بغية حضور قمة ثلاثية مع نظيريه الروسي والإيراني، وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة الإيرانية، طهران، والتقى بالمرشد الإيراني، علي خامنئي، وكان الحديث عن سوريا على رأس قائمة المباحثات بين الجانبين.

ونشرت الصفحة الرسمية للخامنئي على منصة “تويتر” صورة من الاجتماع الذي جمع أردوغان والمرشد الإيراني وعلقت عليها بالقول: “التقى رئيس جمهورية تركيا، رجب طيب أردوغان، ظهر اليوم الثلاثاء 19/7/2022، الإمام الخامنئي، وأجرى حوارا مع سماحته”، وفقا للصفحة.

كما والتقى أردوغان نظيره الإيراني، إبراهيم رئيسي، الثلاثاء، بعد وصوله، واستغرق الاجتماع بين الرئيسين، والذي أُغلق أمام وسائل الإعلام، ساعة ونصف وجرى في قصر سعد أباد بحضور وفدين ممثلين للدولتين، وفق ما نقلته وكالة أنباء “الأناضول” التركية.

تحذير من عملية عسكرية بشمال سوريا

قناة “العالم” الإيرانية، أفادت اليوم الثلاثاء، أن آية الله خامنئي تحدث خلال اللقاء مع أردوغان عن ضرورة الحفاظ على “وحدة الأراضي السورية مشددا على أن أي هجوم على شمالي سوريا لن يخدم دول المنطقة”، وحذر خامنئي، أردوغان، من العملية العسكرية التركية المتوقعة في شمالي سوريا.

وقال خامنئي خلال استقباله أردوغان، إن عملية كهذه “ستعود بالضرر على سوريا، وستعود بالضرر على تركيا، وستعود بالضرر على المنطقة ككل”، وذلك وفق بيان نشر على موقعه الإلكتروني.

كما وحذر خامنئي، من أن الخطوة التركية المحتملة ستحول دون تحقيق “الدور السياسي المتوقع من الحكومة السورية أيضا”، ورأى خامنئي، أن على “إيران وتركيا وسوريا وروسيا حل هذه المشكلة من خلال الحوار”.

ويلوّح أردوغان منذ شهرين بشن عملية عسكرية ضد مناطق بشمال سوريا، أبرزها مدينتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب.

في حين قال أردوغان من جانبه، أنه سيناقش مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، آخر التطورات في المنطقة ولا سيما التطورات في سوريا.

ويأتي هذا اللقاء مع خامئني، بعد أن وصل أردوغان إلى العاصمة طهران للمشاركة في قمة مع نظيريه الإيراني إبراهيم رئيسي والروسي، فلاديمير بوتين، في إطار مسار “أستانا” للدول الثلاث الضامنة للمسار في سوريا.

ويلتقي رئيسي مع أردوغان وبوتين، في أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ 2019 ضمن إطار “عملية أستانا للسلام” الرامية لإنهاء النزاع السوري المندلع منذ 2011.

وكشف وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، أن عودة اللاجئين إلى مناطقهم في سوريا، وبحث سبل استتباب الأمن والسلام في هذا البلد، من الموضوعات الموجودة على أجندة القمة الثلاثية، وفق ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية.

قد يهمك: عملية عسكرية وشيكة بالشمال السوري.. ماذا وراء تهديدات أردوغان؟

سوريا على طاولة المساومات

الملف السوري، الذي سيتم مناقشته والمليء بالتطورات الميدانية والسياسية وقضايا إقليمية وعالمية أخرى، وفي مقدمتها الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها، فإن القمة التي تأتي في “توقيت استثنائي”، ينظر إليها بأهمية كبيرة.

اللقاء المزمع عقده اليوم الثلاثاء، هو أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019 ضمن إطار “عملية أستانا”، والتي بلغ عدد جولاتها خلال السنوات الماضية 18 جولة، حيث أكدت الرئاسة الروسية، لدى الإعلان عن القمة هذا الشهر أنها ستخصص لملف سوريا بشكل أساسي.

يرى الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، أن خطط تركيا لشن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، ستكون الملف الأبرز المطروح على طاولة القمة. “إلا أن موسكو وطهران تعارضان من حيث المبدأ، أي عملية تركية وتسعيان إلى منع أنقرة من زيادة حجم المناطق التي تسيطر عليها”.

