من جديد يتكبد مزارعي الخضار في سوريا لجملة من الخسائر، نتيجة لعدة أسباب أهمها عدم وجود دعم حكومي، وكذلك استغلال واحتكار التجار والسماسرة بتسويق السلع، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع أسعار المشتقات النفطية مثل المازوت الذي يدخل في عملية الإنتاج، وكذلك أجور النقل. كل هذه الأمور تكبد مزارعي الخضار خسائر متتالية نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج أمام المبيعات.

صعوبة التسويق

بالرغم من أن إنتاج محافظة السويداء هذا الموسم من الخضروات الصيفية “بندورة – كوسا – بطيخ – خيار.. إلخ” وصل إلى 85 ألف طن، إلا أن المزارعين لا يزالون يبحثون عن منفذ تسويقي لإنتاجهم، الذي معظمه- بحسب تصريح عدد من المزارعين – يذهب إلى جيب التجار والسماسرة وبأسعار منخفضة لا تساوي تكاليف الإنتاج، بحسب ما أوردته صحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الأحد.

وتابع المزارعون حديثهم: المنفذ التسويقي الذي كانوا يأملونه وهو “سوق هال” مدينة السويداء، وقد خيب أملهم نتيجة افتقار السوق لـ “مفتاح” عمله الأساسي وهو القبان. الأمر الذي دفعهم إلى البحث لتقبين منتوجاتهم من الخضار وهو الذهاب إلى مؤسسة “عمران” أو مستودعات المطاحن، الأمر الذي فرض عليهم أعباء مالية إضافية هم بغنى عنها.

بالإضافة إلى ما ذكر، فإن تجار السوق غير قادرين على شراء جميع منتوجات الخضار من المزارعين، الأمر الذي دفع المزارعين إلى نقل خضرواتهم إلى “سوق هال” العاصمة دمشق، مما أدى بهم إلى الوقوع في فخ الاستغلال المادي، بحسب الصحيفة المحلية.

أجور النقل

بحسب التقرير المحلي، فإن أجرة السيارة الناقلة للخضار تجاوز سقفها لـ 400 ألف ليرة سورية، كما ورفع أجور النقل من قبل السائقين نتيجة شراء أصحابها المازوت من السوق السوداء وبسعر 5000 ليرة لليتر الواحد، هذا فضلا عن الكمسيون الذي يتقاضاه سماسرة “سوق هال” مدينة دمشق والذي يصل إلى 7 بالمئة من قيمة كل حمولة.

بدوره، قال مدير زراعة محافظة السويداء، أيهم حامد، للصحيفة المحلية: إن إنتاج المحافظة من الخضروات الصيفية لهذا الموسم يقدر بنحو 85 ألف طن، مشيرا إلى أن إنتاج الموسم الماضي بلغ نحو 95 ألف طن، حيث انخفض الإنتاج هذا الموسم بسبب تعرض المحاصيل الصيفية وخاصة المزروعة مبكرا لموجة الصقيع ما ألحق ضررا بالمزروعات.

وأضاف حامد أن الإنتاج يغطي احتياجات السوق المحلي من الخضار، وهناك العديد من المزارعين الذين يأخذون منتجاتهم إلى “سوق هال” في دمشق لتصريفه. يشار إلى أن المساحات المزروعة بالخضار الصيفية لهذا الموسم بلغت نحو 12 ألف دونم معظمها مروي.

قد يهمك: البندورة السورية إلى كارثة جديدة.. ما علاقة الزراعة المحمية؟

ضربة جديدة للمزارع

بما أنها تباع إلى غالبية المحافظات السورية، تعتبر البندورة إحدى المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية في سوريا، وتوفر الغذاء لكامل المناطق الداخلية السورية، فبعد السماح بتصديرها هذا العام، توقع المزارعون زيادة كبيرة في الأسعار، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل من مشاكل جديدة ظهرت في زراعة البيوت البلاستيكية.

محصول البندورة في محافظة طرطوس تعرض لضربة جديدة، بعيدا عن كلفة الإنتاج المرتفعة والتي منعت المزارعين من تحقيق هامش ربح يغطي رأسمالهم ويضمن حقهم في الربح، مما عرضهم للخسائر في موسم الحصاد في الصيف.

بداية من التنين والغمر والصقيع إلى انخفاض حاد في الأسعار لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج، كلها كوارث حلت على مزارعي البيوت المحمية في طرطوس، ما أدى إلى تراجع الاستثمار فيها.

في حديثه لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الأحد، قال رئيس دائرة التخطيط بمديرة الزراعة بطرطوس، أسعد سليمان، إن عدد البيوت المحمية المستثمرة في المحافظة للموسم الزراعي 2021-2022 بلغ نحو 141735 بيت بلاستيكي، تنتج 410 آلاف طن.

إلا أن الاستثمار في الزراعة المحمية التي تشكل المصدر الوحيد للدخل لآلاف الناس، تراجع مقارنة بالسنوات السابقة، خصوصا في طرطوس التي تعد أعلى منطقة تحتضن الزراعة المحمية، ثم تليها منطقة بانياس وصافيتا وبقية المناطق بكميات أقل.

وأوضح سليمان في حديثه السابق، أن المنتجات الزراعية الأولية وخصوصا البندورة المحمية، تزرع في 83988 بيتا، وتنتج 300 ألف طن، و50 ألف طن من الباذنجان، و30 ألف طن من الفليفلة، و20 ألف طن من الخيار، و 6 آلاف طن من الفراولة، بالإضافة إلى 4آلاف طن من الفاصوليا.

يهيمن اليأس والقلق من المجهول على الزراعة المحمية في طرطوس، فبحسب مزارعي المنطقة وفي ذروة موسم إنتاج البندورة، انخفضت الأسعار بشدة إلى مستويات قياسية، فالبندورة الحمراء باتت بـ 250-300 ليرة للكيلو، و 400-500 ليرة لكيلو البندورة الخضراء، وهذا التسعير تسبب بخسائر فادحة لهم.

وفي ظل غياب الرقابة الحكومية، تسيطر الفوضى على أسواق بيع الخضار والفاكهة في سوريا، فالمواد تباع في أسواق الجملة بدون فواتير نظامية، ما يفتح الباب لمزيد من فوضى الأسعار خلال عمليات البيع إلى المستهلكين.

كما أن بعض الأصناف تصل فروقاتها السعرية بين السوق وخارجه إلى عشرة أضعاف، حيث يحصل التاجر على الصنف بمبلغ 500 ليرة للكيلو ليتم بيعه بسعر خمسة آلاف في الأسواق.

هذا وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في أسعار الخضار والفاكهة والسلع الغذائية، وغيرها من المواد الأساسية المعيشية، ورغم انخفاضها الطفيف مؤخرا مقارنة بالفترة الماضية، إلا أن هذا الانخفاض الذي حصل لم يصل بعد إلى مستوياته المعهودة، والتي يجب أن تتناسب مع مستوى رواتب المواطنين بطبيعة الحال، وسط فشل حكومة دمشق في تحقيق وعودها بضبط الأسعار، وتخفيف الحمل على عاتق المواطنين.

قد يهمك: سوريا.. فواتير وهمية في سوق الهال وفروقات جنونية بالأسعار

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.