العديد من الدول في المنطقة العربية، باتت تعاني من الفساد الحكومي والإداري، الذي تسبب بإفقار مواطنيها على الرغم من وجود موارد اقتصادية وثروات متعددة فيها، ما جعل مواطني هذه الدول ينظرون إلى أي ثورة شعبية تخلص مواطنيها من الأنظمة الاستبدادية، ولعل العراق ولبنان من أبرز هذه الدول.

السيناريو السيرلانكي

تقرير لموقع قناة “الرافدين” العراقية، اليوم أشار إلى أن العراقيين واللبنانيين، ينظرون إلى الأحداث المتسارعة في سيرلانكا بعد إسقاط الرئيس، واجتياح القصر الجمهوري من قبل جموع الشعب الغاضبة على الفساد والفشل السياسي، بعين الخيار الشعبي القادم للتخلص من السياسيين الفاشلين، ولصوص الدولة في العراق ولبنان.

ولفت التقرير، إلى أن التحريض الشعبي في البلدين العربيين اللذين يعانيان من الفساد والفشل السياسي، وتبعية الأحزاب الى إيران، مع سطوة الميليشيات وقوى اللادولة، للقيام بثورة شعبية مماثلة لأسقاط النظام.

ويرى عدد من المراقبين، قابلية تكرار “سيناريو الثورة السيرلانكية” في دول عربية تمر بظروف اقتصادية مشابهة، نتيجة أزمة الغذاء، وانعدام فرص العمل والاستهانة بالكرامة البشرية، وتغول الميليشيات الطائفية، التي يمكن أن تدفع الجياع إلى اقتحام قصور الحكام.

بينما يرى آخرون في الأخوين راجاباكسا “نموذجا تقليديا للنخب الحاكمة في البلدان المتخلفة” و “الإقطاعية والطائفية لسياسية”، وأن ما وصلت إليه سيرلانكا، هو مثال على ما يمكن أن تفعله “الحكومات المتخبطة والفاشلة”، بحسب التقرير.

وأشار التقرير، إلى أن الأحداث الشعبية بعد إسقاط الرئيس السيرلانكي، غوتابايا راجابكسا، وفراره إلى الخارج، تحولت إلى مقارنات بين النُّخب الشعبية، والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق ولبنان.

إقرأ:تحذيرات من “ثورة جياع” في العراق

العراق ولبنان على شفير ثورة

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى تحذيرات من “ثورة جياع” يطلقها مؤخرا العديد من السياسيين، قد تجتاح العراق مع استمرار الانسداد السياسي، وتعذر إقرار موازنة مالية لهذا العام، وآخرها إلغاء مشروع قانون “الأمن الغذائي”، ومبيّنا أن “قرارات “المحكمة الاتحادية العليا”، تصدر من رؤية كلاسيكية غير سليمة”.

ونقل التقرير، عن الكاتب والباحث السياسي غالب الشابندر، إن“ العراق على مشارف مجاعة وثورة غذاء وفقراء”، مشبها الحكومة العراقية الحالية، بتلك التي كانت في العام 2014، والتي وبسبب هشاشتها استطاع تنظيم “داعش” الإرهابي السيطرة على ثلث مساحة العراق.

كما نقل التقرير، عن رئيس “اللجنة المالية” النيابية، حسن الكعبي، أن إجهاض قانون “الأمن الغذائي”، يعني حرمان العراقيين من 11 سلة غذائية خلال الأشهر المتبقية من هذا العام، وحرمانهم من مخزون استراتيجي للمواد الغذائية”.

وأضاف الكعبي، أن من بين السلبيات الناتجة عن إلغاء قانون “الأمن الغذائي”، حرمان 15 محافظة من مخصصات تطوير بلغت 10 تريليون دينار، وضياع فرصة بناء عشرات المدارس والمستشفيات، ومنع صرف 500 مليار دينار على الطرق الخارجية لتطويرها.

أما لبنان، فيعاني منذ مطلع العام الحالي من أزمات متعددة، منها ما هو اقتصادي، ومنها خدمي متعلق بقطاع الكهرباء بشكل خاص.

ففي مطلع نيسان/أبريل الماضي، أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة اللبنانية علنا وبشكل لا لبس فيه، إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، مبيّنا أن الخسائر ستوزع على الدولة، ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.

وأضاف سعادة الشامي، في خطابه لوسائل الإعلام اللبنانية، إن الخسائر ستقسم ولا توجد نسبة دقيقة. قائلا،” للأسف الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان، ونريد أن نخرج بنتيجة، والخسارة وقعت بسبب سياسات لعقود، ولو لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير”، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

وفي أيار/مايو الماضي، سعى اللبنانيون من خلال الانتخابات النيابية، إيصال عدد من النواب الإصلاحيين إلى البرلمان، من أجل التخفيف من تغوّل حزب الله، وبعض الأحزاب على الدولة واقتصادها.

إلا أن حزب الله، والاحزاب المتحالفة معه، يسعون إلى تعطيل عمل الإصلاحيين بكل شكل ممكن، وذلك من خلال الدفاع عن سلاحه بحجة مواجهة إسرائيل.

وفي مقابل ذلك، يتهم اللبنانيون حزب الله، باستخدام هذا السلاح لـتخويفهم، والتحكم بالسلام والحرب في البلاد، والانخراط في أزمات إقليمية، وكل ذلك أدى إلى توتر العلاقات الدبلوماسية اللبنانية، لا سيما مع دول الخليج، التي كانت من أكثر الداعمين للبنان.

أما من الناحية الاقتصادية، مؤخرا، قال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، أن جميع الأحزاب السياسية اللبنانية تدرك أن البنية التحتية اللبنانية، بما فيها الطاقة والمياه والمجاري، على وشك الانفجار قريبا، “مشكلة الخبز اليوم قد توصلنا إلى مشاكل أمنية ومشاكل أخرى لا نريدها، لذلك نتمنى إيجاد حلول سريعة لهذا الموضوع”، وذلك بعد أزمة الخبز التي برزت بشكل كبير مؤخرا.

قد يهمك:“حزب الله” عقبة أمام الإصلاحيين في لبنان

ومن الجدير بالذكر، أن العراق يعيش أزمات اقتصادية وسياسية متلاحقة خاصة منذ العام 2014 وما بعد، وأيضا لبنان يعاني من أزمات مشابهة، وكما جاء في تقرير “الإسكوا”، يعيش 82 بالمئة من اللبنانيين وغير اللبنانيين في فقر، بينما يعيش 40 بالمائة منهم في فقر مدقع. وهذه الأرقام ناتجة عن أزمة اقتصادية غير مسبوقة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، واستمرت في التفاقم مع تفشي وباء “كورونا”، وانفجار ميناء بيروت، والفساد المستمر داخل الدولة، وأخيرا الغزو الروسي لأوكرانيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة