انتهت أعمال القمة الثلاثية في طهران، يوم أمس الثلاثاء، بين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، ببيان ختامي أُعلن فيه عن بنود يصح وصفها بالبنود الروتينية المعتادة التي كانت تصدر عن رؤساء هذه الدول ضمن مسار أستانا. غير أن التصريحات الخاصة التي صدرت قبل انتهاء القمة الثلاثية هي ما قد يمكن البناء عليه من نتائج متوقعة أفرزتها هذه القمة.

لا جديد يمكن التعليق عليه من حيث عدم تغير المواقف الروسية والإيرانية من العملية العسكرية التركية التي تهدد فيها أنقرة مناطق من الشمال السوري، فأكدت طهران أكدت موقفا رافضا للعملية التركية على لسان كل من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وإبراهيم رئيسي، وهو موقف نابع على ما يبدو من رغبة إيرانية في منع تمدد نفوذ أنقرة في الشمال السوري، فقال رئيسي إن الخطوات العسكرية لا تحل الأزمة السورية، بل تفاقمها. بينما قال خامنئي خلال لقاء ثنائي مع أردوغان، إن أي عمل عسكري في سوريا سيعود بالضرر على المنطقة بأكملها.

نتائج القمة على الصعيد السوري ومسار أستانا

البيان الختامي للقمة التي شارك فيها الرؤساء الثلاثة، أكد بأن اللقاء يأتي في إطار صيغة أستانا لتسوية النزاع في سوريا، وكشف أن الرؤساء الثلاثة ناقشوا “الوضع الراهن في سوريا”، واستعرضوا التطوّرات التي أعقبت القمة الافتراضية الأخيرة التي عقدت في 1 تموز/يوليو 2020، وأكدوا عزمهم على “تعزيز التنسيق الثلاثي” في ضوء ما توصلوا إليه من اتفاقات، وما أسفرت عنه اجتماعات وزراء خارجيتهم وممثليهم.

الخبير في الشأن الروسي، سامر إلياس، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن النتيجة الأولى والأهم لما خرجت به قمة طهران يوم أمس الثلاثاء، هي أن القادة الثلاثة توافقوا على استمرار إدارة الأزمة السورية ضمن توافقات الحد الأدنى، بحيث لا تنعكس خلافاتهم على إنهاء مسار أستانا، والذي يرى إلياس أنه لن ينتهي رغم الخلافات بين الأطراف الثلاثة.

وبحسب إلياس، فإن الجانب الروسي، يرى أن “مسار أستانا” هو البديل لمسار جنيف، ويريد التأكيد على أنه حقق ما عجز عنه الغرب في موضوع حل القضايا في سوريا عبر التنسيق مع القوى الإقليمية الأهم والمسيطرة في سوريا وهي تركيا وإيران.

وأوضح بأن تركيا أيضا مهتمة باستمرار مسار أستانا للتنسيق مع الروس، لأن معظم الإنجازات التي حققتها تركيا في سوريا تمت بتوافق مع روسيا وإيران، وأيضا لا تريد تركيا أن تسوء علاقاتها مع روسيا التي تجمعها بها علاقات استراتيجية وكذلك الروس بالمثل.

وأشار إلياس، إلى استمرارية “مسار أستانا”، وأن هناك توافقا لعقد الجولة 19 منه في نهاية العام الحالي، بالإضافة للاتفاق على عقد قمة للرؤساء الثلاثة في تركيا وهي القمة الثامنة للدول الثلاث.

إقرأ:موقف أميركي متجدد من العملية العسكرية التركية في شمال سوريا

هل انتهت العملية العسكرية التركية؟

في مقابل ذلك، يرى سامر إلياس، أنه على الرغم من تصريحات الجانبين الروسي والإيراني، برفض العملية العسكرية التركية، إلا أن هناك نَفَسا معينا يحمل إمكانية السماح بعملية محدودة شريطة مراعاة بعض المتطلبات الروسية والإيرانية.

وبحسب إلياس، هناك أسباب تدعو كلا من روسيا وإيران للسماح بالعملية، فروسيا تعرض لعقوبات غربية وهي بحاجة لخدمات تركيا في أكثر من ملف، ليس أقلها المفاوضات مع أوكرانيا، وموضوع الحبوب، وموضوع الطاقة وكيف يمكن أن تسوق قسما من الغاز والنفط عبر تركيا بعد توقف أوروبا عن شرائهما حتى نهاية العام والخطط للتخلي عن الغاز الروسي حتى 3 سنوات.

وأيضا إيران تحتاج إلى دعم تركيا في عدد من الملفات، في ظل الخلاف حول الملف النووي الإيراني، وهي تريد أيضا أن تقول أن لها حلفاء إقليميين في المنطقة.

لذلك ستطلق تركيا العملية العسكرية، لكن ضمن حدود، من بينها مراعاة مخاوف إيران حول مدينتي نبل والزهراء والوضع في حلب، وأيضا يجب أن تأخذ تركيا بعين الاعتبار المخاوف الروسية من أن تظهر روسيا كطرف ضعيف في المعادلة السورية.

ومن جانب آخر، فالعملية العسكرية التركية هي بمثابة موضوع “موت أو حياة” بالنسبة لأردوغان، نظرا لرغبته في سحب ورقة اللاجئين السوريين، والتخلص من تهديدات الأحزاب القومية التركية، ويمكن أن يكون هناك بديل عن العملية وهو منح تركيا مكاسب أكبر في مناطق أخرى، بحسب إلياس.

قد يهمك:حدود العملية العسكرية التركية في سوريا

وختم إلياس، أنه بالنسبة للسوريين ورغم الحديث عن السيادة وغير ذلك، فإن مصيرهم مازال مطروحا ويتم تحديده من قبل القوى الخارجية الفاعلة على الأرض السورية، ومن بينها دول أستانا الثلاث، والولايات المتحدة التي تسيطر على نحو ربع مساحة سوريا، كما أن الدول الثلاث من الممكن أن تتوافق على إعادة الإعمار في بعض المناطق السورية، وإعادة اللاجئين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.