من دخول الأسد إلى حلب، التي لم يكن يجرؤ الوصول إليها لولا وجود توافق إقليمي على عودته إلى حلب، ومن ضمنها غض نظر تركي وموافقة روسية وإيرانية”.

من ناحية أخرى، يرى المحلل السياسي، درويش خليفة، في حديثه لـ”الحل نت”، أن الأسد يستغل تقنين وزارة الخزانة الأميركية على العقوبات الاقتصادية تجاه سوريا، وموضوع التعافي المبكر، ليدشن المحطة الحرارية على أنها إحدى منتجات الحكومة السورية، وأن حكومته قادرة على افتتاح منشآت صناعية جديدة.

وهذا على العكس تماما بحسب خليفة، إذ إن صيانة المحطة الحرارية وجلب الكهرباء لمدينة حلب كان عبر منظمات دولية داعمة، التي أعادت ترميم المحطة الحرارية، ولا جديد بافتتاحها. 

وفي تحليل لرسائل الأسد السياسية من حلب، يعتقد خليفه، أن الأسد وجه خطاب للمجتمع الدولي، بأنه استطاع السيطرة على العاصمة الاقتصادية لسوريا، وبالتالي المطلوب اليوم من الدول أن “تتعامل معه كأمر واقع أو كمنتصر بين قوسين”.

إنجازات على أطلال منكوبة

يوم أمس السبت، احتفل الرئيس السوري، بشار الأسد، بعيد الأضحى في حلب في أول زيارة له للمدينة الشمالية منذ أن استعادت قواته السيطرة عليها في عام 2016 بمساعدة روسيا وقوات أخرى متحالفة معها.

وجاء في بيان صادر عن وكالة الأنباء السورية “سانا”، أن الأسد أدى صلاة عيد الأضحى في مسجد ابن عباس إلى جانب كبار المسؤولين الحكوميين.

وقال الأسد في تصريحاته، إنه زار الأسواق التاريخية وافتتح محطة طاقة حرارية من المتوقع أن تولد 200 ميغاوات من الكهرباء، بحسب وكالة سانا.

كما ذكرت الرئاسة السورية، إن الأسد وزوجته “زارا المسجد الأموي التاريخي في حلب”، وأضافت أنهم “تجولوا في أسواق البلدة القديمة التي فتحت بمناسبة عيد الأضحى”.

ظهور الأسد في مدينة حلب تزامن مع تصاعد الأحداث الميدانية في الريف، بالحديث عن عملية عسكرية تركية، التي ترافقت مع تعزيزات عسكرية تركية وصفت بـ”الضخمة”، إضافة إلى تدريبات أجرتها فصائل “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من قبل تركيا، استعدادا للعملية.

https://twitter.com/spriteer_774400/status/1545463119102836737?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1545463119102836737%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.siasat.com%2Fsyrian-president-assad-makes-first-visit-to-aleppo-since-war-2366148%2F

ولا تملك الحكومة السورية أي سلطة على جميع أنحاء محافظة حلب، حيث لا تزال المناطق الواقعة على الحدود التركية تحت سيطرة الفصائل المدعومة من أنقرة.

وتع مدينة حلب من أكثر المدن السورية التي تعرضت للدمار والقصف خلال السنوات السابقة، لا سيما خلال عام 2016، بعد مساندة الطيران الروسي والقوات والمليشيات الرديفة للجيش السوري على الأرض، واستخدامهم البراميل المتفجرة والأسلحة الثقيلة.

ووثقت العديد من المنظمات والشبكات الحقوقية والإنسانية مسؤولية دمشق عن عشرات الانتهاكات التي راح ضحيتها أبناء المدينة التي زارها الأسد أمس، منها مجزرة حيي أرض الحمرا و طريق الباب، في مدينة حلب، في 22 من شباط/فبراير 2013، حين أطلقت القوات النظامية صاروخين على الأقل من نوع “سكود”، استهدفت فيهما حيي أرض الحمرا وطريق الباب في مدينة حلب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة