بلغة حادة ومتشنجة، هكذا رد زعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، على دعوة زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، لإجراء انتخابات مبكرة جديدة في العراق، فما الذي قاله رئيس الحكومة العراقية الأسبق؟
قال المالكي في خطاب له بمناسبة ذكرى عاشوراء، بوقت متأخر من ليلة الاثنين، إنّ “العراق يتشكل من مكونات ومذاهب وقوميات، ولا يمكن أن تفرض عليه إرادة إلا إرادة كامل الشعب وعبر مؤسساته الدستورية التي يمثلها مجلس النواب المنتخب”.
وردّ المالكي على مطالب الصدر بالقول: “لا حل للبرلمان ولا تغيير للنظام ولا انتخابات مبكرة جديدة، إلا بعودة البرلمان للانعقاد لمناقشة هذه المطالب”.
المالكي أردف، أن “ما يقرره مجلس النواب نمضي به؛ لأن العراق ونظامه أمانة في أعناقنا، ولا يخدمه إلا الالتزام بالقانون والدستور”، على حد تعبيره.
هذا الخطاب هو الأول للمالكي، منذ دعوة زعيم “الكتلة الصدرية” لحل البرلمان العراقي وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، لا وجود للوجوه القديمة فيها، في تصويب منه نحو المالكي؛ لأنهما على عداء شخصي وسياسي منذ أكثر من 10 أعوام.
قطيعة وعداء
الصدر والمالكي ينحدران من خلفيات سياسية إسلامية، إذ يتزعم الأول تيارا شعبيا شيعيا ورثه عن والده المرجع الديني محمد صادق الصدر، فيما يترأس الثاني “حزب الدعوة”، أقدم الأحزاب الشيعية العراقية.
وتنافس الصدر مع المالكي مرارا على تزعم المشهد السياسي الشيعي. إذ يمثل الأول الخزان التصويتي الأكبر على مستوى البلاد في أي عملية انتخابية، بينما يمثل الثاني، الأحزاب السياسية الشيعية التي صعدت بعد إطاحة نظام صدام حسين في ربيع 2003 إلى المشهد.
ومنذ عام 2008 توجد قطيعة سياسية وشخصية بين الصدر والمالكي عندما شن الثاني حربا على ميليشيا “جيش المهدي” التابعة للصدر، لإنهاء انتشارها المسلح في الوسط والجنوب العراقي آنذاك، قبل أن يفتح المجال لتأسيس ميليشيات مسلّحة موالية لإيران.
في 30 تموز/ يوليو الماضي، اقتحم جمهور “التيار الصدري” المنطقة الخضراء وأقام اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار”، مقتدى الصدر وقتئذ.
الصدر وصف الاقتحام الأول للمنطقة الخضراء، بأنه “جرّة إذن” للسياسيين الفاسدين ومنهم قوى “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، قبل أن يحشد أنصاره لاقتحام الخضراء مجددا، وهو ما حدث فعلا.
تظاهرات أنصار الصدر، تأتي بعد إعلان “الإطار التنسيقي” ترشيح السياسي محمد شياع السوداني، المقرب من زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، لمنصب رئاسة الحكومة العراقية المقبلة.
لمَ الاعتراض الصدري؟
اعتراض الصدر ليس على شخص السوداني، إنما على نهج المنظومة السياسية بأكملها؛ لأنها تريد الاستمرار بطريقة حكومات المحاصصة الطائفية وتقاسم مغانم السلطة بين الأحزاب، واستشراء الفساد السياسي بشكل لا يطاق، بحسب عدد من المراقبين.
- “سنتكوم” تعلن حصيلة عملياتها ضد “داعش” في سوريا والعراق
- “الرهائن” ميزان القوى في المفاوضات يخسره السنوار
- الحجاب والبرقع ما بين الديانات الثلاث
- ميليشيا “الظافرين”: فضيحة انتصارات إيران الزائفة ووجهاً آخر للواقع
- زيارة بوتين للخليج: كواليس كسر طوق العزلة الدولية
العراق يمر في انسداد سياسي عقيم منذ إجراء الانتخابات المبكرة الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد فوز “التيار الصدري” وخسارة القوى السياسية الموالية لإيران، قبل أن تتحالف كلها معا بتحالف سمي “الإطار التنسيقي” لمواجهة الصدر.
وسعى الصدر عبر تحالف مع الكرد والسنة إلى تشكيل حكومة أغلبية يقصي منها “الإطار”، لكنه لم يستطع الوصول للأغلبية المطلقة التي اشترطتها “المحكمة الاتحادية العليا” لتشكيل حكومته التي يبتغيها.
الأغلبية المطلقة، تعني ثلثي أعضاء البرلمان العراقي، وهم 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وفي حال امتناع 110 نواب، وهم ثلث أعضاء البرلمان عن دخول جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، فسيفعّل الثلث المعطل الذي يمنع تشكيل أي حكومة.
وصل تحالف الصدر إلى 180 نائبا، ولم يتمكن من بلوغ أغلبية الثلثين، ولم يقبل “الإطار” بالتنازل له لتشكيل حكومة أغلبية؛ لأنه أصر على حكومة توافقية يشترك فيها الجميع، ما اضطر الصدر للانسحاب من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو المنصرم.
بعد انسحاب كتلة الصدر من البرلمان، أمسى زعيم “الكتلة الصدرية” يراقب المشهد السياسي من الحنّانة، وحينما وجد أن “الإطار” الذي أضحت زمام تشكيل الحكومة بيده، يريد الاستمرار بنهج المحاصصة، دفع بأنصاره للتظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء، رفضا لنهج العملية السياسية الحالية.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

“سنتكوم” تعلن حصيلة عملياتها ضد “داعش” في سوريا والعراق

ميليشيا “الظافرين”: فضيحة انتصارات إيران الزائفة ووجهاً آخر للواقع

تحت ستار الدين والمصالح: كيف تستخدم ميليشيا إيران العنف كأداة لنشر تأثيرها؟

مخاوف من استغلال “داعش” لحرب غزة لجذب مقاتلين وتكثيف هجماته بأوروبا
الأكثر قراءة

هجمات وكلاء إيران تشعل غضب “البنتاغون”: ما القصة؟

نخبة النخبة في “حزب الله”: أكبر خسارة لـ”فرقة الرضوان” بسوريا ولبنان

ما تداعيات اختطاف “الحوثيين” لسفينة في البحر الأحمر؟

ما آخر تطورات صفقة الرهائن المحتملة بين “حماس” وإسرائيل؟

كوارث وبائيّة تهدد قطاع غزّة

في قلب الفوضى: “حماس” العراق تشنّ هجوما على قاعدة عسكرية أميركية
المزيد من مقالات حول أخبار

موسكو تؤمن شحنات أسلحة إيرانية في سوريا.. ما الذي تسعى إليه روسيا؟

تراجع شعبية “حماس” و”حزب الله” لدى الجماهير العربية.. نسف لنظرية المقاومة؟

تحركات عسكرية في السويداء.. ماذا تحضر دمشق لأهالي المحافظة؟

العام الدراسي يصدم السوريين.. واقع المدارس يفضي إلى ترك آلاف الطلاب للتعليم

العراق والإمارات نحو شراكة اقتصادية متقدمة.. بغداد تتخلص من أحادية إيران؟

بيع الشعر.. وسيلة جديدة لسيدات سوريات للتغلب على الانهيار الاقتصادي

تسعيرة أسبوعية متبدلة.. المازوت يدعم مشتقات الحليب في سوريا
