ضمن مساعي تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة حول تشكيل الحكومة، التقت ممثلة البعثة الأممية لدى العراق جنين بلاسخارت، اليومالجمعة، زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، الذي يعتصم أنصاره منذ أسبوع داخل البرلمان العراقي.

وأظهر فيديو مصور لحظات استقبال الصدر لبلاسخارات في مقر إقامته بمحافظة النجف، وفي أعقاب اللقاء قالت في مؤتمر صحفي تابعه موقع “الحلنت”، إن “لقاءها بزعيم التيار الصدري كان جيدا”.

وأضافت إنه “بالتأكيد شرف لي أن أجري هذا اللقاء مع السيد الصدر، حيث ناقشنا أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد”، في حين رفضتالإجابة عن ما إذا كانت تحمل مبادرة من القوى السياسية الأخرى، لزعيم التيار. 

بلاسخارات قالت أَيضا، إن “أحيانا من الأفضل أن لا نقول الكثير، لكنه كان حديثا جيدا”، مشيرة إلى أنه “بالتأكيد الصدر سيقول ما بجعبته لاحقا”.  

زيارة بلاسخارات إلى الصدر، جاءت بينما كان عشرات الآلاف من أنصار التيار الصدري يؤدون صلاة الجمعة “الموحدة” التي دعا إليها الزعيمالشيعي مقتدى الصدر في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد و4 محافظات أخرى. 

اقرأ/ي أيضا: العراق.. “الإطار” يُبدّد حلم الكاظمي بولاية ثانية

صلاة فريدة من نوعها

مهند الموسوي خطيب “الجمعة الموحدة” التي أقيمت في ساحة الاحتفالات – شديدة التحصين – والتي يمنع دخولها من قبل المواطنين منذ 2003، قالإن ما وصل إليه العراق اليوم جاء نتيجة ما وصفه بالفساد.

واتهم الموسوي ما سماها الأحزاب المتسلطة التابعة للخارج بالتسبب في الأزمة الحالية للعراق، حسب تعبيره.

وكان زعيم التيار الصدري قد دعا أنصاره في محافظات النجف وكربلاء وبابل وواسط، إضافة إلى بغداد، للمشاركة في أداء “الصلاة الموحدة” كماطالبهم بالتقيد بتعليمات الأجهزة الأمنية.

وتعد هذه الصلاة الثانية من نوعها التي يدعو إليها الصدر منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، حيث أقيمت الأولى في شارع الفلاح وسط مدينة الصدرالشيعية بمشاركة شعبية غفيرة.

واتخذت السلطات وميليشيا “سرايا السلام” التابعة للصدر إجراءات أمنية مشددة، وقامت بأوسع حملة لتنظيف الساحة وتهيئتها لإقامة “الصلاةالموحدة”.

كما اتخذت إجراءات أمنية مشددة في جميع الشوارع والساحات المؤدية إلى المنطقة الخضراء الحكومية، وتم إغلاق عدد من الجسور أمام حركةالسيارات لتسهيل وصول المصلين.

اقرأ/ي أيضا: حكومة انتقالية في العراق؟

استمرار الاعتصامات

يأتي ذلك، أثناء مواصلة أنصار الصدر اعتصامهم لليوم السابع داخل مبنى البرلمان للمطالبة بحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، والقصاص منالفاسدين، ورفض ترشيح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة الجديدة.

وأول أمس كان الصدر قد دعا في خطاب متلفز إلى حل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبرا أنه “لا فائدة ترتجى من الحوار” مع تحالف”الإطار التنسيقي” في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.

وفي خطابه، دعا زعيم التيار الصدري أنصاره إلى الاستمرار باعتصامهم حتى تنفيذ المطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وتحقيق عمليةديمقراطية ثورية سلمية.

كل هذه التطورات تأتي بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري” في 30 تموز/ يوليو الماضي، المنطقة الخضراء وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلهاوأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”،مقتدى الصدر وقتئذ.

تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوريالمالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

سبب اعتراض الصدر

اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفيةوتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب ما يدعيه.

ويمر العراق في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارةالقوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.

وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها“المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.

الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمانعن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة. وهو ما نجح “الإطار” بتحقيقه.

وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومةتوافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.

بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحتزمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسيةالحالية.

اقرأ/ي أيضا: إدخال “الحشد الشعبي” على خط الأزمة السياسية العراقية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.