ويشير علوش، في حديثه يوم أمس لـ”الحل نت”، إلى أنه على عكس الفترة الماضية التي استطاعت فيها أنقرة وموسكو إبرام تفاهمات عديدة في سوريا بمعزل عن إيران، فإن الوضع يختلف اليوم. إذن إن موسكو منشغلة في حرب أوكرانيا، وطهران ترى في ذلك فرصة لتعزيز حضورها في الشمال السوري. وهذا الأمر يفرض على أنقرة الأخذ بعين الاعتبار حسابات إيران فيما يتعلق بخطط العملية.

وعليه، يعتقد علوش، أن الحفاظ على الشراكة مع تركيا في سوريا يكتسب أهمية بالنسبة لطهران وموسكو. فمن جانب تسعى روسيا إلى ضمان عدم انخراط أنقرة إلى جانب الغرب في الصراع معها، ومن جانب آخر تريد طهران الحفاظ على إدارة التعاون التنافسي مع أنقرة في سوريا والعراق. هذا الأمر يساعد في فرص التوصل إلى تسوية مقبولة للأطراف الثلاثة.

المشتركات بين الأطراف الراعية لمسار “أستانا” فيما يخص الملف السوري، يصفها الصحفي السوري، عقيل حسين، بـ “الكثيرة”، وترددت وتكررت في معظم البيانات الختامية التي صدرت في اجتماعاتهم، مثل الحفاظ على وحدة سوريا، وسلامة أراضيها من أي دعوات انفصالية أو تقسيمية، التي تكاد تكون معدومة في نظر العديد من المطلعين على الشأن السوري.

وتعليقا على ما ستبحثه القمة الثلاثية في الملف السوري، قال حسين في حديثه السابق لـ”الحل نت”، إن من القواسم المشتركة بين هذه الدول، الاستقرار في كافة مناطق سوريا من أجل عودة الحركة التجارية، لأن هذه الدول الثلاثة، هي من تصدر للسوق السوري اليوم الغير قادر على الإنتاج بشكل شبه كامل تقريبا.

وبالتالي من مصلحة هذه الدول، أن تستقر الأمور أمنيا وعسكريا حتى تنطلق العجلة الاقتصادية كما يجب، ولكن قبل أن تستقر والوصول إلى هذه المرحلة، هناك مصالح لكل دولة تطلب من الدول الأخرى أن تراعيها، وهنا تبدأ التباينات فيما بينها والانقسامات، وفقا لحديث حسين.

على طرف آخر، وبرأي الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، ما يمكن أن تقدّمه طهران وموسكو لأردوغان بخصوص “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، هو إعادة تعويم اتفاق “سوتشي” 2019، بحيث تنسحب “قسد” من تل رفعت ومنبج من دون أن تدخلهما القوات التركية.

وبحسب علوش، فإن “العودة إلى تفاهم سوتشي لن تعالج الهواجس التركية في غرب الفرات، على اعتبار أن قبول تركيا بسيطرة حكومة دمشق على المنطقتين سيفتح الباب أمام نقاش بشأن مستقبل المناطق الخاضعة لسيطرتها، وعودة دمشق إليها، فإن أنقرة ليست حاليا بوارد الخوض في هذا النقاش”.

ونتيجة لتعقد المشهد، يعتقد حسين، أن كل طرف من الأطراف الثلاثة المجتمعة، سيعرقل ملفات الآخر، إلى حين الوصول إلى حسم الملفات لكل ما بينهم، مشيرا إلى أن اجتماع الرؤساء الثلاث يشير إلى عمق الخلاف بين الأطراف الثلاثة في الملف السوري، حيث جرت العادة أن الرؤساء الثلاثة في كل مرة يلتقون فيها، كانوا يتمكنون من حل بعض نقاط الخلاف، وتجاوز بعض المعوقات فيما يتعلق بالملف السوري.

هذا التطور، وإن كان يؤشر على توتر ما، في العلاقات الروسية التركية داخل الملف السوري، إلا أن ذلك قد لا يعني بأي حال من الأحوال القطيعة النهائية بين الطرفين، ولعل اجتماعات طهران اليوم ستحدد معالم التطورات التي ستحصل في الملف السوري خلال الفترة القريبة المقبلة.


قد يهمك: قمة طهران الثلاثية.. ماذا سيحصل في سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.