منذ عام 2011، أفاد محللون مستقلون كيف قامت دمشق بالاستفادة من تحويل كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى مؤسساتها، حيث يبدو أن الأمم المتحدة قد استسلمت للوضع الراهن، حتى أن الدول المانحة تتردد في إثارة الموضوع.

نفقات الأمم المتحدة بدمشق

في أحدث بيانات صادرة عن الأمم المتحدة عن المشتريات التي تجريها في سوريا، تظهر أن وكالاتها أنفقت 11.5 مليون دولار إضافية العام الماضي في فندق “فورسيزونز” بدمشق، بإجمالي 81.6 مليون دولار منذ 2014، مما يشير إلى ضرورة إصلاح شامل لعمليات مشتريات الأمم المتحدة في سوريا، وفقا لمؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات”.

وبحسب تقرير المؤسسة غير الربحية، والتي تتخذ من العاصمة الأميركية مقرا لها، والذي نشر الاثنين الفائت، فإن وكالات الأمم المتحدة اشترت ما قيمته 199.8 مليون دولار من السلع والخدمات في سوريا في عام 2021 ، بانخفاض يقارب 20 بالمئة مقارنة بالمشتريات التي بلغت 244.5 مليون دولار في العام السابق.

وتتضمن مجموعة بيانات الأمم المتحدة معلومات حول 319 طلب شراء وعقدا رئيسيا من عام 2021، والتي تمثل 173 مليون دولار من المشتريات، أو 86 بالمئة من إجمالي المبلغ المرصود للشراء.

ووفقا للتقرير الذي اطلع عليه “الحل نت”، فإنه في عام 2016، عندما أظهرت لأول مرة حجم فواتير الأمم المتحدة في فندق “فورسيزونز”، برر متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الإنفاق حينها على أساس أن هناك عدد قليل من الأماكن الآمنة لموظفي الأمم المتحدة للإقامة في دمشق. لكن حتى بعد أن سيطرت الحكومة السورية على العاصمة دمشق وريفها، لم تنقل الأمم المتحدة موظفيها.

ويُعد سامر فوز، المقرب من الرئيس السوري، بشار الأسد، صاحب الحصة الأكبر في فندق “فورسيزونز” دمشق، حيث تمتلك وزارة السياحة السورية حصة منه، وعلى الرغم من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على فوز في أوائل عام 2019؛ في وقت لاحق من ذلك العام، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على فوز والفندق نفسه، إلا أن وكالات الأمم المتحدة استمرت في التعاقد معه.

غموض حول حجب الأسماء

بيانات المشتريات الجديدة تؤكد أيضا، إلى أي مدى تشتري الأمم المتحدة السلع والخدمات مباشرة من الحكومة السورية، ومن مورّدين آخرين لهم صلات بها. على سبيل المثال، تلقت المؤسسة العامة لإكثار البذور، 1.5 مليون دولار في العام الماضي و17.6 مليون دولار منذ عام 2015، والتي ربط التقرير صلتها بدعم أشخاص متنفذين مرتبطين بالأسد.

كما تستأجر الأمم المتحدة، شركات أمنية لها علاقات بمقربين من الأسد، مثل شركة “برو غارد”، التي يخضع مؤسسها المشارك هاشم أنور العقاد لعقوبات الاتحاد الأوروبي، إذ حصلت الشركة على 600 ألف دولار من وكالات الأمم المتحدة العام الماضي و4.1 مليون دولار منذ عام 2015 لقاء تقديمها خدمات أمنية.

وفي الوقت نفسه، كان لدى “الشروق” للخدمات الأمنية عقود بقيمة 1.5 مليون دولار العام الماضي و6.3 مليون دولار منذ عام 2015. وهذه الشركة تضم ضباط سابقين في الجيش السوري، داخل مجلس إدارتها مرتبطين بماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري.

ووفقا لمؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات”، فقد حجبت وكالات الأمم المتحدة أسماء المورّدين المرتبطين بـ 55 طلبا أو عقدا، تبلغ قيمتها الإجمالية 33.6 مليون دولار، حوالي سدس جميع مشتريات الأمم المتحدة في سوريا العام الماضي، إذ عللت الأخيرة، أن الغرض من حجب هذه الأسماء، هو حماية خصوصية المورّدين أو أمنهم.

قناة سريّة لتوريد الدولار

عبر مساعدات الأمم المتحدة، كشفت دراسة أجراها باحثون، في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أن الحكومة السورية، تسحب ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية من خلال إجبار وكالات الأمم المتحدة على استخدام سعر صرف أقل في البنك المركزي السوري.

وقالت الدراسة حينها، إن البنك المركزي السوري، الخاضع للعقوبات الغربية، حقق ما يقارب 60 مليون دولار أمريكي (44 مليون جنيه إسترليني) في عام 2020، من خلال جمع 0.51 دولار من كل دولار مقدم إلى مساعدات الأمم المتحدة المرسلة إلى سوريا.

الباحث في معهد الشرق الأوسط للدراسات، ومدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات المشارك في الدراسة، الدكتور “كرم الشعار”، أوضح لـ”الحل نت” في وقت سابق، أن المنظمات الدولية، تعي درجة المخاطرة في التعامل بالسوق السوداء، وخصوصا أنها بنهاية المطاف، هي سوق غير قانونية، وأن عشرات ملايين الدولارات إن لم يكن مئات الملايين استفادت منها الحكومة السورية، والمشكلة الأساسية في سوريا هي في المساءلة والشفافية.

ومنذ أن أجبرت دمشق الأمم المتحدة على استخدام السعر الرسمي للتصريف، فقدت نصف أموال المساعدات الخارجية، التي تم تحويلها إلى الليرة السورية في عام 2020 قيمتها، بعد استبدالها بالسعر الرسمي الأدنى.

وكان تحقيق لصحيفة “الجارديان” البريطانية، صادر في آب 2016، بين أن الأمم المتحدة منحت عقودا بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لأشخاص مرتبطين ارتباطا وثيقا بالرئيس السوري، “بشار الأسد”، كجزء من برنامج مساعدات الأمم المتحدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.