الجفاف وظهور آفات فتاكة لخلايا النحل تتسبب بتراجع مستويات إنتاج العسل في العراق، إذ أعلنت جمعية النحالين في محافظة ديالى، اليوم السبت، عن انخفاض منتوج العسل في المحافظة إلى أدنى مستوى له منذ 6 أعوام.

بالمقابل، حدد مراقبون السبب بقلة الدعم وإهمال جمعيات الفلاحين، حيث قال عضو جمعية النحالين في ديالى صالح الزيدي، في تصريح لوكالة “بغداد اليوم”، وتابعه موقع “الحل نت”، إن “محافظة ديالى تواجه تحديات خطيرة وحرجة بسبب تداعيات الجفاف الذي قلص المساحات الخضراء، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة وبروز بعض الآفات الفتاكة لخلايا النحل مما قلل إنتاج العسل فيها”.

ونتيجة لذلك، فأن “إنتاج العسل خلال العام 2022 يعد الأدنى منذ 6 سنوات، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة هجرة المهنة التي توارثتها أجيال في أكثر من 13 منطقة زراعية بديالى بسبب الخسائر المتراكمة”، وفقا للزيدي.

كما لفت إلى أن “أبرز العوامل التي تهدد مهنة النحالين هي مراكز غش العسل التي تروج لمنتوجاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي أدت إلى الإساءة لمهنة مهمة في ديالى”.

إذ أن “المراكز السوداء خلقت عزوف عن شراء العسل من قبل شرائح واسعة بسبب ضعف الثقة”، يؤكد عضو جمعية النحاليين، ويبين أن “مهنة إنتاج العسل في ديالى تمر بمرحلة حرجة دون أي دعم حكومي، كما يرافقها إغراق الأسواق بالمستورد الذي هو أقل جودة من الإنتاج الوطني”.

اقرأ/ي أيضا: اتفاق عراقي – تركي لتجاوز أزمة المياه

الجمعيات الفلاحية سبب آخر

مراقبون عزاوا قلة الإهمال وانخفاض منتوج العسل إلى “قلة الدعم من قبل الجمعيات الفلاحية التي كانت سببا بتدمير العديد من البساتين والمساحات الخضراء، والتي يعتمد عليها النحالين في عملهم”، بحسب “بغداد اليوم”.

وفي وقت سابق، كشف تقرير لموقع “العربي الجديد”، وتابعه موقع “الحل نت”، عن أزمة جديدة تضرب بيئة العراق مع زيادة آثار الجفاف على المحافظات، مبينا أن من أهم المهن العراقية وهي صناعة العسل بدأت بالانحدار والانقراض بشكل تدريجي.

غانم العزاوي، وهو مهندس زراعي مختص بتربية النحل قال في التقرير، إن “صناعة العسل في العراق تعد مصدر رزق للآلاف من العائلات العراقية، لكنها اليوم باتت مهددة بالتراجع، بسبب الجفاف والتصحر وقلة الغطاء النباتي والأمراض وقلة الدعم”.

وأضاف أن “تربية النحل من المشاريع الاقتصادية الناجحة، وأصحابها نجحوا في توفير كفاية السوق العراقي بالعسل الطبيعي، طوال الفترة السابقة، إلا أنها تراجعت في العامين الماضيين وازدادت سوءا خلال هذا العام نتيجة للإهمال الحكومي وتراجع الزراعة وزيادة التصحر وتلوث البيئة ما دفع الكثير من المربين إلى العزوف عن هذه المهنة”.

كما أشار العزاوي إلى أن “خلية النحل الواحدة كانت في السنوات السابقة وخصوصا خلال وفرة المياه والأمطار تنتجفي الموسم الواحد ما يقارب 40 كيلوغراما من العسل، أما الآن فإن إنتاج العسل للخلية الواحدة لا يتجاوز 10 كيلوغرامات إلا ما ندر في بعض مناطق شمال العراق”.

وحذر العزاوي من فقدان آلاف الأسر العراقية مصادر دخلها نتيجة ضرب صناعة العسل، مطالبا حكومة بلاده بوضع خطة للحفاظ على ما تبقى منها.

اقرأ/ي أيضا: العراق يلجأ إلى الآبار الجوفية بزراعة الحنطة

انعدام المهنة

التقرير نقل أيضا، عن عضو رابطة نحالي العراق نوري الحديثي، قوله إن ” تربية النحل في العراق اتسعت بالعقدين الماضيين، حتى أصبحت مهنة لألاف العراقيين”، لكنه يؤكد أنها “باتت مهددة اليوم بسبب التغيير المناخي، من عواصف ترابية وتصحر وانحسار الغطاء النباتي وشحة المياه”.

وأوضح، أن “تربية النحل تحولت في السنوات السابقة إلى مشاريع استثمارية تنافس الكثير من المشاريع في القطاعات الأخرى، لكنها باتت مهددة بالاختفاء نتيجة جفاف الأنهر وقلة الأمطار”.

فيما لفت إلى أن “أسراب النحل في بعض مناطق العراق اختفت بشكل تدريجي وأخرى فقدت قدرتها على إنتاج النحل بنسبة تزيد على 80 بالمئة نتيجة لانعدام النباتات الزهرية جراء الجفاف، منوها بأن العراق فقد أكثر من 50 بالمئة من ثروة النحل”.

وبحسب الحديثي فإن “أعداد الخلايا المسجلة بشكل رسمي أكثر من 500 ألف خلية نحل، وتنتج سنويا أكثر من 2000 طن من العسل الطبيعي، فيما وصل عدد النحالين إلى أكثر من 2000 نحال، بالإضافة إلى نحالين آخرين ونحالين هواة غير مسجلين بشكل رسمي موزعين في عموم العراق وخصوصا مناطق الوسط والشمال”.

ما يجدر الإشارة له، إن العراق يعاني من شح وجفاف كبير بنهري دجلة والفرات، في وقت حذّر الرئيس العراقي برهم صالح بمؤتمر صحفي سابق، من أن العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10,8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035.
يجدر بالذكر، أن العجز المائي الذي تحدّث عنه صالح، هو بسبب تراجع مناسيب مياه دجلة والفرات والتبخر بمياه السدود وعدم تحديث طرق الري، وفق وزارة الموارد المائية العراقية.


تأثير الأزمة المائية


في حين أن الأمم المتحدة حذّرت في وقت سابق، من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.


وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي ديماس أن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات، بنسب وصلت إلى 73 بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة”.


ويشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات، اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد أليسو قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهر، وروافد تنبع من إيران مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.


ما يمكن الإشارة له أيضا، أن انخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، تتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.


كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه، وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.


كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.


ودفع قطع المياه عن العراق من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شحّ المياه في البلاد.


يذكر أن، الأزمة المائية تسببت بخروج ما يقارب 27 مليون دونم من الرقعة الزراعية، أي ما يعادل تقريبا 15 بالمئة من مساحة البلاد، في حين أن 55 بالمئة من مساحة العراق باتت مهددة بالتصحر، بحسب وزارة الزراعة العراقية.

اقرأ/ي أيضا: مبادرة عراقية لمنع تجريف الأراضي الزراعية وتعزيز الطاقة المتجددة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.