صُنّف العراق بوصفه خامس دولة في العالم من ناحية التضرر من شح المياه، بحسب قمة غلاسكو للمناخ عام ٢٠٢١، إذ تفاقمت أزمة الجفاف في العراق نتيجة التغيير المناخي، وبناء السدود على الأنهار من قبل دول الجوار (تركيا وإيران)، وعدم حصول البلد على حصصه المائية.

وتسبب شح المياه بارتفاع منسوب الأملاح في محافظة البصرة، بعد أن وصل منسوب المياه في أنهارها إلى متر ونصف فقط. خبراء المياه حذروا من أزمة الجفاف في العراق، وتحدثوا عن جفاف تام سيضرب البلاد في عام 2025، إن لم تجد الحكومة حلولا سريعة.

وزير عراقي سابق: “الحكومة لا تهتم بحل مشكلة الجفاف في العراق”

مشكلة الجفاف في العراق، وتحديدا المناطق الجنوبية، لها أسباب داخلية وإقليمية، بحسب وزير الموارد المائية العراقي السابق محسن الشمري، الذي يقول لـ “الحل نت “: “دول الجوار، تركيا وإيران، مستفيدة من هذه الأزمة، لأنها تجعلها تمتلك قدرا أكبر من الحصص المائية. مع تهاون واضح من طرف الحكومة العراقية بالمطالبة بحقوق البلد”.

ويضيف الشمري: “بين عامي 2014 و2016 كانت وزارة الموارد المائية تحت مسؤوليتي، فتحدثت مع تركيا بشكل مباشر، عندما وضعت المصدات على مجاري الأنهار الواصلة إلى العراق، ما أدى لانقطاع المياه عن البلاد لمدة سبعة أشهر، إلا أن الأطراف السياسية في الحكومة لم تقدم لي أي دعم”.

هل سيجفّ “شط العرب”

ومن المشاكل التي أدى إليها الجفاف في العراق، وخاصة البصرة ومحافظات الجنوب، تفاقم الملوحة، بسبب انخفاض منسوب المياه في شط العرب، الأمر الذي أثر بشكل مباشر على السكان.

زهير الموسوي، مدير مديرية ماء البصرة، يوضح في حديثه لموقع “الحل نت ” أن “منسوب المياه في المحافظة يتراوح عادة بين مترين إلى مترين ونصف، ولكن القياسات في الوقت الحالي تبيّن أنه لا يتعدى مئة وخمسة وستين سنتيمترا”.  

الموسوي يضيف: “قلة منسوب المياه يؤدي إلى تقليل تشغيل المضخات، لأن الكمية التي تُسحب منها أكثر من الكمية التي تصل من الموارد المائية، وبالتالي هذا الأمر فاقم من الملوحة في شط العرب”.

ويكشف الموسوي أن “كمية المياه التي تصل إلينا من الموارد المائية هي ستة أمتار مكعبة في الثانية، وقد تصل في الليل إلى أربعة أمتار مكعبة، ونحن نحتاج على الأقل إلى سبعة أمتار مكعبة في الثانية لمعالجة مشكلة الملوحة. وكل هذا سيؤدي لمزيد من الجفاف في العراق عموما”.

الضغط الاقتصادي لحل مشكلة الجفاف في العراق

حاكم الزاملي، النائب السابق والقيادي في التيار الصدري، يتحدث لـ”الحل نت”، عن إيرادات العراق من المياه، ويبيّن أن “تركيا خفضت نسبة المياه بحدود سبعين بالمئة، بينما لم تعد هنالك أية واردات مائية تأتي من إيران. وهذا يعني أن الجفاف في العراق سيصبح كارثيا”.

ويستدرك الزاملي بالقول: “الحل المناسب، لزيادة الواردات المائية من دول الجوار، يكون عن طريق الضغط الاقتصادي والتجاري، فالميزان التجاري للعراق مع إيران يعادل خمسة عشر مليار دولار، أما مع تركيا فيبلغ عشرين مليار دولار “.

ويُعرّف الميزان التجاري في العراق على أنه الحساب الذي يظهر صادرات وواردات الدولة، ومقدار الفائض أو العجز في الميزان التجاري. ويتمتع العراق بعلاقات تجارية واسعة مع تركيا وإيران، يطالب كثيرون باستغلالها لدفع البلدين للإفراج عن حصة البلاد المائية، ما يخفف من أزمة الجفاف في العراق.

جفاف تام يهدد العراق في عام 2025

من جهته يحذّر الخبير الاقتصادي ناصر الكناني من جفاف المياه تماما في العراق في عام 2025.

 ويقول الكناني، في حديثه لـ “الحل نت”، إن” التحذيرات من الجفاف في العراق مستمرة منذ سنوات طويلة، ولكن بصراحة الحكومة لم تقدّم أي حلول حتى الآن، والوضع بقي على ما هو عليه “.

ويضيف:” ناشدنا وزير الخارجية والموارد المائية، وحتى رئيس الوزراء، ولكن أحدا لم يسمع صوتنا”. موضحا: “واردات المياه من إيران أصبحت اليوم صفرا، إذ قامت بقطع واحد وأربعين معبرا مائيا للعراق، والحكومة العراقية غير قادرة على الضغط على طهران لحل هذه الأزمة”.

الخبير المائي عادل المختار يتفق مع الكناني حول خطورة أزمة الجفاف في العراق، مؤكدا لـ”الحل نت”: “منذ عام 2017 طالبنا بإعادة النظر بالسياسية الزراعية، لمواجهة هذه المشكلة. وقد وصلنا الآن إلى مفترق طرق، لأن جميع  تحذيرات الخبراء واللجان كانت واضحة بشأن شح المياه، ولكن دون جدوى، فالحكومة لم تضع أي خطط متطورة لاستغلال مياه الأمطار الغزيرة والفيضانات التي حدثت، لا سيما في عام 2019”.

وزارة الموارد المائية تضع الكرة في ملعب وزارة الخارجية

وزارة الموارد المائية العراقية أكدت، بخصوص مشكلة الجفاف في العراق، أنها رفعت تقريرا كاملا إلى وزارة الخارجية العراقية، يتضمن الموقف المائي في البلاد، بهدف التحرّك دبلوماسيا، لرفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية على إيران، لأنها ألحقت ضررا كبيرا بالعراق، وخالفت القوانين والمواثيق الدولية في تقاسم الضرر المائي.

وأوضحت الوزارة، في بيان رسمي لها، أن “الخزين المائي المتاح محدود، مع وجود أسبقيات لتأمين الاحتياجات المائية، خاصة مياه الشرب والاستخدامات البشرية، التي تأتي في الترتيب الأول، ثم سقي البساتين والمساحات المزروعة، وأيضا تأمين الجانب البيئي في الجزء الجنوبي من العراق، والذي يتعلق بالأهوار وشط العرب. إذ تأثرت هذه السنة بشكل كبير بسبب نقص المياه، وبدأت حالات الجفاف واضحة في مناطق كثيرة من البلاد”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.