قناة سريّة لتوريد الدولار إلى البنك المركزي السوري عبر مساعدات الأمم المتحدة

قناة سريّة لتوريد الدولار إلى البنك المركزي السوري عبر مساعدات الأمم المتحدة

عبر مساعدات الأمم المتحدة، كشفت دراسة أجراها باحثون، أن الحكومة السورية، تسحب ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية من خلال إجبار وكالات الأمم المتحدة على استخدام سعر صرف أقل في البنك المركزي السوري.

وقالت الدراسة التي صدرت الأربعاء الفائت، إن البنك المركزي السوري، الخاضع للعقوبات الغربية، حقق ما يقارب 60 مليون دولار أمريكي (44 مليون جنيه إسترليني) في عام 2020، من خلال جمع 0.51 دولار من كل دولار مقدم إلى مساعدات الأمم المتحدة المرسلة إلى سوريا.

الباحث في معهد الشرق الأوسط للدراسات، ومدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات المشارك في الدراسة، الدكتور “كرم الشعار”، أوضح لـ(الحل نت)، أنّ المنظمات الدولية، تعي درجة المخاطرة في التعامل بالسوق السوداء، وخصوصا أنها بنهاية المطاف هي سوق غير قانونية.

وأشار “الشعار”، إلى أنّ سعر صرف الحكومة السورية المطبق على المنظمات الأممية يجب أن يرتفع، وليس على المنظمات الأممية أو المنظمات التي ترسل المساعدات أن تتعامل مع السوق السوداء مباشرة.

وحول كيف وظفت الحكومة السورية هذا الأمر لمصلحتها، أجاب “الشعار” أنّ عشرات ملايين الدولارات إن لم يكن مئات الملايين استفادت منها الحكومة السورية، والمشكلة الأساسية في سوريا هي في مساءلة ولا شفافية.

وبيّن الباحث السوري، أنّ المبالغ التي تذهب إلى البنك المركزي السوري، لا توجد طريقة لمعرفتها، وكيف يتم الإنفاق، لأن البنك المركزي لا ينشر أية إحصاءات متعلقة بتعاملاته بالقطع الأجنبي. 

وهذا جزئيًا مرتبط بكونه والمعاقب من الدول الغربية، ولكن يعني في واقع الأمر هو أيضا مرتبط بانعدام الشفافية وعدم وجود فصل للسلطات والمساءلة، والذي يمكن تعميمه على كثير من المؤسسات السورية الأخرى.

اقرأ أيضا: روسيا تهدد بعدم تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانيّة إلى سوريا عبر «باب الهوى»

أموال مساعدات الأمم المتحدة أيضًا أرباح للأسد

حلل الباحثون القائمون على الدراسة والتي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، ومركز السياسيات وبحوث العمليات، مئات عقود الأمم المتحدة لشراء السلع والخدمات للأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية.

 حيث يعيش أكثر من 90% من السكان في فقر منذ انهيار الليرة السورية العام الماضي.

وسعر الصرف الرسمي للبنك المركزي الآن 2500 ليرة سورية للدولار الأميركي، بينما سعر السوق السوداء 3500 ليرة سورية.

ويفضل التجار والمستهلكون الشرعيون استخدام سعر السوق السوداء، حيث يتلقون المزيد من الليرات السورية مقابل العملة الأجنبية.

ومنذ أن أجبرت الحكومة السورية الأمم المتحدة على استخدام السعر الرسمي للتصريف، فقدت نصف أموال المساعدات الخارجية التي تم تحويلها إلى الليرة السورية في عام 2020 قيمتها، بعد استبدالها بالسعر الرسمي الأدنى.

وهنا يشير الدكتور “كرم الشعار”، خلال حديثه لـ(الحل نت)، إلى أنّه قد يكون وظفت الحكومة السورية هذه الأموال لأغراض حسنة، ولكن «نحن لا نعرف ما هي الأغراض الأخرى، نحن ليس لدينا فكرة أبدًا». 

ولكن مع ذلك، يؤكد الباحث السوري، أنّ الحكومة السورية غيّرت الغرض الأساسي من مساعدات الأمم المتحدة لمصلحتها، كون أنّ هذه المساعدات هي إنسانية ومن المفترض أنّ تذهب للعشب بشكل مباشر، لا لدعم الليرة والاقتصاد السوري.

انخراط علني لدعم “الأسد”

وخلص الباحث السوري المشارك في الدراسة، إلى أنّ «هذا الأمر يعني بكل تأكيد له آثار سلبية على الدول التي تتبرع، لأنهم عمليًا يعني يقفون في وجه “بشار الأسد” دبلوماسيًا؛ ولكن بذات الوقت يدعمونه ماليًا، حالة فريدة من نوعها».

ويتعارض هدف العقوبات الدولية على الحكومة السورية، مع تقديم المساعدات عبرها، فالهدف من العقوبات عموماً حرمان الحكومة من الموارد اللازمة لارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين، وكان الهدف من مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية الوصول إلى المحتاجين.

وكان التمويل موجهًا من خلال وكالات الأمم المتحدة المختلفة (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “OCHA”، برنامَج الغذاء العالمي، برنامَج الأمم المتحدة الإنمائي، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، منظمة الأغذية والزراعة ويونيسيف).

حيث وجد الباحثون عند فحص 779 عملية شراء متاحة للجمهور لعامي 2019 و2020، مدرجة في قاعدة بيانات السوق العالمية للأمم المتحدة، أن ما يصل إلى 100 مليون دولار أمريكي، قد ضاع في سعر الصرف.

قد يهمك: مصارف لبنانية تستولي على ثلث أموال المساعدات الأممية للاجئين

الأمم المتحدة اتفقت مع سوريا على السعر!

وأوضحت المتحدثة باسم وكالات الأمم المتحدة، “دانييل مويلان”، أن الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني تفاوضوا على سعر صرف “تفضيلي” للعمليات الإنسانية، وما زالوا يواصلون التنسيق مع مصرف سوريا المركزي بشأن مسألة الأسعار.

ففي العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن 700 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية من الأمم المتحدة لسوريا، كما قدمت بريطانيا 1.59 مليار جنيه إسترليني كمساعدات من الأمم المتحدة لسوريا بين شباط عام 2012 وحزيران عام 2021.

وقال تقرير صادر عن “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” (FDD)، إن وكالات الأمم المتحدة أنفقت 14.9 مليون دولار في العام الماضي بشأن الإسكان والخدمات الأخرى في فندق “فورسيزونز” في دمشق.

وبلغ مجموع الإنفاق في الفندق 70 مليون و100 ألف دولار منذ عام 2014، حَسَبَ التقرير الإحصائي السنوي لمشتريات الأمم المتحدة.

وشارك التقرير الإحصائيات السنوية لعام 2020 حول مشتريات الأمم المتحدة، التي تبين أن الوكالات الأممية اشترت ما قيمته 244.5 مليون دولار من السلع والخدمات في سوريا العام الماضي.

وكان تحقيق لصحيفة “الجارديان” البريطانية، صادر في آب 2016، بيّن أن الأمم المتحدة منحت عقودًا بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لأشخاص مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالرئيس السوري، “بشار الأسد”، كجزء من برنامَج مساعدات الأمم المتحدة.

للمزيد يرجى الاطلاع: دمشق تختار مناطق “تحرير الشام” لإيصال المساعدات إلى أهالي إدلب
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.