عمليات الإجهاض لا تزال مثار جدل واختلافات قانونية وأخلاقية من حيث إمكانية أجرائها من عدمه، وعلى الرغم من ذلك تجرم معظم التشريعات هذه العمليات وتعاقب عليها، وفي سوريا ازدادت هذه العمليات بنسبة هائلة في الآونة الأخيرة، في ظل تردي الوضع الاقتصادي من جهة، وعدم وجود تطبيق للقوانين من جهة أخرى.

الوضع الاقتصادي أهم أسباب الإجهاض

موقع “بيزنس 2 بيزنس” المحلي، أشار في تقرير يوم أمس الأربعاء، إلى انعكاس الوضع الاقتصادي في سوريا على مختلف جوانب الحياة، ما دفع السوريون للتفكير وفق منطق الأولويات، وأولها الاستمرار في العيش، أما بقية تفاصيل الحياة فأصبح معظمها بمثابة رفاهية يبتعد عنها الكثيرون.

وأضاف التقرير، أنه في سياق هذه التأثيرات يعاني الجيل السوري الشاب من عوائق كثيرة، أبرزها ندرة فرص العمل، والدخل المنخفض، وهذا ما أثر بشكل سلبي على قراراتهم في الإقدام على الزواج كخطوة أساسية في الحياة لتكوين أسرهم الخاصة.

ونقل التقرير، عن الدكتور هيثم عباسي، اختصاصي الجراحة النسائية في جامعة دمشق، أن هناك ارتفاعا في معدلات الحمل غير الشرعي والعلاقات المحرمة خلال الفترة الأخيرة بسبب العزوف عن الزواج، فضلا عن الارتفاع الهائل بأعداد النساء مقارنة بعدد الرجال.

ولفت عباسي، إلى وجود نسبة ليست بالصغيرة من عمليات الإجهاض ناجمة عن حمل غير شرعي، وهذا بسبب الظروف الاجتماعية والمهنية، مبينا أن عمليات الإجهاض في سوريا تضاعفت خلال العشر سنوات الماضية، وازدادت بنسبة ألف في المئة، مشيرا إلى “وجود تبيعات خطيرة على صحة المرأة من جراء هذه العمليات”.

وأوضح عباسي، أنه في مقابل كل 10 استفسارات كانت ترد في الشهر قبل عشر سنوات، فقد وصلت حاليا إلى نحو100 حالة شهريا، ما يعني أن النسبة تضاعفت بمقدار 1000 في المئة، وبالتالي فإن عمليات الإجهاض التي تجري في الخفاء ازدادت بالنسبة نفسها”، معتبرا أن “السبب الرئيسي الذي يدفع البعض لهذا العمل، هو كثرة عدد الأطفال، والسبب المادي، بالإضافة للعلاقات غير الشرعية”.

إقرأ:تزايد عمليات الإجهاض في سوريا.. ما الأسباب؟

قلة في الذكور وزيادة في العنوسة

عباسي أشار، إلى أن نسبة الإناث مقابل الذكور في سوريا أصبحت متفاوتة بشدة وبات هناك 25 امرأة صالحة للزواج مقابل كل رجل صالح للزواج، معتبرا أن هناك قلة بالذكور في كل العالم وليس فقط في سوريا، حيث إن عدد الصالحين للزواج منهم تقريبا 500 مليون من أصل 8 مليارات إنسان على الكوكب.

من جهة ثانية، نقل التقرير عن المحامي، سامح مخلوف، أن سوريا تحتل المرتبة الثالثة عربيا بعد لبنان والعراق في معدلات العنوسة بحسب دراسات أخيرة أجريت عام 2019، إذ وصل المعدل حينئذ إلى 65 في المئة، نتيجة للوضع المعيشي الخانق.

ونقل التقرير، أن نسبة العنوسة بلغت 70 بالمئة، وأن هناك عزوف عن الزواج بسبب التكاليف، محذرا من حدوث فجوة خطيرة بالهرم السكاني السوري، وعدم تجدد المواليد ليتحول بعدها المجتمع السوري إلى مجتمع كهل، نظرا لعدم الإقبال على الزواج وارتفاع حالات الطلاق والتفكك الأسري، وحوادث الموت والفقدان والهجرة.

