في ظل الأزمة السياسية التي تعاني منها ليبيا، حذرت الأمم المتحدة من مغبة المأزق الدستوري والسياسي في البلاد، وذلك تزامنا مع تصاعد الاشتباكات بين الجماعات المسلحة، وارتفاع وتيرة التظاهرات احتجاجا على الوضع الاقتصادي في جميع أنحاء البلاد.

الوضع شديد التقلب

مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للأمم لشؤون إفريقيا، مارثا بوبي، قالت الإثنين أمام مجلس الأمن، إن:” الوضع العام في ليبيا لا يزال شديد التقلب، في ظل بيئة أمنية متوترة، واستعراض مقلق للغاية للقوة وأعمال عنف متقطعة من الميليشيات المنخرطة في مناورات سياسية“.

وأشارت بوبي، إلى الخلاف حول قيادة المؤسسة الوطنية للنفط ومخاوف خطيرة تتعلق بحقوق الإنسان، بينها تقارير حول اعتقال الجماعات المسلحة عشرات من المشاركين في مظاهرات 1 تموز/يوليو، المنددة بتدهور الأوضاع المعيشية، والمطالبة بإحراز تقدم بشأن إجراء الانتخابات.

ودعت الأمم المتحدة، إلى تسريع إجراء الانتخابات في ليبيا، حيث أشارت بوبي، أن الاجتماع الذي عقد في جنيف الشهر الماضي بين عقيلة صالح، رئيس البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا له، وخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، تغلب عليه “نقاط خلافية مهمة” في اقتراح عام 2017 بشأن وضع دستور جديد. لكن الخلاف يتمحور حول قضية رئيسية واحدة، ألا وهي شروط الترشح لرئاسة الدولة.

ويصر المجلس، الذي يتخذ من طرابلس مقرا له على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح للرئاسة. ويبدو أن هذا موجه إلى حفتر، القائد المثير للانقسام، والذي يحمل الجنسية الأمريكية والذي أعلن ترشحه في انتخابات ديسمبر/ كانون الثاني الماضي التي تم إلغاؤها.

قد يهمك: اجتماع مفاجئ.. قادة من غرب ليبيا وشرقها يبحثون توحيد الجيش

وقالت بوبي، إن المستشارة الخاصة للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني ويليامز، لا تزال تتواصل مع الجانبين “وتحثهما على سد هذه الفجوة“.

ولفتت بوبي، إلى أن ويليامز أكدت خلال اجتماع 21 تموز/ يوليو للشركاء الدوليين في اسطنبول، أن الانتخابات هي “الحل الدائم والوحيد الذي يضع ليبيا على طريق السلام والاستقرار“.

خلال الفترة الماضية شهدت البلاد مظاهرات، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، بما في ذلك استمرار انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار، غداة فشل محادثات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة حول ليبيا، تعهد ناشطون ليبيون، بمواصلة الاحتجاج حتى تنحي جميع النُّخب الحاكمة عن السلطة.

يجب الاستماع إلى “المطالب”

الآلاف من الشباب بالعاصمة الليبية طرابلس، وعدة مدن ليبية أخرى، خرجوا في مظاهرة مطلع الشهر الجاري، في جمعة أطلق عليها “جمعة الغضب“، فيما أقدم متظاهرون في مدينة طبرق على الهجوم على مقر مجلس النواب، وتكسير واجهاته.

تيارات شبابية التأمت تحت تيار موحد سمته تيار “بالتريس الشبابي“، كانت قد دعت إلى خروج أهالي البلاد في مظاهرات شاملة، للاحتجاج على سوء الأوضاع المعيشية، وللمطالبة بضرورة تعجيل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

حكومتان!

حاليا، توجد في ليبيا حكومتان متنافستان، ففي شباط/فبراير الماضي عيّن البرلمان، الذي يتخذ من شرقي ليبيا مقرا له، فتحي باشاغا رئيسا للوزراء في تحد لعبد الحميد الدبيبة، الذي يتخذ من طرابلس مقرا له.

وكان الدبيبة الذي عُين رئيسا لحكومة وحدة وطنية في آذار/مارس 2020، كجزء من جهود إحلال السلام التي ترعاها “الأمم المتحدة“، قد رفض التنحي عن منصبه قبل إجراء انتخابات جديدة، بحسب تقارير صحفية.

وتضمنت مهام حكومة الدبيبة، قيادة ليبيا إلى انتخابات يوم 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي، لكن الانتخابات أُلغيت وسط انقسامات حادة بشأن أسسها القانونية، وترشح عدة شخصيات مثيرة للجدل.

ومنتصف شهر نيسان/أبريل الفائت، شهدت العاصمة الليبية طرابلس، حشدا عسكريا ضخما للميليشيات من مختلف المناطق بالآليات والأسلحة الثقيلة، عقب محاولة رئيس الوزراء الجديد المعيّن من قبل البرلمان، فتحي باشاغا، دخول العاصمة لممارسة سلطاته وواجباته.

وبحسب وسائل الإعلام، وقتذاك، شوهدت أعداد كبيرة من الآليات العسكرية، قادمة من مصراتة والزنتان والزاوية تحمل أسلحة ومقاتلات متوسطة وثقيلة متجهة نحو طرابلس.

ووصلت تلك المجموعات المسلحة إلى العاصمة طرابلس، التي أفيد بأنها تابعة لحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مرددة شعارات “يوم الحسم اقترب“.

وأدى ذلك إلى فوضى أمنية في الشوارع، خاصة مع إعلان عدة كتائب محسوبة على رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الحميد الدبيبة، حالة النفير العام.

أتت تلك التحركات الميدانية، حينذاك، بعد أقل من 24 ساعة من اجتماع رئيس الحكومة الليبية الجديد، فتحي باشاغا مع القادة العسكريين من مدينة مصراتة، ووزراء مستقيلين بحكومة الدبيبة وعدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة بالعاصمة التونسية تونس.

هذا، وتعرّض قطاع الكهرباء في ليبيا للتقويض بسبب سنوات من الحرب والفوضى السياسية، ووقف الاستثمار، ومنع أعمال الصيانة، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية في بعض الأحيان.

وكانت حكومة الدبيبة، قد تعهدت بحل المشاكل، لكن أيّا من عقود العمل التي أبرمتها في العديد من محطات الطاقة، لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وحالت الخلافات السياسية دون مزيد من الأعمال، بحسب تقارير صحفية.

اقرأ أيضا: مشروع عربي غير عسكري لمواجهة إيران.. ما تفاصيله؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.