في أعقاب الوضع المتأزم في ليبيا، وفي ظل الأجواء الأمنية المتوترة، عرض مقلق للغاية للقوة وأعمال عنف متفرقة من قبل الميليشيات المنخرطة في مناورات سياسية، اندلعت اشتباكات عنيفة، فجر اليوم السبت، بين الجماعات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس.

استخدام الأسلحة الثقيلة

في خضم انشغال الأوساط السياسية في ليبيا بالحديث حول تأثير الاشتباكات الأخيرة على شعبية رئيس حكومة “الوحدة” المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، مقارنة بحظوظ منافسه فتحي باشاغا، وإمكانية حسم الصراع على السلطة، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة تابعة للطرفين.

وذكرت وسائل إعلام محلية، أن المعارك التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وخفيفة اندلعت في الجبس في جنوب المدينة، على خلفية الفوضى السياسية ووجود حكومتين تتنافسان على السلطة.

من جهته أفاد صحفي بوكالة “فرانس برس”، أنه سمع رشقات نارية ودوي انفجارات في العاصمة طرابلس، واندلعت الاشتباكات بين مجموعات مسلحة موالية لعبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة التي تتخذ طرابلس مقرا، ومجموعات أخرى قريبة من رئيس الحكومة المنافسة فتحي باشاغا، الذي استقر مؤقتا في سرت، على ما أفادت صحف محلية.

وانتهت المواجهات بعد وساطة من اللواء “444”، بحسب وسائل إعلام ليبية، ولم ترد على الفور تقارير عن سقوط ضحايا، ونُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة يُسمع فيها دوي طلقات، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

بينما أشارت مصادر محلية مطلعة، إلى وجود حالة من التحشيد العسكري بين التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية، لافتة لوجود حالة من الاستنفار في صفوف عدد كبير من المجموعات المسلحة المنتشرة في المنطقة الغربية.

قد يهمك: اجتماع مفاجئ.. قادة من غرب ليبيا وشرقها يبحثون توحيد الجيش

تحذيرات سابقة من تفاقم الوضع

مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا، مارثا بوبي، قالت في وقت سابق أمام مجلس الأمن، إن:”الوضع العام في ليبيا لا يزال شديد التقلب، في ظل بيئة أمنية متوترة، واستعراض مقلق للغاية للقوة، وأعمال عنف متقطعة من الميليشيات المنخرطة في مناورات سياسية“.

وأشارت بوبي، مؤخرا إلى الخلاف حول قيادة المؤسسة الوطنية للنفط ومخاوف خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان، بينها تقارير حول اعتقال الجماعات المسلحة عشرات من المشاركين في مظاهرات 1 تموز/يوليو، المنددة بتدهور الأوضاع المعيشية، والمطالبة بإحراز تقدم بشأن إجراء الانتخابات.

ودعت الأمم المتحدة، إلى تسريع إجراء الانتخابات في ليبيا، حيث أشارت بوبي، أن الاجتماع الذي عقد في جنيف الشهر الماضي بين عقيلة صالح، رئيس البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا له، وخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، تغلب عليه “نقاط خلافية مهمة” في اقتراح عام 2017 بشأن وضع دستور جديد. لكن الخلاف يتمحور حول قضية رئيسية واحدة، ألا وهي شروط الترشح لرئاسة الدولة.

ويصر المجلس، الذي يتخذ من طرابلس مقرا له على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح للرئاسة. ويبدو أن هذا موجه إلى حفتر، القائد المثير للانقسام، والذي يحمل الجنسية الأميركية والذي أعلن ترشحه في انتخابات ديسمبر/ كانون الثاني الماضي، والتي تم إلغاؤها.

وقالت بوبي، إن المستشارة الخاصة للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، لا تزال تتواصل مع الجانبين “وتحثهما على سد هذه الفجوة“.

ولفتت بوبي، إلى أن ويليامز، أكدت خلال اجتماع 21 تموز/ يوليو للشركاء الدوليين في اسطنبول، أن الانتخابات هي “الحل الدائم والوحيد الذي يضع ليبيا على طريق السلام والاستقرار“.

وكانت وزارة الصحة بحكومة “الوحدة” قد أعلنت سقوط 16 قتيلا و52 جريحا جراء الاشتباكات قبل أسابيع، هي الأثقل منذ 2020، بين “جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة” بقيادة عبد الرؤوف كاره، وكتيبة “ثوار طرابلس” بقيادة أيوب أبو رأس.

وأرجع الزرقاء، استمرار رفض بعض قيادات الميليشيات دخول باشاغا إلى العاصمة: “لاعتماد عدد منها على حكومة الدبيبة، في تمويله”، أو “لرفضهم التحالف القائم بينه وبين قائد (الجيش الوطني) المشير خليفة حفتر”؛ لكنه نوه إلى حصول باشاغا، في المقابل على “دعم وتأييد شعبي في مدن بالمنطقة الغربية، من الزاوية ومصراته، مما قد يدعم من فرصه في دخول طرابلس”.

ويسود ليبيا انقسام كبير مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس جاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الرافض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا، عينها برلمان طبرق في شباط/فبراير الماضي ومنحها الثقة في آذار/مارس، الفائت وتتخذ من سرت، في وسط البلاد مقرا مؤقتا لها بعد منعها من الدخول إلى طرابلس.

وكلفت حكومة الدبيبة، بمهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في كانون الأول/ديسمبر الماضي. غير أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لا سيما على القانون الانتخابي، أدت إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى، علما بأن المجتمع الدولي كان يعلق عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلاد.

إن اندلاع الاشتباكات بين الحين والآخر بين الجماعات المسلحة في ليبيا، هو مؤشر واضح على أن الوضع يتجه نحو الأسوأ إذا لم يتم احتوائه، ليس أمنيا فقط بل إيجاد حل جذري للأزمة السياسية التي تعيق إيجاد حل سياسي توافقي للبلاد.

قد يهمك: تحذيرات من تفاقم الوضع في ليبيا.. الأمم المتحدة تقترح حلّا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.