وبحسب الخبراء، فإن الزواج أصبح حلما نظرا لارتفاع التكاليف ما يؤدي إلى اتجاه الفرد لخيارات غير عقلانية، وهذا ما رفع نسبة العنوسة إلى 70 بالمئة، معتبرين أن أقل تكلفة زواج ضمن أقل التكاليف تصل لنحو 17 مليون ليرة، وضمن متوسط الأجور للشريحة الأكبر من السوريين فالأمر مستحيل.

قد يهمك:سياسات المشافي الحكومية تزيد من انهيار القطاع الطبي في سوريا

عمليات غير قانونية

تقرير سابق لـ”الحل نت”، نقل عن الدكتور هيثم عباسي، تأكيده أن عمليات الإجهاض، ارتفعت بنسبة قد تصل إلى ألف بالمئة، مقارنة عما كانت عليه قبل عام 2011، وذلك رغم أن تلك العمليات تعتبر غير قانونية ولا يسمح بها في المشافي الرسمية.

واعتبر عباسي، الازدياد الواضح في عمليات الإجهاض، سببه الجهل، كونه يوجد العديد من الطرق التي تمنع الحمل قبل الوصول لهذا المرحلة”، كما شدد على وجود تبعات خطيرة على صحة المرأة جراء هذه العمليات التي تتم في عيادات خاصة بعيدا عن الرقابة.

وحول موقف القانون من عمليات الإجهاض، لفت عباسي، إلى أن هناك حالات يجيزها القانون، لا سيما إذا كانت العملية ضرورية لصحة الأم، وبالتالي تمنح الإذن، ويتم إجراء العملية في المشفى بشكل قانوني، لافتا إلى أن أبرز أسباب الإجهاض تتمحور في كثرة عدد الأطفال، ثانيا السبب المادي، بالإضافة للعلاقات غير الشرعية.

إقرأ:ارتفاع نسبة الولادات القيصرية في سوريا لهذه الأسباب

الإجهاض بين الجدل والمخاطر

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، يعتبر الإجهاض من المواضيع المثيرة للجدل في العالم ككل، حيث يتم مناقشة القضية في دول الغرب في إطار الحرية والقانون وضمن اتجاهات سياسية واقتصادية، بينما بقي الإجهاض عالقا في الفتاوي الدينية والآراء الفقهية لرجال الدين في الكثير من الدول العربية، ودول الشرق الأوسط.

وتحظر الدول الإجهاض وتبيحه لأسباب مختلف، منها لإنقاذ حياة الأم، أو من أجل الحفاظ على الصحة (اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، لا مجرد انعدام المرض أو العجز)، أو الإجهاض على أسس اجتماعية واقتصادية (عمر المرأة وقدرتها، البغاء، الاغتصاب…)، ودول تسمح بالإجهاض ما دون الأسبوع الثاني عشر من الحمل، ومنها تركيا.

وتخرج العديد من المظاهرات المناهضة لتجريم الإجهاض في مختلف بلدان العالم، كما تسعى منظمات نسوية للحصول على قوانين تتبنى ما يسمى “الإجهاض الآمن”، حيث أعلنت حركة “صحة النساء”، العالمية يوم 28 أيلول/سبتمبر، يوما عالميا للحراك في سبيل إلغاء تجريم الإجهاض، وفي هذا اليوم من كل عام تقام العديد من الفعاليات، والنشاطات من قبل حركات نسوية ومنظمات مجتمع مدني في العديد من الدول، للمطالبة بقانون يضمن حق النساء في إجراء الإجهاض الآمن.

من جهة ثانية، أشار تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية في 2017، سجلت فيه 25 مليون عملية إجهاض غير آمنة في العالم سنويا، أغلبها في الدول النامية، مبينا أنه في معظم هذه الحالات تضطر النساء إلى دخول المستشفى للعلاج من تبعاتها، إضافة إلى 47000 امرأة تفقد حياتها جراء عمليات الإجهاض غير الآمنة سنويا، وتبلغ نسبة وفاة النساء جراء هذه العمليات 13 بالمئة من نسبة وفاة الأمهات.

قد يهمك:هرباً من الحر وغياب الخدمات.. إقبال واسع على الحدائق السورية

وفي عام 2020، ذكرت منظمة “أطباء بلا حدود” أنها قدمت أكثر من 31,100 عملية إجهاض آمن في 34 بلدا حول العالم لنساء وفتيات طلبن إجراءها، كما عالجت أكثر من 14,700 امرأة وفتاة من المضاعفات الناجمة عن الإجهاض، بحسب “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.